*تحسين الخطيب
تمنح جائزة ديلان توماس العالمية، والتي تبلغ قيمتها المادية ثلاثين ألف جنيه إسترليني (حوالي 15 ألف دولار أميركي)، لأفضل عمل أدبيّ متخيَّل، صادر باللغة الإنكليزية؛ سواء كان في الشعر أو الرواية أو المسرح أو في القصة القصيرة، شريطة ألّا يتجاوز عمر المؤلف تسعة وثلاثين عاما، وهو السن الذي توفي فيه الشاعر الويلزي ديلان توماس في سرير غرفته بأحد فنادق نيويورك عام 1953، والذي من أجله أحدثت الجائزة.
وفي الثاني والعشرين من شهر مارس الحالي، أذعيت أسماء الأعمال التي ضمتها القائمة القصيرة لهذا العام، والتي وصفها المؤرخ داي سميث، من جامعة سوانسي التي تشرف على إدارة الجائزة، بأنها “تشكيلة مذهلة من الأشكال الكتابية والأنواع الأدبية”.
وتضم هيئة التحكيم الروائية الباكستانيّة كاملة شمسي والشاعر والمسرحي الويلزي أوين شيرز والمخرجة البريطانية فيليدا لويد والشاعر والمترجم الأميركي كيرت هينزيلمن والروائيّة البريطانية سارة هوول، التي قالت إنّ “القاسم المشترك بين جميع الأعمال المترشحة هو الطموح الأدبيّ والقدرة الخلّاقة لدى المؤلفين على إمضاء الرؤى التي تعتمل في دواخلهم على نحو مذهل، ولكنها عصيّة على التصنيف الأنواعيّ”.
وتضيف سارة هوول “عصيّة على التصنيف، لأنّ المؤلفين يبتكرون على الصعيد البنيويّ والسرديّ واللغوي، وينتهكون الحدود، نافذين إلى القارئ بطرائق جديدة وغير متوقعة، وثمة مدى واسع من المواقف ووجهات النظر، والتلاعب اللفظيّ، والمعرفة، والمحتوى الجادّ والغريب، وعمق إنسانويّ يجعل من الصعب معرفة من أين نبدأ في وصف كل منها”.
وتختم الروائيّة البريطانية، قائلة “إنّ الشيء الوحيد الواضح هو أنّ هؤلاء السّتة كتّاب موهوبون على نحو مدهش وظاهر، وهم جديرون، بلا ريب، بمكان في قائمة جائزة تحمل اسم ديلان توماس وروحه”.
ستة أعمال مرشحة
جاءت القائمة القصيرة في ستّة أعمال، اختيرت من قائمة طويلة تضم اثني عشر عملا، موّزعة بين الشعر والرواية والقصة القصيرة، ففي الشعر، ثمة مجموعتان: “جسديّ” للشاعر البريطاني أندرو ماكميلان، وهو الديوان الذي سبق له الفوز بجائزة الغارديان البريطانية في عام 2015، و”تضليل” للشاعرة الإسكتلندية فرانسيس ليفستون.
وفي المجموعة القصصية المختارة أتى كتاب “بركة”، الكتاب الأول للأيرلندية كلير لويز بينيت، والتي تؤرخ على نحو أخّاذ مسرّات حياة عزلة ومزالقها، تقصّها امرأة بلا اسم، تعيش في قُرنة مدينة ساحلية.
ونلمح فيها العالم المحسوس (الآنية المهشمة والأبقار المتشاكسة والباذنجان الفاخر وبزوغات القمر المرتعدة وشروقات الشمس المرعبة)، موصوفا في هذه الحكايات بحميميّة مضطربة، ثم ما يلبث أن يمضي في مسار حياته الخاصة.
وفي الرواية، تتنافس على الجائزة ثلاثة أعمال هي: رواية “الحزن هو الشيء ذو الرّيش” للبريطاني ماكس بورتر، وليس الطائر المُريّش في الرواية سوى “غراب” الشاعر الإنكليزي الراحل تيد هيوز، والذي يحضر في السرد بعد الموت الفجائيّ لوالدة صبيّين صغيرين يعيشان في شقة بلندن.
يصل الغراب الأسطوريّ في لحظات اليأس والحزن التي تجتاح الصبيّين ووالدهما المتخصص في شعر تيد هيوز، ولا يبرح المكان حتى تبرأ جراح أنفسهم الغائرة.
ويأتي العمل الثاني المرشح للرواية، “النّاب الذي أحدث الضّرر”، للأميركية من أصول هنديّة تانيا جيمس، والتي تسرد حكاية فيل يصبح يتيما بعد أن يقتل الصيّادون أمّه، فيثير الذعر في الريف، ويقتل الناس ثم يدفنهم تحت أوراق الشجر. والعمل الثالث المرشح لنفس الصنف، فهو “سنة الشّاردين” للبريطاني من أصول بنجابيّة سنجيف ساهوتا، وتحكي الرواية عن “ثلاثة عشر شابّا قدموا من الهند ويعيشون بشيفيلد في لندن، ويبحثون بيأس شديد عن حياة جديدة.
تارلوشان، وهو سائق عربة سابق، لا يتكلم أيّ شيء عن ماضيه في بيهار؛ وثمة سرّ لدى آفتار يجبره على حماية الطائش رانديب، فيما لدى رانديب، في المقابل، امرأة تزوجها للحصول على التأشيرة، وتعيش في شقة بالجانب الآخر من البلدة، وهي امرأة ذكية ومخلصة، لا تضع في الخزائن سوى ثياب زوجها، مخافة أن يداهم الشقة رجال الهجرة.
“تضليل” فرانسيس ليفستون
كان “حلم عمومي” (2007) عنوان المجموعة الشعرية الأولى للإسكتلندية فرانسيس ليفستون، والتي ترشحت ضمن القائمة القصيرة لجائزة “تي. إس. إليوت”، وجائزة “فوروارد” لأفضل مجموعة شعرية، وجائزة “جيروود أديلبيرغ” لأفضل ديوان أوّل في عام 2008 على حد سواء.
وتأتي مجموعتها الثانية، “تضليل”، بعد ثماني سنوات، لتؤكد حضورها كشاعرة رفيعة الثقافة، تنتقي الكلام بعناية فائقة، صانعة قصائد “صعبة” لا تشبه غيرها من الشعر الإنكليزي الذي يكتب اليوم من قبل الجيل الجديد، تتراوح بين السّونيته القصيرة والرباعيّات ذات الأسطر الموجزة والثُّمانيّات المقفّاة.
يصف جيرمي نويل تود في ملحق “التايمز الأدبي” كتاب ليفستون الجديد هذا بأنّه يشبه، في تكنيكه المعقّد، كتاب “مواطن: أنشودة أميركية” للشاعرة الأميركية السوداء كلوديا رانكين، الفائز بأهمّ الجوائز الأدبية في عام 2015.
وولدت فرانسيس ليفستون في عام 1982 في أدنبره، درست الإنكليزية في جامعة القديسة هيلدا في أكسفورد، وحصلت على درجة الماجستير في الكتابة من جامعة شيفيلد.
ونالت ليفستون جائزة “إيريك غريغوري” في عام 2006، والتي تمنح لأفضل الشعراء الشبان ممن لا تزيد أعمارهم عن الثلاثين عاما، وفي عام 2004، نالت جائزة “إيكتوس” عن كرّاسها “أكثر خفّة”، كما تنافست قصتها القصيرة “تَوْشية” على جائزة الـ”بي بي سي” في القصة لعام 2015.
______
*العرب