خاص- ثقافات
*عدنان الصباح
حتى اليوم لم يجد تعبير أو مصطلح الاستدامة تفسيرا يمكن الركون إليه علما وقد حاول العديدين تقديم تفسير شامل لمصطلح الاستدامة بدءا من الأمم المتحدة حيث عرفته مفوضية الأمم المتحدة للبيئة والتنمية في 20/3/1987 على انه ” التنمية المستدامة هي التنمية التي تفي باحتياجات الوقت الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة.” (1) في حين أن التفسير اللغوي لكلمة استدامة في معجم المعاني الجامع _ عربي … عربي – أن استدام الشيء أي استمر وثبت ودام علما أن المرجو من المصطلح هو التطور والتقدم وتحقيق انجازات جديدة تمكن البشرية من الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أفضل وتحقيق منجزات يمكن الاعتماد عليها كأساس لخطوة أخرى ايجابية إلى الأمام كما أن الترجمة الحرفية لكلمة sustainability الانجليزية بكلمة استدامة هي ترجمة مجزوءة وحرفية لا تليق باستخدامها كمصطلح لا وجود له في اللغة الانجليزية التي تستخدم الكلمة عادة بمشاركة كلمة توضيحية أخرى ليصبح الأمر واضحا فالكلمة ولذا فان ترجمة المصطلحات بعيدا عن علاقتها بالواقع يفقدها القدرة على التأثير العملي خلال التطبيق والسعي نحو الوصول للمرجو.
الهدف المرجو من كلمة استدامة هو توفير الظروف وتهيئة المناخات المختلفة لقدرة البشر أو جزء منهم على تحقيق النمو والتطور دون انقطاع وصولا لرفاهية البشرية بشكل عام أو تهيئة الظروف لإعطاء شعب ما الأرضية الصلبة للانتقال من التخلف إلى التقدم أو تحقيق تطور على طريق اللحاق بركب التطور الإنساني بشكل عام وهو ما تحتاجه البلدان العربية فالاستدامة هنا بالمعنى اللغوي تعني بقاء الحال على ما هو عليه وهو ما لا نريده وقد يكون من المناسب أكثر استبدال الكلمة بمعناها اللغوي لتصبح بمعناها الاصطلاحي وحصرها بالتعبير الأكثر دقة وهو التنمية المستدامة رغم عيوبه التي تقدمه كمضمون مادي جاف يظهر منه انه يحدد نشاطه في المكونات المادية للحياة بمعنى التنمية الاقتصادية ولا يبدو من المصطلح القصد الأهم وهو تطور المجتمعات وتلبية احتياجاتها لنصل إلى تعبير أكثر دقة ( مواصلة النمو الإنساني ) ومواصلة هنا تعني انعدام الانقطاع أو التوقف أو التراجع وهي تملك شمولية أكثر من كلمة مستدام فالاستدامة قد تعني الثبات بعض الأحيان بمعنى دام أو ثبت كما في معجم المعاني الجامع في حين أن مواصلة وفي نفس المعجم تعني بكلمة واصل العمل ” متابعته والدوام عليه ” كما أن لها معنى التواصل الإنساني وبذا يمكن القول أن مواصلة النمو الإنساني تحدد الغايات المرجوة من استخدام لفظ الاستدامة ويمكن اختصارها بكلمة ” مواصلة ” وتفريخها لمواصلة النمو أو مواصلة التطور أو مواصلة الانجاز وتعبير مواصلة إنساني يكرس أولا ثبات أن الأمر ليس اختلاقا أو مصطنعا بل هو استمرار لتطوير ما هو قائم ففي معجم المعاني المترادفة والمتضادة تفسر كلمة مواصلة على أنها اسم وتعني ” استمرار, متابعة, مثابرة, مضي” في حين يبين المعجم أن أضداد كلمة مواصلة هي ” إحجام, إمتناع, إهمال, إنقطاع, تكاسل, تقاعس, توقف, كف” وهنا يبدو جليا الفرق بين مواصلة بمعنى الاستمرار والتطور وبين القطع في المعاني المضادة والتقاعس مثلا والتكاسل والإهمال بمعنى عدم القدرة على وحتى لو جرى استخدام كلمة مواصلة منفردة فهي لا تعني الثبات بل تعني الحركة والحركة بكلمة مواصلة تعني بالضرورة إلى الأمام فهي إذن ستغنينا عن استخدامات توضيحية لكلمة استدامة أو مستدامة ولذا فإنني أرى بإمكانية استبدال الترجمة الحرفية للكلمة الانجليزية sustainability والتي تعني استدامة علما أن ترجمتها المباشرة sustain ability تعني القدرة على التحمل ويظهر جليا المقصود بالاستدامة هنا عكس ما أردنا لها باعتبارها كلمة عربية أريد لها أن تأخذ دورا في الفعل الإنساني العالمي مشاركة برؤيا الغد للبشرية فلا يجوز استخدام أدوات قديمة أو عاجزة لصالح أفكار مبدعة تنظر للغد بعين وعقل مبدعين.
عدم التأكد أو ( اليقين ):
يمكن القول أن مصطلح عدم التأكد هو مصطلح اقرب للاستخدامات العلمية بمعنى انه مفيد لقاعدة الشك الضرورية للبحث العلمي بهدف الوصول إلى الحقيقة وقد يكون نقل المصطلح للاستخدام لدى العلماء الغربيين بالمسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية ناجم عن أن البيئة هنا متشابهة فعلماء الفيزياء أو غيرها من العلوم عند الغرب يشكون ويبحثون للوصول إلى الحقيقة وكذا يمكن للأمر أن يكون فيما يخص علماء الاجتماع والاقتصاد والسياسة فهم يذهبون إلى الشك حتى بالنظرية الاجتماعية ساعين من ذلك للوصول إلى الحقيقة على قاعدة أن الحقيقة نسبية على الدوام.
موضوعة الشك في المجتمع العربي ينظر لها عادة بعين الريبة حتى قبل التأكد من هدفها وعادة ما يصاغ الشك بأنه اقتراب من الدين والذات الإلهية ولذا لا يجرؤ الباحث العربي على الاقتراب من موضوعة الشك بالمعنى الثوري الباحث عن الحقيقة المطلقة ويتم التعامل مع العالم أو الباحث بنفس الأسلوب الذي يتم التعامل به مع الجاهل فالشك أداة استخدام خطيرة إن هي وضعت بأيدي غير العارفين بدورها وأهميتها, والشك قائم أيضا ما قامت المواصلة فأنت بكل مرحلة من مراحل العمر المرتبط بمراحل المعرفة أكنت فردا أو جماعة تجد نفسك تنظر إلى الأشياء والظواهر رؤية مختلفة عما كانت من قبل ولذا تعاود البحث فيها من جديد يقول ديكارت ” عندما كنا لم نصل بعد إلى تكوين عقولنا، فإن هناك ثمة أحكاماً كثيرة، تسرعنا في إصدارها على الأشياء ربما تحول دون بلوغنا الحق، وعلقت بعقولنا قبل التيقن منها، حتى أنه لم يعد هناك أمل في التخلص منها إلا إذا شرعنا مرة أخرى في حياتنا إلى وضع جميع الأشياء التي قد تنطوي على أقل قسط من الريبة موضع الشك ” (2) والشك هنا إذن هو سلم اليقين الذي نحضره بأيدينا مسبقا ونحن ندرك إلى أين نريد البلوغ ولا يصبح الشك كسلم لليقين أداة تدمير او تشويه بل هو أداة صعود من أساس قائم ومعترف به ونضع قوائم سلمنا عليه بهدف الوصول بعكس البدء من الفراغ وتدمير ما هو قائم لصالح الشك.
بيئة عدم اليقين أو التأكد لدى الغربي قائمة على المجهول أو الغد ولا علاقة لها بما هو قائم بعكس العربي الذي يجهل الأرض التي يقف عليها أو العوامل المؤثرة في البيئة التي يعمل بها فالباحث الفرنسي مثلا يدرك جيدا طبيعة الحكم هناك وان الانتخابات ستجري في موعدها وان مؤشرات استطلاع الرأي تتجه بالمنحى هذا أو ذاك وسواء أكان الباحث سياسيا أو اقتصاديا فهو قادر على التحضير لقراراته الاقتصادية أو السياسية انطلاقا من التقديرات التي بين يديه والتي تعتمد أسس حقيقة وواقعية للتقدير في حين يعيش الباحث في العالم العربي حالة من الاغتراب في قدرته على المعرفة في ظل المتغيرات الهائلة في النشاط الإنساني والمواصلة الإنسانية التي يجد العربي نفسه خارجها في حين يتم توطين الباحث الغربي منسجما مع أداء أمته ومكانتها ودورها يجد العربي نفسه خارج دائرة الفعل ويتحول إلى متلقي سلبي لا حول له ولا قوة فيصبح الشك أداة اغترابه إنسانيا بدل أن يكون سلمه للصعود إلى المكان الذي وصلت إليه الإنسانية وفي زمن بات مفكرو الغرب يتحدثون به عن النهايات في حين لا زلنا نحاول أن نؤسس لبداياتنا المشوهة أصلا عبر قراءة مغلوطة وغريبة للتاريخ الخاص بنا.
ثبات الحال لدى الغرب والاستقرار السياسي والاقتصادي يوفر لهم الحق بالشك انطلاقا من الظاهر الثابت فتاريخ أوروبا به من الثبات ما يكفي للبحث في ما خلف الثبات وفي سبيل ذلك لا بد من استخدام أدوات الشك للتقدم إلى الأمام نحو شك جديد وأمام جديد ومع إن التاريخ الإنساني يشير إلى أن أقدم البدايات لحضارات إنسانية حية كانت في بلاد الشام ولذا تعتبر مدن مثل أريحا ودمشق أقدم المدن في التاريخ إلا أن غياب الثبات عن هذه المناطق وانتقاله لأوروبا عبر الهجرات البعيدة وتقول كتب التاريخ أن الإنسان القديم قد خلف ورائه في اسبانيا وفرنسا آثارا دالة على العصر الحجري وحتى قبل 10 آلاف سنة قبل الميلاد كان هناك أكثر من 200 كهف صنعها الإنسان بيديه في الصخور وبذا تواصل التطور التدريجي للحضارات في الغرب ظهورها وغيابها كحدث غربي متطور ومتنامي ومتغير بني على القدرة على البحث نحو الأفضل انطلاقا من قبول الشك كأساس للتقدم في حين أن التاريخ في الشرق تم تدميره قسرا بحملات الغرب عليه واحتلاله والسيطرة عليه أو إلغاء الحضارات وتثبيت حضارات غريبة تنفي ما قبلها بالمطلق ولم يكن للعرب من دور حتى ظهور الإسلام الذي وفر لهم القدرة على الانتقال من المكان الخاص إلى مكان الآخر فاختلطوا بحضارات غيرهم التي كانت تفوقهم وتتقدم عليهم كثيرا ولذا لم تدم السيطرة العربية على الحكم أكثر من عهد الخلفاء الراشدين والأمويين الذين قطعوا صلتهم بأصلهم في الجزيرة العربية وانتقلوا لحضارة الشام المزدهرة ثم جاء العباسيين ليجدوا في ارض الرافدين ملاذا لهم ثم ليتقاسموا الحكم مع غير العرب إلى أن صار بأيدي غيرهم كليا ودمرت الدولة العربية لصالح الدولة الإسلامية التي فتت ولم تعد من جديد حتى يومنا منذ أن انقسمت بين العباسيين والأمويين.
لدى الغرب يقوم غياب القدرة على التأكد على أساسين:
الأول: الرغبة بالشك كأساس للوصول إلى الحقيقة ولو نسبيا بمعنى الاقتراب منها والحقيقة هنا هي المصلحة في التطور ولذا تأتي كلمة الاستدامة بمعنى بذل الجهد للتطور بلفظها الانجليزي واتي تترجم حرفيا القدرة على الاحتمال sustain ability أي ان هناك مصلحة عليا لدى الغرب للاحتمال في سبيل التقدم وهو لفظ يعبر عن عقلية فاعلة راغبة مستعدة لفعل يصل بها إلى الأمام أيا كانت احتياجاته في حين ذهب العربي إلى ترجمتها البعيدة عن المضمون أي الاستدامة بمعنى الثبات وهذا يدلل على انعدام الاستعداد لتحمل ما هو ضروري من اجل الانتقال إلى الأمام بمعنى التقدم.
الثاني: انضباط حالة الواقع مما يؤهل صاحبه لقبول الشك بحثا عن الأفضل أو تطويرا للواقع نفسه باليات وأدوات ومخارج أكثر قدرة على استشراف غد جديد يؤسس لواقع جديد أكثر حداثة وتطورا ويسر ولذا هناك فرق بين مصالح ورؤى أولئك الذين صاغوا ثورات الأرض الحديثة كالثورة الرقمية وثورة الاتصالات والعلوم والفضاء والكثير الكثير وبين أولئك الذين لا زالوا يتحدثون عن تحريم استخدام مخرجات هذه الثورات ناهيك عن عدم القدرة على تسخيرها لخدمة الواقع الخاص.
الغربي يعيش حالة من الثبات السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهو في حال من التوازن ولذا فان من المنطق أن تظهر الرغبة بالتقدم جلية رافضة حال الثبات ومراوحة المكان فلانتقال للإمام لديه يأتي بمعنى السعي للمحافظة على التوازن والاستقرار بخلاف معنى الثبات.
على العكس كليا من ذلك فالواقع العربي يغيب عنه الثبات بمعنى الاستقرار كليا ولدى العربي شعور بان الحال لديه ينتقل من تراجع إلى تراجع آخر واستخدام كلمة استدامة هنا تبين جليا الرغبة الكامنة بالثبات أو الأمل بالاستقرار هروبا من حالة المتغير الدائم للوراء ليس بفعل العامل الذاتي المباشر بل بفعل تدخل العامل الأجنبي والحال السلبي للعامل الذاتي القابل بالانتظار والتحمل هنا مختلف لدى الغربي فهو غربيا قدرة على احتمال الفعل للانتقال للأمام ولدى العربي قدرة على احتمال فعل الغير أملا ببقاء الحال درءا للقادم الأسوأ كما هو الحال منذ غابت الدولة العربية عن الأرض فعلا ولم يستطع العربي ان يهضم الحضارات الأخرى لصالحه بسبب تخلفه عن الغير سوى بقوته وقوة الدعوة الإسلامية التي جاء بها فقد قدم للغير الإسلام فكرا وروحا بينما وجد نفسه مضطرا لقبول حضارات وثقافات الغير كأساس لحياته, ولذا فقد وجد نفسه تائها بين بداوته المتخلفة من جهة رغم امتلاكه لقوة الدين وبين تقدم الآخرين وحضاراتهم العظيمة في بلاد الشام وما بين النهرين وبلاد فارس والفراعنة وغيرهم ولذا فان منطق حركة التاريخ يؤكد انه تأثر بهم ماديا ولم يستطع أن يثبت تأثيره ذلك لان الدين لله والأرض للبشر فهو ناقل للدين لا أكثر في حين كانت الأمم الأخرى صانعة للحضارة كفعل حي ومادي على الأرض فلم يصمد طويلا في قدرته على مواصلة حكمهم فانقلبوا عليه واخذوا الحكم منه واستبعدوه وظل الأمر كذلك حتى يومنا.
وما يبدو جليا على انعدام القدرة على الفعل لدى العرب وقناعتهم بذلك ان العرب يؤرخون لتاريخهم الحديث بحدثين بارزين:
الأول: الغزو البرتغالي والاسباني للشواطئ العربية في شمال إفريقيا وجنوب شبه الجزيرة العربية في مطلع القرن السادس عشر الميلادي حيث كانت منطقة الشرق الأوسط ( المنطقة العربية اليوم ) تدار كليا من غير العرب وكانت تتشكل من ثلاث دول رئيسية هي الدولة الصفوية ( الفرس ) والدولة العثمانية ( أتراك ) والدولة المملوكية ( من دول آسيا الوسطى ) وهذا ما شجع البرتغال والاسبان على غزو المنطقة وإخضاعها لاحتلالهم ثم بدأ الصراع للتخلص من الاسبان بالاستعانة بالدولة العثمانية التي سعت إلى فرض سيطرتها على تلك البلدان وان لم تكن سيطرة تامة كما هو الحال مع تونس مثلا.
الثاني: السيطرة العثمانية على المنطقة العربية بحيث شكل العثمانيون في تلك المرحلة سفينة النجاة للعرب من الحال الذي عاشوه ويروي ابن إياس ” أن شائعات وصلت إلى مصر عن العدل الزائد عن أولاد ابن عثمان وهم في بلادهم قبل أن يدخل سليم الأول إلى مصر ” (3) وهذا يدلل على ديمومة استعانة العربي بغيره للتخلص من المحتل لصالح محتل آخر ويبدو أن الأمور لا زالت كما هي عليه اليوم وما الاتفاق الأمريكي الروسي في سوريا وحال ما يسمى بالربيع العربي إلا تأكيد على غياب العامل الذاتي المستقل في القضايا العربية وقبول الآخر الغريب كمنقذ أو قائد أو مدير وهي مرض عربي بامتياز في كل نواحي الحياة.
وقد واصل العرب هذا التأريخ المشوه لمسيرتهم في التأريخ لنهضتهم بدخول الطباعة إلى مصر من خلال الاحتلال الفرنسي و حتى الأكثر فإنهم تفاؤلا فيعتبرون النهضة العربية مع بداية حكم محمد علي باشا وسيطرته على مصر وانقلابه على الدولة العثمانية وهو الضابط التركي الأصل الذي انقلب على حكومته واستقل بمصر عن حكم الأستانة ويختلف الباحثين حول أصل محمد علي الألباني أو التركي أو الكردي لكنهم يجمعون انه ليس عربيا يقول الدكتور زين العابدين شمس الدين نجم، فيقول في كتابه تاريخ العرب الحديث والمعاصر، وهو قول مشابه إلى حد كبير لما قاله الدكتور يونان لبيب:
“يمتد التاريخ العربي الحديث والمعاصر لعدة قرون، تبدأ من مطلع القرن السادس عشر حتى منتصف القرن العشرين، أو قُرب نهايته، وهي فترة زاهرة بالعديد من الأحداث السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، تخلَّلتها فترات من الضعف والتخلف، والجمود والعزلة، وأخرى اتسمت بالقوة والتقدم والنهضة، والاحتكاك بالعالم الخارجي.
ولا تتفق آراء المؤرخين حول بداية التاريخ العربي الحديث أو نهايته، فمنهم من يرى أنه يبدأ مع توجه العثمانيين نحو بلاد المشرق العربي منذ منتصف القرن السادس عشر، ثم امتداد نفوذهم إلى معظم البلاد العربية، ومنهم من يرى أنه يبدأ مع نهاية القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر،وكذلك الحال بالنسبة لنهاية التاريخ العربي الحديث، فمنهم من يرى أنه ينتهي عند بداية القرن العشرين، في حين يرى آخرون أن نهايته مع الحرب العالمية الأولى.
وتختلف آراء المؤرخين أيضًا حول بداية التاريخ العربي المعاصر، فمنهم من يرى أنه يبدأ مع بداية القرن العشرين، ومنهم من يرى أنه يبدأ مع الحرب العالمية الأولى، باعتبارها نقطة تحول في تاريخ المنطقة العربية، على حين يرى البعض الآخر أن الحرب العالمية الثانية هي بداية التاريخ العربي المعاصر”.(4)
يختلف الباحثين العرب أيضا على بداية تاريخهم المعاصر فمنهم من يعتبره الحرب العالمية الأولى ومنهم من يعتبره الحرب العالمية الثانية وفي كلتا الحالتين فان المتغير هو التدخل الأجنبي والمتغيرات التي حدثت بفضل هذا التدخل والتي جاءت بمجملها لصالحه وضد مصالح العرب وبلادهم وقضاياهم.
وفيما عدا الأردن وباحثيها فان أحدا لم يذكر الثورة العربية الكبرى كأساس لبداية تاريخ العرب المعاصر رغم إجهاضها كليا بتآمر الحلفاء عليها ورفض قبول العرب كجزء من التحالف الدولي ضد ألمانيا وحلفائها علما أن بداياتها تشير إلى المحاولات العربية للظهور كقوة حقيقة والسعي لتوحيد العرب كدولة قوية مشاركة في النشاط الإنساني كجزء فاعل لا كتابع كما آلت إليه الأحوال فيما بعد فالشريف حسين يقول في مراسلاته مع مكماهون ” وأرجو أن تعملوا كل ما في وسعكم لتنفيذ المذكرة المرسلة إليكم طيه، المتضمنة الشروط المقترحة المتعلقة بالقضية العربية”. (5) ويجب الملاحظة هنا أن الشريف حسين طلب من مكماهون عمل ما في وسعه تنفيذ الشروط المقترحة في رسالته والإشارة إلى الشروط لا تعني أبدا حالة ضعف أو طلب تبعية بل البحث عن تحالف وهو يتابع في نفس الرسالة قائلا ” ليس هناك حاجة لأن تشغلوا أفكاركم بآراء الشعب هنا، لأنه بأجمعه ميال إلى حكومتكم بحكم المصالح المشتركة” (6) أي أن العلاقة هي بحكم المصالح المشتركة لا مصلحة بريطانيا وحدها على حساب العرب ويورد في مذكرته التي يطلب الموافقة عليها الشروط التالية:
” أولاً : أن تعترف إنجلترا باستقلال البلاد العربية من مرسين ـ أذنه، حتى الخليج الفارسي شمالاً ومن بلاد فارس حتى خليج البصرة شرقا، ومن المحيط الهندي للجزيرة جنوباً يستثنى من ذلك عدن التي تبقى كما هي ـ ومن البحر الأحمر والبحر المتوسط حتى سيناء غربا.
ثانياً : تعترف حكومة الشريف العربية بأفضلية إنجلترا في كل مشروع اقتصادي في البلاد العربية، إذا كانت شروط تلك المشاريع متساوية.”(7)
ويتضح أيضا من هذه الشروط الإصرار على التساوي بين الدولة العربية المنشودة وبريطانيا ولهذا سعت بريطانيا وحلفاءها إلى تحطيم هذه المبادئ والأهداف التي سعى إليها الشريف حسين بتقسيم البلاد العربية لإحكام السيطرة عليها.
أحد من العرب مثلا لم يؤرخ للحداثة عند العرب بالثورة على الاستعمار الأجنبي وحركات الاستقلال العربية التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية والتي شكلت انعطافا جديدا في تاريخ العرب وظهور النزعة القومية عند العرب رغم انقسامهم إلى دول وطنية وأقاليم
وهذا يبين أن التاريخ العربي الحديث لم يؤرخ له بانجاز محلي أو تطور ذاتي أو فعل يسجل على انه حدث داخلي وحتى الحراك الجدي الذي مثلته الثورة العربية الكبرى يتم تجاهله عمدا من قبل سائر العرب وفقط بسبب النزاعات التي تواصلت فيما بعد وكون آل سعود لا يرغبون بمنح الهاشميين صفة ما بالتاريخ العربي بل على العكس من ذلك مع انه وأيا كانت النظرة إلى تجربة الشريف حسين ومحاولاته إقامة مملكة عربية موحدة فإنها بالتأكيد حركة عربية يمكن التاريخ من خلالها بدل استخدام الاستعمار أو الغزو الأجنبي كتأريخ لحقب ومفاصل تاريخية عربية
معيقات المواصلة في ظل غياب القدرة على التأكد:
وغياب القدرة على التأكد في الحال العربي معكوسة وشاملة فلا يجوز الحديث فقط عن غياب القدرة على التأكد في موضوعة الغد بل حتى في موضوعة اليوم فالمقرر في الحال العربي ليسوا العرب لا في مقدراتهم ولا في سياساتهم فالغرب من يقرر سعر النفط مثلا والغرب من يقرر خارطة الحرب والسلام ومن يقرر نتائجها ولا زال يفعل ذلك مع كل ما مضى من قرون وبالتالي فان معيقات المواصلة هنا مختلفة باختلاف الحال وهي:
1- غياب الدور الفاعل الذي يصوغ احتمالات التأكد ومنحنيات وجوده أو عدمه وترك هذا الدور بالمطلق للغرباء يقررون بالنيابة عنا ما يريدون ولمصالحهم مما يلزمنا بان نتوجه بقراراتنا لان تكون بدور المكمل أو الخادم لمصالح الغير لكي يكون من حق هذه القرارات أن تعيش وتحقق بعض النجاح.
2- الفقر وغياب العدل في توزيع الثروات في الوطن العربي وهو ما يحد بقوة من إمكانية رسم وتنفيذ خطط مواصلة قادرة على الحياة فالانقطاع هو السمة الأبرز في الحياة الاقتصادية في المجتمعات العربية وبالتالي في الحياة الاجتماعية والسياسية ذلك ان اقتصاديات بعض البلدان قائمة على الديون العالمية والمنح من بعض الأشقاء والقائمة على المصالح الآنية والشخصية في بعض الأحيان بحيث لا يمكن الارتكاز عليها لبناء سياسات مواصلة إستراتيجية بعيدة المدى, ويكفي ان نشير الى ما أورده تقرير مجموعة البنك الدولي ومؤسسة برايس ووتر هاوس كوبر العالمية ان نسبة من يتحمل الضرائب في إسرائيل مثلا هي 6% للمواطن العادي و 28% للشركات وفي أمريكا 10% للأفراد و27% للشركات بينما نسبة تحمل الأفراد في مصر هي 28,8% للأفراد و 13,2% للشركات.
3- الحروب والنزاعات المتواصلة عبر التاريخ بما فيها الحال العربي المتردي بعد ما اسمي زورا بالربيع العربي ومن قبل النزاعات الإقليمية بحرب الخليج والحرب مع إيران وما تبعهما من تداعيات معروفة بحيث تدهور حال الدول الغنية لتصبح من أفقر الدول واستشرى الفساد بلا حدود في بعض هذه الدول والعراق مثلا ووصل الحال بدول غنية مثل السعودية إلى الاستدانة ودمرت دولة بترولية مثل ليبيا بالكامل وانشغلت دولة بحجم مصر بمشاكلها الداخلية والخارجية بما يضمن استمرار معاناتها لعقود طويلة.
4- التضخم السكاني وغياب الوعي الإنجابي لدى الغالبية العظمى وفوضى توزيع السكان وتركز الغالبية المطلقة في مراكز المدن والطلب المتنامي على الخدمات استهلاكا دون الإنتاج حتى بمعناه الضيق.
5- نقص التقنيات والوعي باستخداماتها وطرق الاستفادة منها ناهيك عن إنتاجها أو حتى القدرة على تطويعها لصالح المجتمع العربي.
6- السلوك الاستهلاكي الطاغي في المجتمعات العربية والذي يفرض على صاحبه دور التابع في كل العملية الإنتاجية بما فيها إنتاج الفكر والسياسة بالضرورة كتابع للإنتاج السلعي.
7- نمط التعليم التلقيني القائم على تغييب الإبداع والابتكار والتميز والمبادرة والقدرة على التفكير الإبداعي لصالح الرضوخ والاكتفاء بدور القابل بالتلقين ولما لهذا من انعكاس على مجمل نواحي الحياة العربية بكل مكوناتها.
7- البيروقراطية الإدارية فقد أورد تقرير ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي للعام 2009 ترتيبا لإجراءات منح التراخيص لشؤون أعمال التجارة الخارجية أن ترتيب دولة مثل مصر جاء في المرتبة 165 من حيث سهولة استخراج التراخيص وفي المرتبة 151 في مؤشر تنفيذ العقود التجارية وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن الفرد من دافعي الضرائب يحتاج إلى 700 ساعة عمل لتحضير بياناته الضريبية وقد تم تخفيضها فقط إلى 500 ساعة عمل وهذا وقت كبير جدا ومعيق لنجاح العملية الاقتصادية في أي بلد.
7- انعدام ثقافة المواطنة لدى المواطن العربي وغياب دور المواطن في بناء الدولة عن ثقافة المواطن العربي وتشير دراسة لمجموعة البنك الدولي ومؤسسة برايس ووترهاوس كوبر العالمية عن دفع الضرائب في العام 2008 أن ترتيب مصر في سهولة دفع الضرائب جاء في المرتبة 150 من بين دول العالم في حين يشير نفس التقرير إلى أن مصر خفضت الضرائب على الشركات لتشجيع الاستثمار وجباية الضرائب من في العام 2005 من نسبة 34.5% إلى نسبة 20% وهي أعلى نسبة تخفيض عالمية بالضرائب بين دول العالم.
المواصلة جروح دامية وحلول مطلوبة:
يعيش العالم العربي حالة من التشتت والفوضى تكاد تطال كل مناحي الحياة فقد ابتدأ مطلع العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين بحالة من نبش المسكوت عنه في الدول العربية وظهرت الأوضاع الاقتصادية المزرية في تونس والاحتقان المذهبي في مصر واحتدمت الصراعات الطائفية والقومية في العراق وظهرت على السطح الانقسامات الطائفية والسياسية في سوريا واليمن وعاد إلى الواقع الانقسام القبلي في ليبيا وظهر بشكل جلي غياب الدولة المدنية وانعدام الديمقراطية ومبدأ المواطنة في سائر الدول العربية التي تعتمد النظام الجمهوري أساسا للحكم وتشيع بالعلن أنها أنظمة ديمقراطية وان الانتخابات أساس الحكم فيها فقد تم تحطيم هذه المقولات في تونس أولا بإعادة الانتخابات من جديد قبل نهاية ولاية الرئيس وفي مصر باعتقال رئيس الجمهورية المنتخب وإيداعه السجن وتقديمه للمحاكمة وعدم قدرة ليبيا واليمن حتى اليوم على توحيد البلد ولا نظام الحكم والظهور الجنيني لهذه الصراعات في السعودية والأوضاع المشتعلة في البحرين والخوف الدائم من أي تطورات أو انقسامات في سائر البلدان العربية ولا زالت تحت السطح قضايا القومية في الجزائر والمغرب دون أن يقدم لها حلول استباقية حقيقة ويستمر حال شيوع الفوضى في كل مناحي الحياة في البلدان العربية ولذا فلا بديل إذن إن أردنا أن نؤسس لبيئة نظيفة قادرة على احتضان برامج وخطط مواصلة متنامية وناجحة على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من ان نجد حلولا للمعضلات التالية:
1- السوق المشتركة بالبضائع والعمالة:
إن إقامة سوق عربية مشتركة ولو بالحد الأدنى يوفر فرصة ذهبية لاستقرار اقتصادي ولو محدود يؤسس لإمكانية المواصلة والنمو ويساعد في تخفيف الآثار الناجمة عن الأوضاع السياسية السائدة في الوطن العربي والتي تزيد من خطورة واستفحال آثار عدم اليقين في الحالة العربية ذلك أن البلدان العربية التي تعاني من خطر البطالة وحسب تقارير البنك الدولي ومنظمة العمل العربية فان البلدان العربية بحاجة لتوفير 80 إلى 100 ألف فرصة عمل حتى عام 2025 مما يعني ضرورة استحداث 6 ملايين وظيفة جديدة سنويا بغية تجنب تفاقم معدلات البطالة (8) وقد نفلت صحيفة الرياض عن تقارير للبنك الدولي إحصائيات تشير إلى أن عدد العمالة الأجنبية في دول الخليج العربي وحدها بلغت أكثر من 15 مليون وافد وان مجمل المبالغ التي يتم تحويلها للخارج بواسطتهم بلغت حوالي 70 مليار دولار (9) في حين تشير بعض الإحصائيات غالى أن عدد العاطلين عن العمل في العالم العربي وصلت إلى 25 مليون حسبما أورد موقع صوت روسيا الالكتروني (10)
إن وجود خطة إستراتيجية عربية قائمة على المصالح المشتركة لتخطيط الاقتصاد العربي للتأسيس لمستقبل قابل للمواصلة سوف يساهم في توفير الثروات العربية من الاستنزاف الناتج عن التحويلات الضخمة للخارج بسبب العمالة الوافدة ويساهم في الحد من البطالة إلى جانب ما سيوفره من تبعات العمالة الوافدة إلى الوطن العربي في الخدمات الضروري توفيرها لهم من جانب ويساهم في التقليل من الكثير من القضايا الاجتماعية والاحتقان الناجم عن ذلك في أوساط الشباب ويؤسس لبيئة مواصلة أكثر نجاحا وقدرة على النمو وبالتالي سيحد كليا من آثار بيئة القلق وعدم اليقين المتأصلة في الحياة العربية بكل أوجهها.
2- المقدرات الذاتية وتنميتها:
عديد من دول العالم والتي ظلت لعقود تعتبر من دول العالم النامي تمكنت من تطوير أوضاعها الداخلية بشكل لافت ومن خلال قدراتها الذاتية وتعتبر الصين وماليزيا نموذجين بارزين في هذا الشأن في حين ظلت البلدان العربية تحاول الحد من التراجع ولا تجد وسيلة للتقدم ويعزي معظم الباحثين والدارسين للحال العربي ذلك لعدم الاهتمام بتطوير المقدرات الذاتية وعدم الاكتراث بتنميتها وتشير بعض الإحصائيات إلى أن ” معدل الإنفاق القومي على البحث العلمي في الدول العربية قاطبة لا يتجاوز 0,2% أما في إسرائيل فهو أكثر من 4,7% وفي أمريكا 2,68% وفي فنلندا 3,51% وتنفق الدول العربية مليارات الدولارات على التسلح وتقوم باستيراد 90% من حاجياتها ومعظمها منتجات يمكن تصنيعها محليا, فلماذا؟ والبحث العلمي يعتبر أقوى مصادر الوجود للدول كلما كان هذا المجال قويا كلما كانت الدولة أقدر على التعامل مع المتغيرات السياسية والاجتماعية فأين الخلل وما الحلول التي قد تساعد في تجاوز هذه الأزمة؟”(11) وهذا يشير إلى مدى انعدام الاهتمام بقدرات وإمكانيات الذات بالمعنى الشمولي عند العرب في حين أن قراءة سريعة للتجربة الماليزية التي حصلت على استقلالها في العام 1957 فقط أي بعد سنوات طويلة من استقلال بعض الدول العربية وتعتبر التجربة الماليزية في جنوب الشرق الآسيوي نموذجا للتنمية متميزا على المستويين الإقليمي والعالمي من خلال إدراك الدور الفاعل الذي قامت به الدولة الماليزية في تخطيط وتنفيذ عملية التنمية بهدف التصدي لمشكلاتها العرقية والاجتماعية, وذلك دون التفريط في قيمها الثقافية والاجتماعية الخاصة, ولقد استطاعت ماليزيا أن تقدم نموذجا تنمويا فريدا يجمع بين أصالة التراث الماليزي وحداثة التكنولوجيا المعاصرة.(12)
3- النظام المؤسسي:
تعيش الغالبية العظمى من البلدان العربية حالة من التخبط وعدم الاستقرار في البناء المؤسسي وبدل المؤسسة والانتقال السلمي للسلطة تسود الشخصنة في كل مكونات المجتمع بدءا من الأسرة وانتهاء بنظام الحكم ورغم المظهر الديمقراطي لبعض الدول العربية وشيوع ظاهرة الانتخابات الرئاسية شكلا إلا أن أحدا من رؤساء هذه الدول لم يجد منافسا حقيقيا وفي الانتخابات الأخيرة في تونس إبان حكم الرئيس زين العابدين بن علي كان بعض المرشحين للرئاسة يدعون في لقاءاتهم الجماهيرية التي من المفترض أن تكون دعاية انتخابية لهم لانتخاب الرئيس بن علي وهو يؤشر إلى أن ذلك كان واحدة من الأسباب التي وصلت بالبلاد إلى الحال الذي وصلت إليه فيما بعد وكذا الأمر في ليبيا.
في خطابه الشهير قبيل النهاية ومن أمام قصره المدمر تساءل الرئيس معمر القذافي عن أولئك الذين كانوا يرقصون أمامه ويعلنون التأييد له قبل يومين أين هم ودعاهم للخروج لاعتقال “الفئران” على حد تعبيره مستغربا لماذا لم يفعلوا ذلك حتى تلك اللحظة وهو استغراب مبرر فمن غير المعقول أن يكون شيوخ وزعماء ووجوه البلد يرقصون مؤيدين للرئيس ثم يتركونه للموت فجأة خلال يومين.
في تعليقها على ما آلت إليه الأمور في إيران بعد الثورة الإسلامية هناك قالت الإمبراطورة فرح زوجة شاه إيران ” ما الذي جرى لقد قالوا لنا إن الناس يحبوننا وكنا نرى ذلك حين نلتقيهم لقد كان الأمر غير حقيقي لقد كانوا يكذبون علينا ” وهذا هو القول فكل الحاشية كانت كاذبة لأنها لم تكن تمثل مصالح الناس بل مصالحها وكان من مصلحتها إغلاق كل الشبابيك والأبواب على الحاكم حتى لا يرى غيرهم ولا يسمع غيرهم.
الأمر واضح وهو أن العلاقة بين الحاكم والشعب هنا لم تقم يوما على البناء المؤسسي والوضوح ولذا فان العراق وجيشه مثلا وجد نفسه خلال ساعات ينهار أمام ضربات قوات التحالف الغربي وأصابت الصدمة كل الأمة العربية التي ظلت تغني للرئيس صدام طوال سنوات وهو يعلن التحدي لأمريكا وحلفائها.
النظرية القائمة على تاليه الفرد الزعيم بدون تفكير وبدون نقد وبدون توجيه حتى حتما ستكون نتيجتها النهاية فلا يوجد فرد على الأرض معصوم عن الخطأ وهو إن وجد كل من حوله مطبلين ومزمرين ولا يتقنون غير التأييد ولا يوجهون أو يناقشون أو يقدمون النصيحة كأفراد من المثقفين والكتاب أو كمؤسسات كممثلي الشعب في البرلمانات وغيرها بدءا من اصغر مؤسسة وانتهاء بقمة الهرم فان الدمار هو حاصل الأمر(13)
4- العشائرية والعقلية القبلية:
العقلية العربية عقلية عشائرية ثأرية لا فاعلة مؤسسة ومبدعة وحتى في القضايا القومية والوطنية الكبرى ترى اللغة العشائرية الثأرية هي التي تسود ويظهر من اللغة أن الشخص أهم من الوطن وهذا يعود بنا إلى عقلية البداوة وفي أحسن الأحوال التجارة التي ترى في الوطن مصلحة فوطنك حيث عشبك وماءك أو حيث سوقك وهذا يسهل على المرء القبول بتغيير الوطن ويبدو جليا أن لا هجرة عكسية على الإطلاق من الرب إلى الشرق إلا هجرة اليهود إلى فلسطين التي تنتمي أصلا إلى المجتمع الغربي والنظام الغربي .
في الخطاب الفلسطيني مثلا تجد كلمة الثأر حاضرة دائما عند كل مناسبة حتى ليبدو الصراع مع الاحتلال قائم على الفعل ورد الفعل وبعيدا عن الأصل وهو الاحتلال ففي كل مناسبة يسقط فيها شهيد فلسطيني تتبارى الفصائل بكل خطاباتها بالحديث عن الثأر القادم والانتقام والسؤال لم نرى الثأر والانتقام من أصله لان الاحتلال لا زال متواصلا منذ قرن من الزمان وكل ما ينتج من ماسي سببها الأصل وهو الاحتلال حتى ليبدوا أننا غاضبون لقتل فلان أو هدم بيت فلان أكثر من غضبنا لضياع الوطن ويقول حسني عايش في صحيفة الرأي الأردنية ” أما العشائرية (Tribalism) فهي عقلية أو اتجاه (سياسي) يسعى إلى تحويل العشيرة إلى نوع من الحزب السياسي في مواجهة العشائر الأخرى، والاحتكام إليها في العلاقات الاجتماعية والسياسية… بهذه العقلية أو التحويلة تصبح العشائرية شكلاً من أشكال الأيديولوجية يُرجع إليها ويُفسر بها كل أمر مثل تشكيل الحكومات، والانتخابات البرلمانية، والبلدية والنقابية…والمقاضاة، والوظائف العامة: المدنية والعسكرية وربما الاستثمارات والأعمال في القطاع الخاص،أي كالأيديولوجيات الأخرى مثل الأيديولوجية القومية (Nationalism) والايدولوجيا الشيوعية (Communism) والأيديولوجية الإسلامية (Islamism) وهكذا عندئذ تصبح كل عشيرة – بالعشائرية – (حزبا) في مواجهة بقية (أجنحة الحزب) العشائر “ً.(14) ولكن فان كل ذلك لا يعني أبدا أن السم فقط هو المكون الوحيد للعشائرية وسنأتي على ذلك في ختام ورقتنا هذه.
5- النظام التعليمي والتربوي:
تعاني نظم التعليم العربية من أسلوب التلقين والحفظ ويغيب عنها كليا نموذج التفكير النقدي والفكر الإبداعي والبحثي وهو ما يعكس نفسه على نمط التفكير العربي والقدرة الإنتاجية وروح الاكتشاف والبحث والقدرة على الإبداع في مواجهة التطور الهائل في المعرفة لدى البشرية ويختزل تقرير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم سلبيات التعليم في العالم العربي ” في قضية كبرى ذات أبعاد وتشعبات هي جودة التعليم والتي تتجلى خاصة في ضعف أداء التلاميذ العرب في التقييمات الدولية المقارنة التي تشارك فيها الدول العربية ونخص بالذكر منها دراسة التوجهات العالمية في تحصيل الرياضيات والعلوم TIMSS والبرنامج الدولي لتقييم مكتسبات التلاميذ PISA والدراسة الدولية لقياس مدى تقدم القراءة يف العامل PIRLS. ففي كل هذه الدراسات ويف مختلف دوراتها، مل ترتق نتائج التلاميذ العرب إلى مستوى المعدل العالمي ولم يتجاوز أغلبهم المستويات الدنيا وهو ما جعل الدول العربية المشاركة تحتل المراتب السفلى. وما تجدر ملاحظته هو أن التلاميذ العرب جيدون صعوبات كبرية كلما تعلق الأمر بالتمارين التي تتطلب قدرات ومهارات التحليل والتفكيري وحل المسائل وهي الكفايات التي يحتاجها الأفراد أكثر من غيرها للانخراط في مجتمع المعرفة وتؤهلهم كذلك متطلبات سوق العمل”.(15)
6- الاستثمار في القوى البشرية:
يقول ادوارد ليتوك عن اليابان قبل نجاحها أنها ” اليابان جزيرة مكتظة بالسكان ذات مساحة اصغر من مساحة كاليفورنيا وتستورد من استهلاكها )100 %( من الألمنيوم) ،و98 %( من النفط) ، و4،98) % من الحديد )و 66,4 % ( من الخشب ” (16) وحين سؤل ياماشيما احد الأخصائيين اليابانيين في الإدارة من جامعة كيوتو عن سر نجاح اليابانيين وما وصلوا إليه من تطور على كافة الأصعدة قال ” أن الاعتقاد السائد هو أن اليابانيين يعملون أكثر ولكنهم في الحقيقة يعملون أفضل ،أنهم كغيرهم يعملون 43 ساعة في الأسبوع أي 2000 ساعة في العام بينما يعمل الكوريون 3000 ساعة في العام أي بزيادة الثلث، ليست هناك معجزات وخوارق، إن العامل في اليابان يتفوق في تأهيله الثقافي والمهني على زميله في أوربا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية ،إن الجامعة والمدرسة هما قوتنا الضاربة وأما الذخيرة فهي الانضباط الذاتي. فال حاجة لتعيني جيش من المراقبين والمفتشين يقضي نصفهم أوقاتهم في حراسة النصف الآخر. (17) والنموذج الياباني كما اشرنا مكرر بأشكال وأنماط تقترب أو تبتعد عنه قليلا كالصين وسنغافورة وماليزيا وفقط تقف الحالة العربية عاجزة حتى اللحظة عن إدراك أهمية الاستثمار في البشر وطاقاتهم وإمكانياتهم باعتبارهم القوة والأداة الوحيدة القادرة على اجتياز الصعاب أيا كانت.
7- إعادة صياغة النموذج العربي:
كل الوقائع تشير إلى أن الحالة العربية حالة بالكاد تكون متواضعة وان العرب لم يتمكنوا من الإمساك بما لديهم من مخزون ثقافي وحضاري فهم منقسمون إلى ثلاثة نماذج متباعدة ومتباينة:
الأول: نموذج يرى في الماضي محض تخلف ويسعى للتعلق بالنموذج الغربي دون سماته ودون خصوصيته متنكرا لكل ما هو قديم دون أن يحاول حتى التفريق بين الغث والسمين.
الثاني: متعلق بالماضي لدرجة الالتصاق ورافضا لكل جديد أيا كان بما في ذلك حتى الحضارات الأخرى التي خضعت لسيطرة العربي كالفرعونية وغيرها ولم يستطع أن يوظف ما في هذه الحضارات من قيم لصالحه كما فعلت العديد من الأمم.
الثالث: وهو النموذج الداعي للتطور مع الاحتفاظ بالسمات الخاصة وهي نماذج نجحت في عديد البلدان كماليزيا والصين وكمبوديا وسنغافورة وهو النموذج الذي يحتاج لدعم أكثر ليرتقي إلى مستوى أن يصبح النموذج الفاعل والمسيطر وهذا يحتاج لتضافر كل الجهود لإنجاحه عمليا.
بالتالي فالعالم العربي بحاجة لنموذج يوحد الجميع مؤمنا أن الفكر الإنساني هو ملك الجميع وان من حق الشعوب والأمم جميعا استخدام نجاحات وإبداعات غيرها على قاعدة أنه فكر إقليمي ولا يجوز للفكر أو الإبداع أو العلم أن يكون حبيسا خلف أسوار العنصرية والشوفينية وان ما أراه جائزا لي فمن حقي استخدامه فهما أي العلم والفكر والإبداع يتساويان مع الماء والهواء والشمس ملك لكل الأحياء على وجه الأرض ولا يجوز احتكارها لأحد أيا كان عند ذلك سنجد أنفسنا مشاركين فاعلين ومؤثرين في الفكر الإنساني بعيدين عن التقوقع وقادرين على صياغة يقيننا أو إدراكه اضعف الإيمان كجزء من يقين البشرية ومستقبلها لا على هامشها.
8- المواطنة والدولة المدنية:
لا بديل إذن عن ترسيخ أسس ومبادئ المواطنة والدولة المدنية في العالم العربي والاعتراف بالأقليات والطوائف والقوميات والمذاهب ومنع سيطرة جهة على الجهات الأخرى بأي حال من الأحوال وترسيخ مبادئ الديمقراطية ليس بأشكالها الخارجية بل بعمق البنية الاجتماعية والاقتصادية أولا لينعكس ذلك على البناء السياسي فليست الانتخابات الشكلية هي الأساس ولا النظام الجمهوري فعديد دول العالم كبريطانيا واسبانيا والسويد وغيرها هي أنظمة ملكية قادرة على الصمود والنجاح وبناء نظم للدولة المدنية الحديثة على قاعدة أنها دولة كل مواطنيها سواسية أمام القانون المدني الذي يساوي الجميع نصا وروحا وسلوكا وتفسيرا ومصادر للتشريع والحكم.
9- إعادة قراءة التاريخ:
على العرب اليوم أن يعيدوا قراءة تاريخهم بروح نقدية ومصارحة حقيقية للذات وان يعيدوا الاعتبار للمكونات التاريخية للمجتمع والاعتراف بما سطوا عليه من حضارات الشعوب والأمم التي سبقتهم ولن يتوقفوا عن حالة التغني الكاذب بالذات البعيدة والغير مثبتة وسرقة ما قدمته لهم الشعوب التي دخلت الإسلام ونسبه إلى أنفسهم فمن حق هذه الشعوب الاحتفاظ بحضاراتها ونسبها إليها حتى لو لم تعد كذلك.
إن الإصرار على التمسك بالماضي والتغني الأجوف بما مضى لن يصنع امة عربية ترى اعتباطا أن من حقها شطب القوميات الأخرى وإذابتها في بطنها ولا يحق لها أن تنسب الإسلام لها فتوحد بين الإسلام والعروبة وتلغي ما هو غير مسلم من العروبة وما هو غير عربي من الإسلام لتصبح امة من وهم تاريخي أجوف لا سيقان له ولا ارض يقف عليها من شدة الإغراق في انتحال ما للآخرين.
في العالم اليوم مثالين صارخين مصطنعان أصلا فكل تاريخ أمريكا لا يزيد عن الخمسة قرون وهي بلد بلا حكايات وتاريخ سوى تاريخ إلغاء امة كاملة والحلول محلها ومع ذلك فهي قادرة اليوم على التقدم على كل الأمم بصناعة تاريخها وثقافتها التي تشبه كشكول الشحاذين واخطر الأمثلة الدولة الأكذوبة والقائمة أصلا على كذبة وهي إسرائيل ويكفي أن نعرف حالنا معها لنرى إلى أين سيقودنا الإصرار على التغني بتاريخ لم نعد نعرفه أصلا.
إن كيان مصطنع مثل دولة الاحتلال ( إسرائيل ) وما يحققه من انجازات رغم وجوده في اخطر بيئة عدم يقين وحجم العداء المحيط بها ومع ذلك استطاعت أن تبني دولة عصرية قوية تقف في وجه محيط من الأعداء بل وتحقق الانتصارات تلو الانتصارات دون أن تجد نفسها حائرة كيف تؤسس للصناعات وصواريخ العرب موجهة عليها في حين يعيش العرب حيرتهم بلا توقف وكأنهم الأصغر وإسرائيل هي المحيط المعادي وليس العكس.
سلمنا للنجاح واليقين:
علينا أن نؤمن أولا أن لا يقين سوى ذاك الذي سيكون حين يكون وفيما عدا ذلك فان الشك والاحتمالات هي اليقين الوحيد الممكن لنا كما لغيرنا مهما تمايزت الظروف وفي سبيل ذلك فان علينا أن نبني سلمنا للنجاح يكون قادرا على خلق حالة من المواصلة أساسها التواصل دون القطع أو الانقطاع بالانتقال إلى الأمام بما لدينا على أن يبدو بحال أفضل كلما صعدنا درجة جديدة للأمام فتجديد الذات دون هدمها هو أساس الثبات كمحفز للانتقال للأمام ودرجات سلمنا الضرورية لذلك هي:
-
الإنسان مكوننا الأول فيه نستثمر وبه نمضي وكيف لا وهو نحن, فمن يصوغ نفسه بأبهى ما لديها ويوفر لها أفضل ما لدى الآخرين, يجنب نفسه الوقوع في حفرات الطريق إن لم يدرك كيف تمكن الآخرين من التغلب عليها وردمها لصالح مسيرتهم.
-
مصادقة الغد بمعلومه ومجهوله بالجاهزية لكل الاحتمالات ببدائلها الممكنة والمتاحة بأقصى درجات الممكن والمتاح شريطة أن لا يكون هناك مجال لبديل واحد وهو التراجع أيا كانت التحديات فلا احتمال إلا وله جاهزيته كبديل متوقع.
-
كل الأبواب والشبابيك مفتوحة للريح فلا شيء يخيفنا مهما كان يحمل من رياح التجديد والغرابة فكرا أو سلعة شريطة أن نتقن صهره في ما يميز ذاتنا لصالح تطويرها وتقويمها دون أن تفقد ما يميزها أو أن تسمح لما هو غريب عنها بإلغائها والحلول مكانها, فنحن نرفض من الغير ما يدمرنا أو يلغينا أو يدفعنا للخلف أو يلغي شخصيتنا وايجابياتها ونقبل كل ما هو عكس ذلك دون شروط.
-
أن ندرك بالوعي الكامل والسلوك العملي الحي أن لا مستحيل إلا المستحيل.
بما تقدم يمكننا أن نتجاوز عقبات الاغتراب والخوف من الآخر والمجهول والرغبة الدائمة بالتقوقع السلبي على الذات وصياغة غد نملكه بأيدينا وبه نجد لنا مقعدا مشاركا للأمام في الحضارة الإنسانية الواحدة فلا بيوت يمكنها اليوم أن تعيش في البحر بعيدا عن يابسة البشر.
الحالة العربية… هناك ما هو ممكن:
رغم أن الباحثين والكتاب العرب وأنا منهم يصرون دائما على تقديم العشائرية والقبلية كواحدة من أسباب التخلف إلا أن علينا أن نعترف أن لا شيء سيء بالمطلق وان النار التي تحرق هي نفسها التي تطبخ وتدفئ والسؤال هو أين وكيف ومتى نستخدمها فالعشائرية في الحالة العربية لها صفات وميزات وقيم تنفرد بها تحمل الكثير من الايجابيات التي قد تشكل رافعة حقيقية للتنمية في الواقع العربي المعاش رغم كل سلبياته فقيم العشيرة العربية والتي يمكن تعداد البعض منها كنموذج مثلا ” الضيافة، النظافة، الحياء، العصبية، السب، اللطف، الشجاعة، النبل، احترام المرأة، الشهامة، السخاء، التواضع، المساواة، التسامح، الوفاء، الإخلاص، الصدق والكذب، الحرية، الصبر، الأمانة، الأنفة والاعتزاز، الفراسة، الفخر، القناعة” وهذه القيم جميعها يمكن لها أن تكون أداة العرب في صياغة مجتمع متماسك لا يتنازل عن القيم الايجابية فيه بل يطورها وينميها لصالح تقديس العمل والعطاء وروح الانتماء للجماعة ونجاحاتها في ظل بيئة متماسكة قادرة على ضرب النموذج الوطني بتقاليدها وقيمها الخاصة القابلة للعصرنة والحداثة وهو ما نجحت بتحقيقه دول مثل ماليزيا واليابان دون أن تفقد خصوصيتها الوطنية المتمايزة عن الآخرين.
(1) “بدائع الزهور في وقائع الدهور” محمد بن احمد بن إياس الحنفي – الهيئة المصرية للكتاب 1984 الجزء الأول
(2) زين العابدين شمس الدين نجم؛ تاريخ العرب الحديث والمعاصر، دار المسيرة، 1/1/1990
(3) رسالة الشريف حسين إلى مكماهون بتاريخ 14/7/1915
(4) المصدر نفسه
(5) المصدر نفسه
(6) تقرير مفوضية الأمم المتحدة للبيئة والتنمية_ مستقبلنا المشترك- الجمعية العامة للأمم المتحدة 1987
(7) د. راوية عبد الحليم عباس _ ديكارت في الفلسفة العقلية – دار النهضة – بيروت صفحة 129 الطبعة الأولى
-
زكية مقزي ونعيمة بجباوي، “المشروعات الصغيرة والمتوسطة كآلية لمكافحة البطالة في الدول العربية ،” بحث مقدم للمشاركة في الملتقى الدولي بكلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التيسير بجامع ة المسيلة – الجزائر 15 و 16 نوفمبر 2011
-
صحيفة الرياض السعودية- النسخة الالكترونية العدد 17030 8/2/2015
-
ادمون عيسى موقع سبوتنيك الالكتروني – صوت روسيا – 31/ يوليو 2012
-
محمد موسى – نظرة في أسباب التخلف العلمي في العالم العربي – موقع نون بوست الالكتروني – 31 ديسمبر 2013
-
دكتور علي عبد الرازق جلبي – التجربة الماليزية في التنمية الإنسانية – ابريل 2008
-
العرب بين شخصنة المسائل ومسألة الشخوص –عدنان الصباح – موقع الحوار المتمدن الالكتروني.
-
حسني عايش – الرأي الأردنية – 3/1/2012
-
المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم – تقرير المرصد العربي للتربية 2012 صفحة 6