لغات وخرافات ومعاني الألقاب التركية في الجزائر



*رشيد فيلالي


قدّم أحد اللغويين العرب تفسيرًا طريفًا لاسم «أليخاندرو»، فهو يعني لدى هذا اللغوي الفذ والفريد من نوعه: «الذي خان داره!».
هكذا، بكل بساطة واعتباطية، وكم يوجد في عالمنا العربي مثل هذا الصّنف من اللغويين المخرفين الأغبياء، ممن يعانون جهلا فاحشًا بأسرار اللغات وخصائصها.
وسمعنا من قبل من فسّر اسم شكسبير بـ«الشيخ الزبير!»، والغريب أن من يشجّع مثل هذه الاجتهادات الفاسدة والمضحكة قوم فيهم من له مساهمات محترمة في البحوث اللغوية.
المهم أن صاحبنا الذي فسر اسم «أليخاندرو» بـ«الذي خان داره» جهل بأن هذا الاسم المشهور عالميا في صيغه المتعددة هو تنويع ونطق إسباني لاسم «ألكسندر»، حيث في اللغة العربي مثلا ننطق هذا الاسم «إسكندر» وهو تعريب لهذا الاسم القديم جدًا والذي ذكره هوميروس في ملحمته «الإلياذة»، وقد سمّي به أحد أشهر القادة العسكريين في العالم، أقصد به «إسكندر المقدوني».
وهذا الاسم في صيغته اللاتينية هو (Alexander) وفي اليونانية (Aléxandros) وحسب بعض الدراسات اللغوية فإن باريس كانت تدعى أيضا «الإسكندرية» ولا مجال للإشارة والتذكير بالمدينة المصرية الإسكندرية، فهي أشهر من نار على علم كما يقال.
وفي الحقيقة يعني اسم ألكسندر «حارس الرجال»، إذ هو في الأصل تركيب لمقطعين هما (aléxo) وتعني حامي أو حارس و(anér) أو (andros) التي تعني الرجل.
ومن نافلة القول الإشارة إلى أن لكلّ اسم معنى ليس في اللغة اليونانية أو اللاتينية فقط بل في كل اللغات دون استثناء، وقد أصدر المستعمر الفرنسي عام 1863 في الجزائر قرارًا تم فيه تغيير 47 في المائة من الألقاب الجزائرية باستثناء ألقاب الكراغلة لأسباب سياسية معروفة، الأمر الذي تسبب في نشر ألقاب ذات معنى شنيع ومشوّه ومحطّ لكرامة الإنسان.
وللعلم فإن الألقاب القديمة كانت مرتبطة بأنواع المهن التي اشتهرت بها العائلات الجزائرية المحلية أو التي ارتبطت بالعنصر العثماني على غرار الكراغلة، ومن هذه الألقاب بسطانجي التي تعني البستاني وخزناجي، خوجة وقارة الذي يعني في اللغة التركية الأسود وكان يطلق على العبيد السّود قبل أن يشيع على العبيد ككل بمن فيهم البيض..
والطريف أن هناك ألقابا تركية لا يدري الكثير من الجزائريين بكونهم يستعملونها في لهجتهم اليومية وهي في الأصل تدلّ على مهن يمارسها الأتراك، حيث على سبيل المثال نصف في اللهجة الجزائرية الرجل العامل بجد والمتفاني بأنه «دَمارجي» وهذا الوصف هو في الأصل اسم الحداد في اللغة التركية (demirci) وينطق دَمارجي، حيث أن هذه المهنة يمارسها عادة الرّجال الأشداء وأصحاب الإرادة القوية.. فتأمل!
_____
*نفحة

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *