في معنى الحكمة السقراطية

*الطيب بوعزة

دلف الأثيني خيريفون Chairéphon إلى داخل معبد دلفي حاملا سؤالا غريبا ليس من عاديات الاستفسارات التي يحملها الناس؛ إنه لن يستفسر عرافة أبولون عن غده، ولا عن مستقبل زواج يعتزم عقده، ولا عن تجارة يبتغيها … أو غيرها من المطالب التي عادة ما يرغب الناس في استعلام مآلها ممن يزعمون الاتصال بالماوراء واستشفاف مكنون الغيب؛ بل كان سؤاله:

هل هناك في اليونان شخص أحكم من سقراط؟!

وكان جواب أبولون نفيا قاطعا، حيث قال:

ليس هناك من هو أحكم منه([1]).

يحق لنا الظن بأن خيريفون أرضاه جواب العرافة، وانتشى به فرحا؛ إذ نعلم أنه رفيق لسقراط منذ الطفولة وأحد أقرب أترابه؛ لكنه لما أوصل الخبر إلى صديقه الفيلسوف أصابته الحيرة، إذ لم يدرك السر في سبب تعيين الإله([2]) له بوصفه أحكم الناس؛ فأخذ يتساءل:

“ماذا يمكن لله أن يعني؟ …إنني لا أمتلك حكمة، صغيرة كانت أم كبيرة، ماذا يمكنه أن يعني إذن عندما يقول بأني أعقل الرجال؟”([3])

لكن رغم اعتقاده بأنه لا يمتلك أي حكمة، فإنه على يقين من أن الإله صادق؛ لأن الكذب ” خلاف طبيعته”([4])؛ وعليه ينبغي أن يأخذ ذلك التعيين مأخذ الجد، وأن يَتَقَرَّى دواله بحثا عن تفسير معناه، ليدرك سبب اصطفائه هو بالذات دون غيره.

لكن كيف يمكن اختبار([5]) تلك الإشارة الإلهية الملغزة؟

بعد تفكير مَلِيٍّ اهتدى إلى أنه إذا تمكن من إيجاد ولو شخص واحد أحكم منه اختلت صدقية دلالة الإشارة؛ لأنه “يمكنني عندئذ – يقول سقراط – أن أذهب ومعي النقض في يديّ. عليّ القول له: هنا إنسان أعقل مني؛ لكنك قلت أنت بأني كنت الأعقل.”([6])

ذهب سقراط بحثا عن هذا الشخص الذي يربو عليه حكمة، فبدأ باختبار رجال السياسة، الذين كانوا في زمنه – أي في زمن الاجتماع السياسي الديموقراطي – نجوما ذوي مقدرة على توجيه الجموع، واتخاذ القرارات المصيرية في الشأن العام:

“ذهبت إلى شخص كانت له شهرة الحكمة وراقبته، لا داعي لذكر اسمه، إنه كان رجلا سياسيا، وفي عملية اختباره والتحدث معه، كان هذا ما وجدت، يا رجال أثينا… لم يكن حكيما … مع أنه كان في ظن العديد من الرجال أنه كذلك…”([7])

لم يجد سقراط لدى الرجل السياسي أي ملمح دال على الحكمة. لكن هل كان لديه هو، شيء يعلو به على ذلك الرجل؟

يقول سقراط: “إني أعقل من هذا الشخص على الأقل هو لا يعرف شيئا ويظن أنه يعرف؛ بالمقابل أنا لا أعرف ولا أظن بأنني أعرف. أبدو في هذه النقطة الصغيرة، إذن، أنني أمتلك الأفضلية عليه.”([8])

إذن إن الفارق الذي يعلو به سقراط على الرجل السياسي هو إدراكه محدوديته المعرفية، أي أنه يعرف بأنه لا يعرف! وقد تأكد له هذا الحكم أيضا بمحاورة غيره من رجالات السياسة؛ حيث انتهى إلى ذات النتيجة؛ إذ لاحظ أن الشخصية السياسية، مثقلة بالاستعلاء الفارغ وادعاء المعرفة… بل تبين له بعد محاورة السياسيين أنهم يشتركون جميعا في صفة الغباء، إذ يقول عنهم إنهم كانوا “الأكثر شهرة و…الأكثر غباء”([9]).

وبعد رجالات السياسة (الأغبياء)؛ انتقلت – يقول سقراط – إلى اختبار: “الشعراء … شعراء … من كل الأنواع… اضطلعت بمهمة القيام بفحص بعض المقاطع الأكثر إحكاما في كتاباتهم الخاصة، وسألت ما هو معناها، معتقدا أن قائليها سيعلمونني شيئا ما.

هل ستصدقونني؟ إنني مستح من الاعتراف بالحقيقة، لكن ينبغي علي أن أقول إنه ما من شخص موجود هنا ليس في وسعه أن يتكلم أفضل بشأن قصائدهم مما فعلوه هم أنفسهم. وهكذا فإنه ليس بالحكمة يكتب الشعراء قصائدهم، بل بنوع من العبقرية والالهام، مثلهم في ذلك مثل الكهنة والمتنبئين الذين يقولون أشياء جميلة … غير أنهم لا يفهمون معناها.”([10])

أي إن الشاعر لا ينظم شعره بقصدية دالة على معرفة ما يفعل، بل إن نظمه نوع من الإلهام والعبقرية يشابه تجربة الكهان الذين ينطقون بخطاب رمزي جميل، ولكنهم لا يفهمون مرماه.

وهكذا فالشاعر قادر على أن يقول، ولكنه لا يعرف ما يقول!

لكن المشكلة هي أنه بسبب اقتدارهم على نظم الشعر اعتقد الشعراء “أنهم أعقل الرجال في الأشياء الأخرى التي لم يكونوا عقلاء فيها. وهكذا رحلت عنهم، متصورا نفسي أنني أسمى منهم للسبب عينه الذي كنت فيه أعلى من السياسيين.”([11])

أي أنه يعلو أيضا على الشعراء بكونه يعرف أنّه لا يعرف!

لكن لا ينبغي أن نتساءل: كيف لم يبصر سقراط، هذا الذي قال بمحدودية الإمكان المعرفي، اقتدار الشعر على الإشارة، أي اقتداره على مجاوزة محدودية اللوغوس إلى الماوراء؟! فلسنا هنا في زمن هولدرلين، بل في زمن فلسفي مشاكس للشعر الحامل للميثولوجيا الإغريقية. ولذا لا داعي لكي نطالبه بإدخال الشعراء إلى جمهورية الحكمة. فلنتابع الإنصات إلى حاصل اختباره لزمنه الثقافي.

بعد الشعراء والسياسيين، قرر أن يختبر أهل العمل؛ فذهب “إلى الحرفيين …، لأنني – [يقول سقراط]- كنت … متأكدا أنهم عرفوا … أشياء كثيرة جهلتها، وكانوا في هذا أعقل مما كنت أنا بدون ريب. غير أني لاحظت أنه حتى الحرفيون البارعون يقعون في الخطأ عينه مثل الشعراء. فلأنهم كانوا عمالا مهرة ظنوا أيضا أنهم عرفوا كل المسائل ذات الأنواع السامية.”([12])

على عكس الحاصل في حواره مع السياسيين والشعراء، التقى سقراط لأول مرة مع أناس يعرفون شيئا يجهله (أي حرفتهم)؛ ولكن مشكلة الحرفي لا تختلف كثيرا عن غيره، حيث إنَّ معرفته بحرفته تحديدا؛ جعلته يظن أنه يعرف كل شيء، فتراه يتحدث بوثوق في قضايا خارج ما يحترفه من مهنة.

بعد هذا الاختبار المعرفي الصارم الذي أخضع له مختلف صنوف الناس، اكتشف سقراط معنى الإشارة الإلهية. إن قصدها هو أنه الوحيد الذي يعرف محدودية معرفته، في واقع ممتلئ بالادعاءات والزيوف. هكذا يفسر سقراط قصد الإله من تعيينه بالاسم كأحكم رجل. إذ كان هدفه هو تبليغ رسالة من خلال الكائن السقراطي، رسالة مفادها أن الحكيم هو الذي يدرك محدودية إمكانه المعرفي، وأن الحكمة بمدلولها الإطلاقي من اختصاص الإله وحده.

يقول سقراط:

“أوه يا رجال أثينا، إن الله هو الحكيم وحده.”([13])

هكذا يتقدم سقراط بالقول بأن ما يعرفه هو أنه لا يعرف.

تلك هي صرخة الحكمة السقراطية، التي لم يدرك معناها التقليد الفلسفي الأثيني الأرسطي، فترى أرسطو في متن “الميتافيزيقا”([14]) يختزل الإسهام السقراطي في نظرية الحد الماهوي. أي في تلك النظرية المؤسسة للبت والوثوق الإبستيمولوجيين! وهو الوثوق الذي حرص الميغاريون على نقده في المنطق الأرسطي، وأعني بشكل خاص أولئك الكبار الذين تم تسميتهم بـ “صغار سقراط”، أي أوبوليد Eubulide، وتلميذه ديودور Diodore، وستيلبون Stilpon.

أقوى ما في الحكمة السقراطية قدرتها على الاستفهام، الذي يحرر إمكانية التفكير بسبب إشعاره بمحدودية منجزه. مما يؤول إلى معنى التفلسف كطلب لا كحيازة. وبذلك يكون قول سقراط “الله هو الحكيم وحده.” توكيدا على تحرير الفكر من الوثن. لأن جوهر الوثن هو تجسيد المطلق في النسبي، أي استرذاله باستنزاله من علوه!

لهذا نرى في النظر السقراطي ملمحا دينيا له لازم إبستيمولوجي، حيث لا يفتح التفكير الفلسفي على وساعة السؤال ونسبية المعرفة البشرية فحسب، بل هو أيضا، رافعة لبصيرة التعقل إلى المثال الديني بما هو إيمان بوجود الحقيقة في الماوراء. فقوله بأن الله هو الحكيم، وأن الحكمة من اختصاصه وحده، فيه إحالة على الماوراء الميتافزيقي، بتعيين المطلق فيه، وهو بذلك يحفظ الوعي البشري ليس فقط من ادعاء امتلاك المطلق، بل يحفظه من الانزلاق إلى العدمية النافية لموجوديته أيضا.

وهكذا يتحقق التفلسف من منظور الدرس السقراطي كقول بوجود المطلق، مع الحرص على عدم زعم امتلاكه!

بهذا نتأول سقراط بمعنى فلسفي ديني. وفي هذا السياق يمكن أن نستحضر عديدا من الأبحاث التي أبصرت الحس الديني السقراطي، وإن لم تتناوله بهذا التأويل الذي اقترحناه. فعند غروط (Grote) مثلا نرى تركيزا على تلك الاشارات المبثوثة في “الدفاع”، حيث استنتج منها أن الرسالة الفلسفية السقراطية كانت موجهة بروح دينية. وعند فويلي Fouillée([15]) نلحظ تركيزا على قراءة سقراط عبر محاورة “فيدون”، وبالضبط عند لحظة اكتشافه لمحدودية مفهوم الـ”نوس” في المتن الأنكساغوري، حيث استبعد العلل الفيزيائية من أجل التوكيد على العلل الغائية.

بينما نتأول الملمح المعرفي السقراطي بوصفه انفتاحا على تفلسف ديني يحفظ كينونة الحقيقة المطلقة، ولا ينزلق إلى الزعم بحيازتها، كما لا يرتكس في النفي العدمي لموجوديتها.

لقد انتهى سقراط بعد إجرائه الاختبار على مقول عرافة دلفي إلى أن الإله ما اصطفاه دون غيره إلا لأنه يمتاز بإدراك محدودية إمكانه المعرفي. ومن ثم فذاك الإدراك فضيلة تستحق أن تشاع. لذا انساق نحو تجذير المسائلة الفلسفية للسائد الفكري في زمنه تنبيها للوعي الإغريقي وتحريرا له من أوهامه.

وبذلك لم يكن قصده إنشاء إطار معرفي، وتسييجه بالتنظير والتقعيد، بل كان مقصده نقد تمظهرات الزيف المعرفي. حيث كان مصرا على القول بأنه يمتلك أسئلة فقط ولا يمتلك أي جواب! فهو مجرد “قابلة” عقيم تساعد العقول على الإيلاد.

إنها لأول مرة في تاريخ الفكر الفلسفي يتقدم السؤال بهذا الوضوح إلى ساح الفكر معتزا بكينونته، في مقابل الادعاء المعرفي المتدثر بدفء الأجوبة اليقينية!

وهو إدراك لابد أن نموضعه في منزله التاريخي. إذ أن تمظهر السؤال في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد، بهذا الاستعلاء والقوة، لدليل على أن الأجوبة الموروثة فقدت قدرتها على إضاءة الطريق. لذا تقدم “الجهل” السقراطي، كتعبير عن رفضها، وكتوكيد على دلالة التفلسف كمحبة وطلب. والانتقال من حس الحيازة إلى شعور الطلب ليس فقط إدراكا لمحدودية الإمكان الإبستيمولوجي، بل هو أيضا انفتاح للكائن على طلب الحقيقة؛ بينما التوهم بحيازتها يؤدي إلى تجميد التفكير؛ لأنه يشعره مسبقا بتحصيل المطلوب. بل قد يتطور ذلك الشعور إلى التعصب ونفي المخالف لماهية ذاك المُحَصَّلِ. ولهذا نجد سقراط حريصا على تنبيه تلميذه ألسيبياد إلى خطورة الجهل المركب، قائلا: “لست جاهلا بالأشياء المهمة فقط، بل الخطر هو أنك تعتقد أنك تعرفها.”!!

بهذا يبدو لنا سقراط متقدما على زمنه. إنه أفق للفكر لم يبصر معناه الا بعد قرون من الوثوقية التي انزلقت في براثنها كثير من البناءات الفلسفية. بل المفارقة أن أولى الأبنية النسقية التي ظهرت من بعده لم تدرك درسه، وأشهرها النسق الأرسطي، وذلك على عكس المدارس التي انتسبت إليه، اي تلك التي ينعت أصحابها بالسقراطيين الصغار، حيث كانوا شديدي الحرص على نقد المسلك الإبستيمولوجي المنطقي والتوكيد على أن أساس الدرس المعرفي السقراطي هو “أنني لا أعرف”.

وعليه يحق لنا أن نتجرأ على مشاكسة هيجل إذ يقول: “يتظاهر سقراط بالجهل، وتحت غطاء طلب التعلم يعلم غيره.”([16]). أجل إذا اختصرنا النظر في مشاهد العلاقات الحوارية بين سقراط ومحاوريه، سنلحظ أن التظاهر بالجهل يخفي موقفا نقديا مسبقا من معرفة الآخر، يؤول في النهاية إلى تعليم من يظن نفسه أنه في مرتبة المعلم؛ لكن لا ينبغي أن نمتثل لظاهر منطوق قول هيجل، الذي يختزل معنى “الجهل” السقراطي في مجرد تهكم سقراط من خصيمه بالتظاهر بعدم المعرفة! فليس هذا هو جوهر الدرس السقراطي، وليس مقصوده هو تعليم محاوره معرفة وثوقية، بل إشعاره بعدم حيازة المطلق أو الكلي.


[1]- ترد هذه الرواية عند أفلاطون في محاورة “الدفاع”:

Platon, Apol. 21b

وعند كزينوفون نجد إكثارا في المواصفات التي خلعها الإله أبولون على سقراط حيث قال:

“ليس هناك من هو أكثر حرية، وأكثر استقامة، وأكثر حكمة” منه.

Xénophon, Apol. 14.

وهكذا نلحظ بأنه وصفه بثلاث صفات هي: الحرية، والاستقامة، والحكمة. وتوحي الطريقة التي طرح بها خيريفون السؤال أن سقراط كان في نظره حكيما، بمعنى أن المساءلة وقعت بعد تميز ملحوظ في شخصه، على الأقل من قبل المستفهم، أي خيريفون. غير أننا لا نستطيع تعيين توقيت طرح هذا السؤال، وفي أي مرحلة فكرية من مراحل تطور فكر سقراط، تم استفهام عرافة أبولون، وإن كنا نرجح أنه حدث في العقود الأخيرة من حياته. كما تنبغي الإشارة إلى أن خيريفون مات قبل سقراط، ولم يشهد محاكمته. والدليل على ذلك واضح في نص الدفاع، حيث يقول سقراط: “وسيشهد أخوه الحاضر هنا أمامكم فيما يخص هذا بأن الأمر كان كذلك، حيث إنَّ خيريفون قد توفي.” (محاورة الدفاع، 21أ).

[2]- كان من اعتقادات اليونانيين أن عرافة معبد دلفي تتصل بالإله أبولون وتستعلم منه الغيوب.

[3]- أفلاطون، محاورة أبولوجي، ترجمة شوقي داود تمراز، م س، ص 291.

[4]- أفلاطون، المحاورات الكاملة، المجلد الثالث، محاورة أبولوجي، م س، ص 291.

[5]- ينبغي الانتباه هنا إلى دلالة اختبار الإشارة الإلهية؛ إذ إن سقراط عاملها بذات ما يعامل أطاريح ومواقف محاوريه، أي إخضاعها للفحص العقلي.

[6]- أفلاطون، المحاورات الكاملة، المجلد الثالث، محاورة أبولوجي، م س، نفسه.

[7]- أفلاطون، المحاورات الكاملة، المجلد الثالث، محاورة أبولوجي، م س، ص 291.

[8]- أفلاطون، المحاورات الكاملة، المجلد الثالث، محاورة أبولوجي، م س، ص ص 291-292.

[9]- أفلاطون، المحاورات الكاملة، المجلد الثالث، محاورة أبولوجي، م س، ص 292.

[10]- أفلاطون، المحاورات الكاملة، المجلد الثالث، محاورة أبولوجي، م س، ص ص 292-293.

[11]- أفلاطون، المحاورات الكاملة، المجلد الثالث، محاورة أبولوجي، م س، ص 293.

[12]- أفلاطون، المحاورات الكاملة، المجلد الثالث، محاورة أبولوجي، م س، نفسه.

[13]- أفلاطون، المحاورات الكاملة، المجلد الثالث، محاورة أبولوجي، ترجمة شوقي داود تمراز، الأهلية للنشر والتوزيع، بيروت، 1994، ص ص 294- 295.

[14]- Aristotle, Metaphysics, 1078b17.

[15]- أنظر إيجازا لقراءة فويلي عند:

Émile Boutroux. Socrate, fondateur de la science morale,Orleans Paul colas,1883.p2.

[16]- Hegel, H.PH.II. p.287.
_______
*مؤمنون بلا حدود.

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *