منذ تأسيسها كوصية مكتوبة للمخترع السويدي الراحل ألفرد نوبل عام 1895، سجلت جائزة نوبل بأفرعها الستة ومع بداية إعلان انطلاقها رسمياً عام 1901 رقماً زهيداً وربما مخيباً لآمال المسلمين الطامحين بالحصول على عددٍ أكبر من جوائزها، فمن بين 900 فائز من مختلف مِلل ونِحل بلدان العالم طوال مسيرة منحها، حصل فقط عشرة مسلمين عليها في مجالات متنوعة أي ما نسبته %0.01 بعددٍ يقترب من خانة الصفر للأسف الشديد، ولا تستغرب أخي القارئ إن عرفت أن عدد النساء المسلمات الفائزات بينهم هو ثلاثة بالتمام والكمال حتى تاريخ كتابة هذه السطور.
بالنسبة لكثيرين قد تكون مظلومية الأديبات في العالم الإسلامي معروفة، وتتجلى في العديد من أعمالهن الإبداعية القائمة، وفق ثيمات القهر والحرمان والتهميش وفقدان الحقوق والظلم الاجتماعي ووأد الحريات وغيرها من موضوعات أخرى تناولنها ببراعة في جميع منجزاتهن الأدبية المزدانة بالخيال الواسع، سواء بقصصهن أو رواياتهن أو حتى أشعارهن، ولكن في الواقع يبدو أن مظلوميتهن بالحصول على جائزة نوبل واحدة ويتيمة في الأدب أشد وأمرّ في نهاية المطاف.
تتوارد بين الفينة والأخرى أخبارٌ سارة تتصدر المشهد الإعلامي في بلداننا العربية والإسلامية، معلنة بتفاصيلها التفاؤلية المفعمة بروح الأمل عن ترشيح اسم أديبة مسلمة للفوز بجائزة نوبل للآداب من أجل اللحاق بركاب الأمم المتقدمة، أو في محاولة جميلة للانضمام إلى قائمة الأدباء المسلمين الذكور الفائزين ممن سبقوهن بالحصول عليها في فتراتٍ سابقة، وهما المصري نجيب محفوظ عام 1988 والتركي أورهان باموك، عام 2006 وهذا أضعف الإيمان.
ومن بين تلك الأسماء الست المطروحة بالتناصف لأديباتٍ مسلمات، ثلاث منهن عربيات وثلاث غير عربيات بترشيحات رسمية مثبتة في سجلات الجائزة والمنشورة على موقعها الإلكتروني www.nobelprize.com المُحلق بفضاء الشبكة العنكبوتية، نتذكر هنا وبشوق حلم الفوز الأول بهذه الجائزة الرفيعة، والذي لم يكتمل بالطبع، وحسرة مرارة الفراق الأخير لرحيل بعض هؤلاء الأديبات المرشحات عن دنيانا من دون أن يشهدن تكريمهن بهذا الإنجاز العظيم الذي لم يتحقق يوماً ما.
◗ الجزائرية آسيا جبار
ربما لم تحظَ كاتبة عربية أو مسلمة بذلك القدر الهائل من الترشيحات لجائزة نوبل في الآداب كالروائية الجزائرية الراحلة آسيا جبار (1936 – 2015)، حيث تكرر طرح اسمها دائماً خاصة في العقدين الأخيرين، حتى أنها سُميت بمظلومة نوبل نظير استبعادها من قائمة الفائزين باللحظات الأخيرة في كل مرة، ولجبار حضور أدبي كبير في الأوساط الثقافية العربية والفرنكوفونية لما تملكه من رصيدٍ إبداعي حافل بالمنجزات الفنية الزاخرة بالتنوع الكتابي، بالإضافة إلى كونها مخرجة سينمائية، وقد أثرت المكتبة العالمية قبل رحيلها منذ عامين بأكثر من عشرين كتاباً، تراوحت بين روايات ومجموعات قصصية ومسرحيات ودواوين شعرية وغيرها.
◗ المصرية نوال السعداوي
رُشحت الكاتبة المصرية الدكتورة نوال السعداوي، المولودة في القاهرة عام 1930 لجائزة نوبل للآداب ثلاث مرات، وكانت آخرها تلك التي جرت في العام 2015، وكثيراً ما تثير السعداوي الجدل بشخصيتها الصدامية المجاهرة بطرح آرائها الجريئة التي يرى فيها كثيرون في بلدها مصر والعالم العربي خروجاً غير مألوف على تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، مثلما يرى معارضو أفكارها السياسية بالسلطة في تصريحاتها الإعلامية خروجاً غير مبرر على النظام، مما عرضها للسجن في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وللدكتورة السعداوي- وهي طبيبة وروائية وناقدة- أكثر من أربعين كتاباً تناول معظمها موضوعات شائكة كتابوهات، وخاضت حروباً عاتية لتفسير وتبرير وجهات نظرها المدونة في مؤلفاتها المختلفة تلك، حول قضايا مصيرية ثابتة ومحسومة في داخل مجتمعها المصري وخارجه طوال تاريخ مسيرتها الإبداعية.
◗ السورية غادة السمان
وفي رصيد الأديبة السورية غادة السمان، المولودة في دمشق عام 1942 ترشيحٌ واحد لجائزة نوبل للآداب عام 2013 في سجل المتنافسين على هذه الجائزة المعروفة بمنزلتها العالمية العالية بين الأدباء والمثقفين في أرجاء المعمورة كافة، فحينما طُلِب من المفكر والمؤرخ والأكاديمي التونسي الدكتور هشام جعيط ترشيح اسم عربي من قبل القائمين على هذه الجائزة الرفيعة في السويد، لم يتردد ابدا ومن دون شك بإدراج اسم غادة السمان لما تمثله من قامة أدبية سامقة في الأوساط الثقافية العربية، ولأسباب أخرى جوهرية ذكرها في رسالة منشورة بمُجمل رده على مقدمي ذلك الطلب حينها، ففي جعبتها الإبداعية أكثر من خمسين مؤلفاً تنوعت فنونها الكتابية ما بين قصص قصيرة وروايات ونصوص شعرية بالإضافة إلى النقد الأدبي وأدب الرحلات.
◗ الإيرانية سيمين بهبهاني
كما رُشحت الشاعرة الإيرانية الراحلة سيمين بهبهاني (1927 – 2014) والملقبة بسيدة الغزل في بلادها، لهذه الجائزة التي يحلم مبدعو العالم من الجنسين بالظفر بها دائماً، مرتين؛ الأولى عام 1997 والثانية عام 2006، وكانت الأديبة بهبهاني قد تحملت الكثير من المضايقات التي تعرضت لها من السلطات الإيرانية، بسبب مجاهرتها القوية في رفض سياساتها التمييزية ضد النساء هناك، مما عرضها للحرمان من حق السفر ومغادرة إيران للمشاركة بالمؤتمرات والندوات منذ لحظة مصادرة جواز سفرها حينها، وفي رصيد أعمالها الإبداعية أكثر من عشرين ديواناً شعرياً وقصائد أخرى مغناة تحفظها عن ظهر قلب ذاكرة أجيال ما قبل الثورة وبعدها، وكان اقتباس جزء من أشعارها الحماسية لفتة كريمة من الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما حينما ختم بإحدى قصائدها الباعثة على الأمل والتفاؤل خطابه الجماهيري بمناسبة ذكرى حلول عيد النوروز (رأس السنة الفارسية) أمام المشاهدين حول العالم في التلفاز عام 2011 والتي تقول فيها:
وطني.. سوف أبنيك من جديد
وسأتعلم أحاديث الحب المديد
ولأشارك جيلي ونسلي البعيد
◗ التركية ليلى إربيل
تُوجت أعمال الروائية التركية ليلى إربيل (1931 – 2013) والتي تخطت حاجز العشرين مؤلفاً في مجالي القصة القصيرة والروائية بخبر ترشيحها لجائزة نوبل للآداب عام 2002، بعد مسيرة كتابية حافلة بالإبداع كانت قد بدأتها بنشر مجموعتها القصصية الأولى (نداف القطن) عام 1961 لتتوالى إنجازاتها الأدبية تباعاً.
◗ الهندية كمالا سورايا
تُعتبر الأديبة الهندية الراحلة كمالا سورايا (1934 – 2009) من أقدم الكاتبات المسلمات في العالم اللاتي تم ترشيحهن لنيل جائزة نوبل في الآداب بفترة مبكرة تعود إلى عام 1984، فرغم أنها كانت هندوسية الديانة وتنتمي تحديداً إلى طائفة الناِيِر المعروفة بمستوى تعليم أفرادها العالي، وكانت تنشر كتاباتها باسمها الأدبي السابق كمالا داس، أي قبل أن تعلن إسلامها عام 1999، ولتكرس جُل كتاباتها وآرائها ومواقفها اللاحقة في خدمة الدين الجديد، والذي تحملت الكثير بسبب اعتناقها له نظراً لشعبيتها الأدبية المعروفة في الأوساط الثقافية، والتي حققتها من خلال تجاربها الإبداعية المختلفة بولايتها كيرلا الواقعة في جنوب بلادها الهند، وللكاتبة سورايا أكثر من ستين مؤلفاً باللغتين الإنكليزية والمالايالمية (لغة سكان ولاية كيرلا الهندية) تنوعت بإصدارتها لتشمل فنونا كتابية مختلفة؛ كالشعر والقصة القصيرة والرواية وكتابة السيرة الذاتية وغيرها.