ثقافات موقع عربي لنشر الآداب والفنون والفكر يهتم بالتوجه نحو ثقافة إيجابية تنويرية جديدة ..!
*يوسف أبو لوز
أجمل من الجبال سكان الجبال، وأجمل من البحار السفن والمراكب والموانئ.. الإقامة بين الماء وبين الرمل،.. «في إحدى أغاني فيروز يا ريته ما كان في مراكب.. يا ريته ما كان في سفر..» ..، وإذا أردت أجمل من النساء أطفال النساء، وأجمل من المدن أرياف المدن.
أتاح لنا الربيع السياسي العربي أن نعرف الريف العربي بالنقل التلفزيوني المباشر، وأحياناً بتقارير سردية قصصية جميلة يكتبها صحفيون لم تلوّث أقلامهم دهاءات الاستقطاب والجذب. فقط الكتابة ببراءة مثل عريس يدخل إلى زوجته، ولم ير امرأة قبلها في حياته في تلك الليلة البيضاء بثياب الزفاف.
نعرف المدن والعواصم، لكن الريف كان دائماً على الهامش، جاء ذلك البائع الشاب التونسي من الريف، وفوق عربته «جنة» من الخضار، والأغلب انه لم يبع الفاكهة، فهذه أغلى، والمشتري.. « بياع»، وهو باع حياته من أجل كرامته.
شرارة نار والباقي على الله وبعد الحريق سينقل البث المباشر والخبر العاجل مقاطع «سردية» من الريف التونسي المبسوط بأشجار الزيتون من العاصمة إلى «سوسة».. وبالعكس في اوتوستراد جمالي ينقصه فقط «أبو القاسم الشابي» ليكمل ما تبقى له من قصيدته: إذا الشعب يوماً أراد الحياة، فلابد أن يستجيب القدر.
شكراً للربيع العربي. فتح دورب الكتابة إلى القرويات العربية المنسية.. ثم.. «.. وأجمل من المدن أرياف المدن..».
أجمل شعراء ومفكري وفناني ورسامي سوريا جاؤوا من الريف. أمل دنقل جاء إلى القاهرة من الجنوب، وحنا مينة رجل بحر أكثر من رجل يابسة، ورسول حمزاتوف ما كان له أن يكون حمزاتوف لولا جبال داغستان، وفؤاد رفقة لم ينسج شعريته بكفاءة قديس عاشق للطبيعة لولا روح الريف، والسفن، ما كان لها أن تصل إلى المرافئ لو لم يكن على متنها شعراء.
اكتب لك كل هذا، وأخاف أن اتساءل مثل أي عربي حزين ومحبط الآن: .. كم من الشعراء العرب يموتون في الأرياف..؟، كم يموت من الأطفال ؟، كم من موت للناس والحياة.. للشجرة والحجرة والجرة.
أجمل من الربيع.. ورق الخريف، أجمل من النساء عطر النساء، وأجمل من الرجال أبناء الرجال.
____
*الخليج الثقافي
