لقد كان فرانز كافكا دائمًا متقدمًا بخطوة عن غيره. بالنسبة له ككاتب، فقد كان يتبنى كل غريب. أبطاله كانوا الأشخاص المنفيين من المجتمع. ثيمات رواياته تدور حول كاتب يعاني من البيروقراطية. لقد تنبأ بالاستخدام القاسي للآلات. وتنبأ بالقرن العشرين، بطريقة أخرى، تحدّث عقله إلينا وكأنه يعرف كل ما سيحدث بعده. على كل حال، لم يكن للأبرياء أي فرصة للنجاة. توفي كافكا سنة ١٩٢٤ وهو في الأربعين من عمره. وتوفيت أخواته الثلاث في مخيمات الموت التي كان وراءها هتلر.
ويعالج كافكا في رواياته ثيمة الذنب.. “لا يمكن التشكيك في كونك مذنبا أبدًا.” في روايته “المحكمة” لا يتم إخبار الرجل المدان أبدًا بسبب اعتقاله أو إخباره بفعلته. بالتأكيد إذن فإن كافكا تصور الهولوكست. لقد ولد كافكا في براغ، عاصمة جمهورية التشيك الآن، وهناك عمل في وظيفته وتعلّم كيف يصبح كاتبًا عظيمًا. وفي المقابل، استطاع كافكا أن يرد هذا الدين لبلاده بمنحها هذه السمعة الأدبية الكبيرة. لا يمكن لأحد أن يتحدث عن الثقافة التشيكية أو الثقافة الألمانية (اللغة التي كان يكتب بها)، دون تسمية فرانز كافكا. وبرغم أنه قبل موته أراد تدمير كل أعماله، إلا أن صديقه ماكس برود أنقذ ما استطاع إنقاذه لنقرأه اليوم.
بالنسبة لكافكا لم يكن أي شيء كافيًا بالنسبة له، لقد كان يطالب بالكمال. وكان ينظر لنفسه على أنه فاشل.
التحق كافكا بالجامعة الألمانية في براغ سنة ١٩٠١، وبدأ بدراسة الكيمياء، ولكنه غيّر تخصصه إلى القانون بعد أسبوعين من بدء الدراسة. برغم أن هذا التخصص لم يكن مشوقًا بالنسبة له، لكنه كان يوفر له عدة احتمالات للحصول على وظيفة سترضي والده. بالإضافة إلى أن القانون كان يتطلب سنوات دراسة طويلة، ليعطي هذا الفرصة لكافكا لحضور عدد كبير من المحاضرات في الدراسات الألمانية وتاريخ الفن. والتحق أيضًا بنادي الطلاب (القراءة للطلاب الألمان)، والذي كان ينظم عددًا من الفعاليات الأدبية، والأنشطة الأخرى. ومن أصدقاء كافكا في تلك الفترة الصحفي فليكس ويلتش، الذي درس الفلسفة، والممثل يتزشك لوفي، والكاتبان أوسكار باوم، وفرانز ويرفل.