خاص ( ثقافات )
صدر عن الآن ناشرون أحدث كتب الباحث والناقد الدكتور زهير توفيق النقد الفلسفي: من الإصلاح إلى التغيير ومن النقد إلى التقويض، وهو من القلة القليلة في هذا البلد الذين ما زالوا ينافحون عن الفلسفة وأهميتها في الحياة وفي تقدم أي مجتمع، ويشتبك مع قضاياها عبر مقالاته التي لا تتوقف في الصحف والمجلات، ومؤلفاته العديدة. يمثّل هذا الكتاب عرضًا تحليليًا لطبيعة النقد الفلسفي، وعلاقته بمشروع التغيير، أو ما يسمى بالمشروع النهضوي تارة، والمشروع الحضاري تارة أخرى. وقد اتخذ هذا المشروع من التغيير والتقدم قضية مركزية، تتفرع عنها القضايا والإشكاليات الأخرى التي يدور حولها الفكر العربي الحديث والمعاصر، لتحديد عوامل تعثّر مشروعه بسبب غياب النقد الفلسفي بوصفه قاعدة معرفية لا بد منها لحماية المشروع من عوائقه المعرفية والاجتماعية التي ألمت به، كالانتقائية والتلفيق والتجريبية والنماذج القياسية القديمة.
يقع الكتاب في 187 صفحة من القطع الكبير، قّسمه المؤلف إلى ثمانية فصول تناولت طبيعة النقد الفلسفي والتاريخ والنقد الفلسفي، والنقد الفلسفي والتغيير، والعرب والنقد الفلسفي، والاتجاهات المحافظة في النقد الفلسفي، وموضوعات النقد الفلسفي، وتركيبه، وفصلا بعنوان الوضعية والنقد الفلسفي.
يتعلق النقد الفلسفي، حسب وجهة نظر الباحث، بنقد الواقع وخطاباته الأيديولوجية التي تتطلب تفكيكًا لفضح ازدواجية خطاباتها، بالتمويه الذي تمارسه. ويؤكد الباحث على أهمية النقد الفلسفي الذي لولاه لتراكمت الأعمال والنصوص وعاشت في تاريخ المعرفة على المستوى نفسه والأهمية نفسها، فالنقد الفلسفي بالأمس يصبح موضوعا للنقد الفلسفي اليوم في عملية جدلية، حيوية لا تتوقف.
والنقد الفلسفي يقدمه الباحث هنا، مؤصِّلا، ومدافعا، ليس بوصفه عملية معرفية وحسب، بل وأداة لتغيير الواقع الذي نعيشه، ذلك الواقع الزاخر بالإشكاليات المتنوعة في مختلف مناحي الحياة. ويرى الباحث أن مهمة النقد الفلسفي تمتد من نقد المرجعيات الأصليّة والمستعارة إلى نقد خطاباتها في المجتمعات العربية التي تمر بمرحلة انتقالية تراوح بين التقليد والتحديث.
يذكر أن الدكتور زهير توفيق يعمل مدرسًا في جامعة فيلادلفيا، وصدر له أربعة مؤلفات، هي: أديب إسحق مثقف نهضوي مختلف، وخطاب العلم والتقدم، والمثقف والثقافة، وإشكالية التراث في الفكر العربي المعاصر.