خاص- ثقافات
*كفاح جرار
واقيلا أننا دخلنا بقوة وثبات في زمن “الخرطي” ومن أوسع أبوابه.. والخرطي هو التعبير الشعبي عن “الفستي” أي السوء والتفاهة والكذب، وكأني بالخرط يعد فعلا قميئا سيئا وقبيحا، لا يجب تعاطيه والعمل به، أما “واقيلا” هذه فهي “قيل مع الدهشة” ولست أدري كيف تم دمجهما معا في حديث ابن الشارع، الذي ما زلت أتساءل عن حقيقة صفته، ولم أصل بعد إلى إجابة شافية تشبع فضولي في كونه ابن شارع وليس مكتب أو قهوة أو ابن أمه وأبيه.
وما بعد هذا الزمن سيكون الرسم والحسم والفصل، وهذا ما قيل عنه في الأثر “الهرج والمرج” أي كثرة الدماء والقتل، والأنكى أن القاتل والمقتول يظنان أنهما من المهتدين، وقداختلط الأمر على أولي العقل والنهى، فلم نعد نعرف الرجل الصالح من الرجل الطالح والمالح، حيث عكس الانقلاب نفسه حتى على اللغة واللسان والمعرفة والبيان.
وإلا.. كيف يتجادل عقلاء في أحقية وأهمية لسانهم، ويتعصبون ويتناطحون من أجل لغة غيرهم.. وكيف يفخر أناس بما لا فخر فيه، وكيف يتعصب قوم لفرقة وجهوية هم يعرفون أنها من صناعة غيرهم، أليست الحدود الإقليمية بيننا صناعة استعمارية؟.
لماذا تمسكنا بها، وحاربنا وتحاربنا من أجلها بل وزدنا في ترسيمها وقوننتها.؟.
وقد قيل وما أقل صدق من قال وقيل، أن الناس باتوا يفرون من أوطانهم سعيا وراء الأمن والعمل، وقد كانوا يصنعون ذلك قديما سعيا وراء الكلأ والماء، وفي كتاب الله تعالى أخبرنا سبحانه عن شعب هرب ومات وحيي، بقوله تعالى.. ( ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون.
هنا اختلف الناس في العدد ونسوا المعدود والسبب، وبيان ذلك..
قد قيل في عدد القوم المذكورين، عن عطاء الخراساني أنهم كانوا ثلاثة آلاف وقال وهب أربعة آلاف وقال مقاتل والكلبي بل ثمانية آلاف وقال أبو روق، عشرة آلاف وقال السدي، بضعة وثلاثون ألفا وقال ابن جريج هم، أربعون ألفا وقال عطاء بن أبي رباح، بل سبعون ألفا وأولى الأقاويل، كما قال المفسرون، قول من قال كانوا زيادة على عشرة آلاف لأن الله تعالى قال ” وهم ألوف” والألوف جمع الكثير وجمعه القليل آلاف ولا يقال لما دون عشرة آلاف ألوف.
التهوا بالقشور ونسوا الجواهر والأصول.
هنا للـ “واقيلا” آنفة الذكر مفعولها السحري، وهو ما جعل ابن الشارع يحافظ على مواقعه ويظل ابن شارع لم يتقدم خطوة واحدة، وكيف يتقدم إذا كان الفقهاء وما شابههم يتجادلون في عدد مجهول فاق الألوف، ثم نسوا لماذا كانوا يتجادلون فيه، بمثل هؤلاء والفضل لهم وحدهم، سيظل ابن الشارع ابن حارة وزقاق حتى إشعار آخر، وكل الرجاء والمنى ألا يصبح ابن شيء آخر، وأيضا بفضلهم.
ويظل السؤال من يكون هؤلاء الذين خرجوا فرارا من الموت فكتب عليهم الموت الذي فروا منه، ثم عاد الحي القيوم المحيي المميت فأحياهم، لقد فروا من المميت ونسوا أنه المحيي.
وهذا مثل الإنسان الذي يفر من السبب ولا يفر من المسبب، كمن يستجير بجهنم من النار، أو كمن يعبد الله تعالى في الشدة وينساه في الرخاء، ومثل هؤلاء لا يفلحون.
الفرار الحق يكون منه إليه سبحانه، ولو صنعنا لتغيرت أحوالنا، طالما فينا من يؤكدون ويقسمون أن لا رفعة لنا إلا بذلك.
وتلك هي عقلية الرجل الموصوف بالشرقي صاحب النشأة الدينية الرجعية المتخلفة والتقليدية.. والافق الضيق التعيس والرديء..الذي يسمح لنفسه بعشق نصف نساء الارض، بل وربما اللهو والعبث معهن بإرادتهن أو بمعسول الكلام.. ولا ضير عنده ان يشارك في فراشه كل يوم امراة.. ولكن إن وصل الأمر الى ابنته وشقيقته…الخ فإنه ينتفخ شرفا ورجولة وفحولة.
كم أنت غبي وتافه أيها الأحمق..يوم أضحى شرفك/ وهو مسألة شخصية وذاتية، مجرد “فرج امرأة حتى لو كانت أختك”.. قد يبيعها باسم زواج هو مجرد صفقة مادية مربحة، لمن يدفع أكثر وبدون تسهيلات ولا تخفيضات .. ولكن إن فكرت هذه المرأة أن تعشق وتحب او فكرت بالحب فالويل لها والثبور.
وفو كل ذلك يبرر فجوره وفسقه باسم الدين، وكأن الذي عليه وله ليس كالذي عليها ولها، تلك حماقات المتخلفين ذوي العقول الموتورة.
كان الله بعون نسائنا وأطفالنا على ذكور بعقليتنا الرديئة والخبيثة.
وقد صار الدين الذي جاء منظما ومثمرا ومؤطرا للحياة الاجتماعيبة وغيرها، وسيلة ضغط وإكراه بيد رجل، يظن أن له سلطة على كل ضعيفة ذات صوت ناعم وشعر طويل.
هل رضيت بهذه السلطة وتنعمت بها، إذن كن على الأقل جديرا بها ولا تتاجر بسلعة تزعم أنها لحمك ودمك.