وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْعَنَاكِبِ الرقَمية

خاص- ثقافات

*د. أشرف صالح محمد

العالم أزرق والمشهد عبثي، تباغتك الرسائل بدون سعاة، صور وهمية وأسماء مستعارة، تفرز العناكب تعليقاتها الرمادية على كل حائط، تركت الشقوق والجحور فأصبح هذا العالم واقعها، والواقع أصبح افتراضيا.

فقد استغل أعداء النجاح مواقع التواصل الاجتماعي ليخرجوا الكثير والكثير من مكبوتاتهم، وليعبروا عن فنونهم في إحباط الآخرين، يتلونون كالحرباء، يحاولون التقليل من نجاحك بشتى الطرق، لا يعترفون بأي تميز أو إنجاز، لا تقرأ منهم إلا عبارات التحطيم في داخل هذا الجروب أو على تلك الصفحة، يقدحون هنا ويتفاخرون هناك، يتطاولون على الجميع ولا يعجبهم العجب هم الكاملون المكملون وسواهم أصفار لا يفهمون !!

وإذا كنت يا صديقي من المهتمين بالقراءة والكتابة والفكر والإنسانيات والثقافة والترجمة، فقد ارتكبت خطيئة بحسن نية ومع ذلك لن يغفرها لك الآخرون، فأعداء النجاح وأشباحهم وأشباههم سيحاولون بسعيهم الحثيث المريض تثبيط همتك لكي لا تنتج أبدًا !

في البداية سوف يسارعون إلى اقناعك بأنك لا تملك موهبة وأنك ضللت الطرق، وعليك البحث عن مكان آخر لتثبت فيه نفسك، وعند أول عمل تخرجه للنور سيكون هناك نقاد، ونسوا أن المدينة “لم تنحت أبدًا تمثال لتكريم ناقد”، وعندما تصبح جيدًا بعملك، سيكون هناك حاقدون بارعون في تحطيم طموحاتك.

ومع كل كتاب جديد أو دراسة لك وفي كل مقال سوف تجد نقدا هو في حقيقته كراهية داخلية انطلقت للخارج، فهؤلاء الحاقدون يسخرون وقتهم وطاقاتهم للتقليل من نجاحاتك وتهميش إنجازاتك بعبارات عدائية سلبية مريضة أو برسائل على الخاص هدفها التقليل من كل منجز قمت به.

حتمًا أنك انزعجت الآن من تلك الشخصيات المريضة والتي تعاني من “النقص”، فهم لا يريدون لغيرهم أن يتقدموا في مسيرتهم الحياتية، لكن بقدر قيمتك يكون النقد موجها لك،  “إذا قمت بعمل ناجح وبدأ الناس يرمونك بالطوب فاعلم أنك وصلت بلاط المجد”، فالتفوق يثير حفيظة الفاشل لأنه لا يستطيع مجاراته ويعجز عن إنجاز عمل يوازيه.

يصر الفيسبوك على أنهم أصدقاء، لا تقل أصدقاء وأعداء، بل قل “أعدقاء”، صديق لدود وعدو ودود، إن أفضل طريقة للتعامل مع أعداء النجاح هو تجاهلهم وعدم الالتفات إليهم، وإلا اِجلس مكانك وشاهد العالم من حولك، لا تفعل شيئًا، لا تحدد أهدافًا، كن شخصاً عاديًا، عندها لن تجد أحدًا يكرهك أو حتى يفكر في الحكم عليك، وهنيئاً لك فأنت الآن غير مرئي.

لكن لما لا تستغل تفاهاتهم كوقود يدفعك إلى الأمام، ألا تعلم أن وجودهم في حياتنا سر من أسرار نجاحنا إذ أنهم انشغلوا بنا لشعورهم بالنقص أمام جبروت إنجازاتنا وبالتالي كفاهم ذلة أن ينشغلوا بنا لنركب على جسور حقدهم ومكرهم. اذهب الآن إلى جدارك الأزرق واترك لهم منشورًا جديدًا: “عزيزي الحاقد.. لا تطمح أن تكون أفضل من الآخرين، اطمح أن تكون أفضل من نفسك سابقًا، فالعقول تصغر عندما تنشغل بالآخرين، وتكبر عندما تنشغل بذاتها”.
___
*كاتب وأكاديمي من مصر

 

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *