“النَّزعة الوجوديَّة في نَماذج من القصَّة النِّسْويّة الأردنية”… رسالة ماجستير في جامعة فيلادلفيا

خاص- ثقافات

    

أوصت اللجنة المكوّنة من: الدكتور غسان عبد الخالق مشرفًا ورئيسًا، والدكتور حسن عليان مناقشًا، والدكتورة نداء مشعل مناقشة، والدكتورة صبحة علقم مناقشة خارجية، بمنح الباحث عبد الله إبراهيم محمود الحاج علي درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها. وكان الباحث تناول في أطروحته “النزعة الوجودية في نماذج من القصة النسوية الأردنية”، في قصص كل من: (بسمة النسور، جميلة عمايرة، جواهر الرفايعة). عبر مقدمة، وتمهيد، وفصلين وخاتمة، حيث خُصصت المقدمة للحديث عن مشكلة الدراسة وأهدافها وأهميتها ومنهجها والدراسات السابقة التي أفادت الدراسة منها.

وتناول في التمهيد: مفهوم الوجودية لغة واصطلاحًا، وبيّن أهم ملامحها؛ كالوجود الذي يسبق الماهية، والحرية والاختيار، والقلق، والموت. ثم عرض للعلاقة بين الإبداع الأدبي والفلسفة الوجودية، وذلك من خلال: الدعوة إلى الالتزام بالعمل الأدبي، والعلاقة الجدلية بين القراءة والقارئ أو بين النص والمتلقي، وضرورة الحرية للإنسان. وكذلك تناول القصة النسوية الأردنية، وما تميزت به من إثراء الحوار حول الحداثة، والمزج بين القصة والفنون الأدبية الأخرى، والاتجاه نحو المشاهد واللقطات السينمائية، والقصة السيكولوجية.

وعالج في الفصل الأول: العبث واللاجدوى والاغتراب في قصص (بسمة النسور، وجميلة عمايرة، وجواهر الرفايعة)، وقد تجسدت هذه المقولات الفلسفية في قصص القاصات، عبر مجموعة من الطروحات والتساؤلات عن مصير الإنسان الذي ينتظره، واستكناه كثير من الحقائق الكامنة في الحياة، فضلاً عن البحث عن سبل تمظهر الذات الفردية، ومحاولة تحقيقها في خضم الصراعات والتناقضات. كما سعى إلى تجلية مظاهر الاغتراب في قصص (بسمة النسور، وجميلة عمايرة، وجواهر الرفايعة)، فعرض لأبرزها كالاغتراب الوجودي، والاغتراب النفسي، والاغتراب العاطفي.

وجلّى في الفصل الثاني البنية الفنية في قصص هؤلاء القاصات، فتناول: رسم الشخصية، واللغة، والحوار الداخلي والخارجي. فكشف عن الطريقة التي صُورت وفقها شخصيات كل من القاصات الثلاث، كما أتى على طريقة تشكيل اللغة في أعمالهن، من حيث المراوحة بين اللغة الفصحى واللهجة المحكية، وتضمين بعض الجمل الغنائية، هذا بالإضافة إلى بيان دور الحوار بنوعية في تجلية الشخصيات المتحاورة، وما يدور في خلدها من آمال وآلام.

وقد خلص الباحث إلى مجموعة من النتائج والتوصيات، أبرزها ما يلي:

أولاً: لم تبق الفلسفة الوجودية حبيسة الطروحات الدراسات النظرية، بل طالت الفنون الأدبية الشعرية والنثرية على حد سواء؛ إذ شكل الخطاب الأدبي مساحة رحبة، ومجالاً واسعًا أمام مبادئها وأفكارها؛ نظرًا لشعور أعلامها بأن الدراسات والأبحاث الفلسفية المجردة –بما تمتاز به من جفاف وصعوبة- قليلة التأثير في غير المتخصصين في الدراسات الفلسفية، مقارنة مع الخطاب الأدبي الذي يمتاز بقوة الإبلاغ والتأثير معًا، ومن هنا حرصت على أن تكون علاقتها بالخطاب الأدبي علاقة حميمة، لتستقطب أكبر شريحة من المتلقين أنصارًا لها.

ثانيًا: تجلّى العبث واللاجدوى في قصص القاصات الأردنيات الثلاث في غير حالة؛ كالعلاقة الجدلية بين الموت والحياة، ومحاولة التخلص من هذه الثنائية المؤرقة، وذلك من خلال منح الوجود الفردي قيمة إيجابية، وعدم الاستسلام لليأس والقنوط؛ إذ إن الإعلاء من شأن الذات وشأن الوعي الفردي، يؤكدان معنى الوجود الإنساني. وكذلك المشاركة الفاعلة في الحياة التي تمنح الحياة قيمة ومعنى من جهة، وتمنح الذات حريتها من جهة أخرى، فالقدرة على الفعل صنو الحرية.

ثالثًا: جسدت شخصيات القاصات حالات شتى من الاغتراب، يعود بعضها إلى الاغتراب الاجتماعي بفعل التقاليد والأعراف الصارمة، والنظرة الضيقة للمرأة في بناء الحياة الاجتماعية، ويعود بعضها الآخر إلى الاغتراب الوجودي المتمثل في إخفاق الذات الإنسانية في تحقيق ذاتها، وامتلاك حريتها الكاملة، فولّد لديها حالة من التمرد والرفض كما يعود بعضها إلى الاغتراب النفسي المتمثل في الشعور بالقلق والتوتر واليأس والإحباط والتشاؤم.

رابعًا: جاءت اللغة القصصية في مجموعاتهن مفعمة بالألفاظ التي تتقاطع مع لغة الوجوديين، وقد هيمنت هذه الألفاظ على تصوير تصرفات الشخصيات وأفعالها؛ كالتعبير عن الفراغ، والقلق، والتوتر، والعبثية، والعدمية واليأس، فمعظم الشخصيات يحيين القلق ويكابدنه.

خامسًا: إجراء المزيد من الدراسات التي تستبطن العلاقة بين الخطاب الأدبي والفلسفة الوجودية، سواء أكان ذلك في النصوص الشعرية أم في النصوص السردية.

سادسًا: البحث عن الحمولات الفكرية التي تنطوي عليها النصوص الأدبية المختلفة، والتوقف عند أسبابها ودوافعها، وبالتالي تعزيز التوجّهات التقدمية منها؛ إذ لا يمكن إغفال دور الأدب في النهوض بالمجتمع وتطوره.

سابعًا: الاعتناء بإجراء المزيد من الدراسات الموجهة للأدب النسوي، ولا سيما في الأردن.

ثامنًا: تعزيز الدراسات التي تتناول العلاقة بين الأدب والفلسفة بوجه عام.

تاسعًا: تعزيز الدراسات التي تستهدف الأدب الأردني بحقوله المختلفة من قصة، ورواية، وشعر.

ويذكر أن برنامج الماجستير بقسم اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب والفنون بجامعة فيلادلفيا، يضم الآن ثلاثين طالبًا وطالبة، وقد خرّج القسم حتى الآن 12 طالبًا توزعت أطروحاتهم على حقول الأدب والنقد واللغة قديمًا وحديثًا.

شاهد أيضاً

لا شيءَ يُشبه فكرَتَه

 (ثقافات)  نصّان  مرزوق الحلبي   1. لا شيءَ يُشبه فكرَتَه   لا شيءَ يُشبه فكرتَه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *