خاص- ثقافات
*يوسف غيشان
كان الكاتب الروائي الروسي العظيم تورغينيف يتمشى مع الروائي الروسي الأكبر ليف تولستوي ، وقد مرّا من قرب حصان مخصي عجوز ومنهوك القوى. يقول تورغينيف متذكرا:
-….اقتربنا من الحصان، من ذلك المخصي التعيس، فأخذ تولستوي ينظر اليه، ويردد في الوقت ذاته ما كان يجب أن يشعر به ذلك الحصان ويفكر فيه، حسب رأيه. فأصغيت اليه مصادقا. لم يكتف تولستوي في أن يضع نفسه في موضع هذا المخلوق التعس، بل وضعني أنا ايضا هناك، فلم أصطبر، وقلت له:
– اسمعني يا ليف نيقولايفتش، لا بد أنك كنت حصانا في وقت ما!.
انتهى الإقتباس.
طبعا لم ينقل لنا التاريخ ماذا رد تولستوي على تورغينيف آنذاك، لكننا نعرف رده الفني في اواخر حياته ، حيث كتب روايته القصيرة (الذراع) التي يتحدث فيها على لسان حصان هرم مخصي، فوضع العالم كله في الجو، وليس مستر توغينيف وحده.
وفي ذات الزمان والمكان كتب أنطون تشيخوف قصة قصيرة، تتحدث حول حوذي مات ولده الوحيد ، فكان يجرّ الحديث مع الراكب ليتحدث عن وفاة ابنه اليوم، لكن الركاب جمبعا كانوا يصدونه ويرفضون سماع الحديث، حتى زملاءه لم يسمحوا له بإنهاء الحديث حول ولده المتوفى…الكل مشغول عنه وغير مهتم.
ما كان من الحوذي الا ان شرع في الحديث حول مأساته بولده الى حصانه الهرم، الذي ولم ينهره ولم يسكته.
تحضرني هنا رواية (وداعا يا غولساري) للروائي السوفييتي جنكيز ايتماتوف.تأثرت كثيرا في هذه الرواية في فترة ما يسمى بالشباب، وهي في الواقع شيخوخة مبكرة، بطل الروايه ختيار عجوز سوفييتي عاش طويلا مع حصانه المخصي الهرم ، فصار يستعرض حياته ويشكو همومه للحصان وينتقد التراجع في الروح الشيوعية السوفياتيه..ربما لو تنبه القادة السوفيات (اقصد الشرفاء منهم والمخلصون فقط) الى مضمون الرسالة بالإضافة الى الرسالة التي وضعها الكاتب في روايته “السفينه البيضاء” ، حيث مات الطفل في الرواية ..لو انتبهوا لكانوا حاولوا منع السقوط الكبير الذي اذلنا جميعا.
عندما سأل النقاد جنكيز ايتماتوف وانتقدوه لأنه أمات الطفل في الرواية ، وهو الأمل، قال لهم:
-
اقول لكم اذا بقينا على هذه الحالة سوف يموت الطفل .