قائمة “مان بوكر” البريطانية: أولئك الذين لم يحالفهم الحظ

*سناء عبد العزيز

وسط أجواء من الإثارة والترقب- التي عادة ما تسبق إعلان القائمة الطويلة لجائزة “مان بوكر” البريطانية – ظهرت الكثير من التكهنات حول من ينبغي أن يكون على القائمة الطويلة لهذا العام. وبخاصة بعد أن فتحت الجائزة أبوابها للرواية المكتوبة بالإنكليزية من كافة الجنسيات منذ ثلاث سنوات، جاذبة إلى دائرة الضوء أعمالا متفردة مثل رواية “مشروعه الدموي” لغرايم ماكراي بورنيت، و”تاريخ موجز لسبعة قتلى” لمارلون جيمس؛ وأصبحت تلك التكهنات أكثر صعوبة من ذي قبل.

هكذا تأتي قائمة بوكر في يوليو/تموز من كل عام بسلسلة من المفاجآت، وفي هذا العام تحديدًا، حيث بلغت الأعمال المقدمة 156 رواية، أشارت التوقعات بقوة إلى أعمال بعينها لكوكبة من أهم الكتاب الذين شملتهم القائمة بالفعل والبعض ممن لم يحالفه الحظ.

وكان من بين هذه الأعمال “أيام بلا نهاية”؛ الرواية السابعة للكاتب المسرحي والشاعر والروائي الايرلندي سيباستيان باري، وهي ملحمة مؤثرة عن الحروب الهندية والحرب الأهلية الأميركية، سبق أن حصدت العديد من الجوائز منها جائزة كوستا بوك 2016، وجائزة والتر سكوت 2017. و”السكك الحديدية تحت الأرض”  للروائي الأميركي كولسون وايتهيد المعروف برواياته المبهرة مثل البديهي، أيام جون هنري، والمنطقة 1، وتدور روايته حول العبودية عبر حكاية عبد هارب يجتاز في هروبه شبكة من السكك الحديدية تحت الأرض. و”الخريف” للكاتبة الأسكتلندية إلي سميث التي تتطرق إلى فكرة الثقافة والزمن عبر شخصيتين؛ إحداها فنان يعيش في مدينة إيطالية، والآخر مراهق في ستينيات القرن الماضي. و”وقت التأرجح” الرواية الخامسة لزادي سميث وتدور حول الصداقة والفشل، وهي تتماس مع رواية إيلينا فيرانتي الكاتبة المتوارية خلف هذا الاسم المستعار في روايتها “صديقتي المذهلة” من حيث الشخصيتين الرئيسيتين؛ فتاتان تقطنان في المناطق السكنية المجاورة بلندن، وتلتقيان في فصل للرقص، واحدة (لم يذكر اسمها) تتميز بالذكاء وعدم الثقة في النفس، والأخرى (تراسي) التي تشبه شخصية ليلا في “صديقتي المذهلة” لفيرانتي، فتاة معتدة بذاتها ومدمرة لها في الوقت نفسه.

عودة بول أوستر

ويعود بول أوستر بعد غياب سبع سنوات عن آخر رواية صدرت له، بروايته “4321” التي تختلف كلية عن نتاجه السابق، وتتناول مرحلة الطفولة فى حياته، كما تستكشف حياة أربع شخصيات لرجل واحد في وقت واحد.

وزارة السعادة القصوى

وبالطبع “وزارة السعادة القصوى” للفائزة ببوكر مان عام 1997 الكاتبة الهندية أرونداتي روي، بعد عشرين عاما من صدور روايتها الأولى “إله الأشياء الصغيرة”، ليتم إدراجها في القائمة الطويلة للمرة الثانية إذ قوبلت بردود أفعال مختلطة، بتناولها لقضية شائكة تخص الأعراف والتقاليد الهندية المقدسة لدى الجميع، مما أدى إلى تهييج المجتمع الهندي رداً على هذا التناول. و”البيت الذهبي” لسلمان رشدي، وهي تستكشف الحياة في أميركا إبان رئاسة أوباما قبل خروجه في سبتمبر الماضي. والكاتبة رودي دويل بروايتها “ابتسامة” التي عالجت الاعتداء على الأطفال في مدارس الإخوان المسيحيين.

كما ذهبت التوقعات أيضا وهذه المرة بقوة إلى روايتين بعينهما؛ “لينكولن في المقبرة” لجورج سوندرز – وهي رواية قصيرة- تتميز ببنائها الهزلي وتوصيفها وقوتها العاطفية. والثانية هي “صهريج 13” لجون ماكغريغور، لتعدد أصواتها وبراعتها في رصد الإيقاعات البشرية والحيوانية والنباتية للحياة في قرية إنكليزية.

وجاءت رواية “مخرج الغرب” لمحسن حامد بمثابة رد قوي ومثير للتفكير لمأزق الهجرة، فضلا عن كونها قطعة أصلية بشكل لا يصدق.

ومن الروايات المثيرة للشغف، “هوم جوينج” لييا جياسي، في رصدها للعبودية وآثارها على مدى مئات السنين.

في حين أن رواية “العظام الشمسية” لمايك ماكورماك التي عالجت فكرة الحياة والموت في أيرلندا الريفية، وهي ليست الوحيدة في هذا التناول. لم تكن لتتأهل بالفوز كما حدث في العام الماضي، لولا أن تقدمت بها هذا العام دار النشر كانونجات وطالبت بمكان لها في القائمة.

وهناك الكاتب الأيرلندي برنارد ماكلافيرتي بروايته المثيرة للإعجاب، “استراحة منتصف الشتاء” حول تفاصيل صغيرة عن رحلة زوجين مسنين إلى أمستردام، وصورت الشيخوخة بحروف غائرة تشبه تجاعيد الوجه، وكذلك إدمان الكحول والإيمان والمحبة.

 وكان من ضمن الأسئلة المطروحة : هل يمكن أن يحالف الحظ في هذا العام الناشر جالي بيجر بـ”نحن هؤلاء الشباب” لبريتي تانيجا التي تعيد فيها صياغة الملك لير في الهند المعاصرة بتأثير رائع. أو ربما أونيورلد، ناشر بول بيتي ومارلون جيمس، وهل يمكن أن يكونا معا في طابور واحد مع رواية نيكول دينيس “هنا تأتي الشمس”، التي تتحدث عن الحياة الشاقة لنساء الجامايكي.

13 مكاناً فقط

 كما كان من المرجح من الولايات المتحدة رواية “الغنائم” عن حرب العراق للمحارب القديم براين فان ريت، والرواية التي كتبها حديثا غابرييل تالنت “حبيبي المطلق”. والرواية المتميزة “حياة صغيرة” التي تحتوي نفس الكثافة الميلودرامية ونفس قدر الصدمة، غير أنها كتبت بمنتهى البراعة، كما أنها أقل عرضة لاتهامات دغدغة المشاعر.

أيضًا من الكتب الرائعة التي تستكشف الإبداع النسائي (أبرياء وآخرون) للأميركي دانا سبيوتا، ورواية غويندولين رايلي “الحب الأول” والايرلندية سارة باوم بروايتها “خط صنعه المشي”. وغنائية زنزي كليمونس “ما نخسره” وهي عبارة عن تأملات في الثكل والعرق والهوية والجنس من خلال مجموعة من القطع النثرية، والرسوم البيانية، والقصائد الغنائية، أو “حين أسدد لك ضربة” للهندية مينا كانداسامي. أو عمر روبرت هاميلتون بروايته “المدينة دائما تفوز”، التي تعتبر تأمل داخلي للأمل والفوضى والاحباط والأهوال جراء فشل الثورة في القاهرة 2011، وهي رواية سياسية من الدرجة الأولى.

ظهرت الكثير من التوقعات أيضا لأعمال متفردة بالفعل من مثل “النجمة الدافئة” لينغديل دافينا لانغديل، وكان كريستوفورا تيم مورفي من بينهم – ولكن في النهاية، كان هناك 13 مكانا فقط في القائمة، شملت “4321” بول أوستر،”أيام بلا نهاية” سيباستيان باري، “تاريخ الذئاب” لأميلي فريدلوند، “مخرج الغرب” محسن حامد، “عظام شمسية” مايك ماكورماك، “صهريج 13” جون ماكغريغور، “إلميت” فيونا موزلي، “وزارة السعادة القصوى” أرونداتي روي، “لينكولن في المقبرة” جورج سوندرز، “حريق منزل” كاميلا شامزي، “الخريف” إلي سميث، “وقت التأرجح” زادي سميث، “السكك الحديدية تحت الأرض” كولسون وايتهيد، أربعة من بريطانيا، وأربعة من الولايات المتحدة، واثنان من ايرلندا، وكاتبان بريطانيان من أصل باكستاني وكاتبة واحدة من الهند؛ ومن ثم لم تتسع القائمة الطويلة لمؤلفات رائعة كان ينبغي أن تكون على قائمة بوكر لهذا العام.
________
*ضفة ثالثة

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *