عمّان.. خلدون امنيعم يوقع مجموعته الشعرية “أرني أنظر إليك”





خاص ( ثقافات )
أقامت “الآن ناشرون وموزعون” بالتعاون مع “القصر الثقافي الملكي” حفل توقيع للمجموعة الشعرية “أرني أنظر إليك” للشاعر “خلدون امنيعم” في المسرح الدائري يوم الأحد 28/2/2016
بدأ الحفل بكلمة الناشر التي قدّمها القاص جعفر العقيلي، وقال فيها: “يرى د.خلدون الشعرَ كائناً برياً شرساً، ولكن أليس هو الآخر كائنٌ برّي؛ فمَن يروّض مَن؟! ومن يكتب من؟ أيكتبُ هو القصيدة أم تكتبه هي؟
نحتفي اليوم بميلاد كتابٍ لا بميلاد شاعر؛ فالشاعر يولَد مرة واحدة ولا يتشكل على مراحل. وقبل أن يقرر الصديق خلدون جمع بعضَ شَتاتِه بين دفّتي كتاب كان قد طوى مسافات شاسعة في المخيال، وتعامل مع أسرار اللغة كخيميائيّ، ونحت طينةَ الشعر كما يحبّ ويشتهي”.
وأضاف العقيلي: “سعداءُ عن حقّ وحقيق بأن ينضمّ خلدون امنيعم؛ المبدع الصافي، إلى قافلة المبدعين الكبار الذين أقاموا شراكةً معنا، وراهنوا علينا كما راهَنّا عليهم. وسعداء بهذا الحضور المحبّ؛ للشعر والشاعر معاً.. “
قدّم بعدها الناقد والتشكيلي حسين نشوان قراءة في المجموعة الشعرية ابتدأها بالقول: ” في الشعر لا نقول الأشياء بحالتها الراهنة، بل نذهب إلى ما يتجلى في مرايا الروح، وحينما ننحى للصوفية في النص، فإن كل كلام لا يؤنث يغدو باطلاً.
وهنا يتحول الكلام من وسيلة للتواصل إلى أوراد -جمع ورد- للوصال، وتتحول المفردات من كلمات إلى رموز، علامات، إشارات، مقامات، شفرات بين الذات والذات.
وتصبح النصوص مجموعة من الأسرار التي تصل بين المريد والمراد، وميزة هذه الأسرار، أنها تتخير لغة خاصة، صافية، تتشبع بمعارف انبنت وفق تجربة العاشق الوجدانية في جوانب لا يراها الآخرون للمعشوقة” 
وأضاف نشوان: “في “أرني ، أنظر إليك” …… جواب طلب، لا يتوقف عند اللغة، بل يدلف منها ، بوصفها “مثوى الوجود”، على حد قول الفارابي، لإعادة ترتيب الوجود، الذي تتمازج فيه الرؤية والزمن لحيازة الأزل بالمعنى، فهي حيازة المفقود، والناقص من النص الأول، لتحويل المعشوقة إلى أيقونة، يتحول فيها الكائن من الطبيعة الجسمانية إلى النورانية”.
و يقول التشكيلي محمد العامري في ورقته التي قدمها في الحفل: “يشكل العنوان لدى امنيعم عتبة مهمة لكشط ما يخبو من نيران تحت رماد قلبه، فهو الباحث عن كشف في غموض الأشياء من حوله وصولاً إلى أقرب الأقربين، الحبيبة صاحبة النأي اللذيذ، فتترولوجيا النص تشي بحوامات من اللغة الصافية التي تسيل قراحاً، لجيناً من حروف الوجد، كما لاظمُ عقدٍ من انفراط الأشياء، فهو ابن الضلالة في الشعر يبحث عن مفقودات مدكوكة في عتمة الناس، العتمة التي سادت الألوان في التعبير الشعري لاقترانه بأكثر من غربة واغتراب، هذا السواد الذي يصل في حلكته الى الاكتحال بضوء النجم فقد حوّل ضوء النجم الى كحل، وهذا الأمر يدعونا للنظر إلى تلك القصائد بوصفها الماء الذي رشح من ذات الشاعر، الذات التي تنفطر ألماً وتقشفاً في الفرح من خلال تجوهرات النأي والعزلة الشفيفة التي تليق بالمقام الشعري، المقام الذي يحتاج الى طهارة الألم، والاحتفاء بالضوء الغامق”. 
ويضيف العامري: ” فعالية النصوص تأتي من خلال شراكة الألم بين الكاتب والقارئ معاً، حيث يصبح النص مكاناً للالتقاء في مشتركات بين الخاص والعام، بين السند اللغوي لما ورد من قص في القرآن كسورة مريم مثلاً وكذلك سورة سيدنا يوسف وتمثلات ذلك المزاج في بعض النصوص، ولم تأت تلك الاستدلالات كتناص بقدر ما جاءت كمجاورات لما ورد في القص القرآني، وإذا سلّمنا بأن هناك تناص فيمكن إرجاعه الى التناص الصوتي، أو تناص اشتقاقي والشاهد الشعري يشير إلى ذلك بقوله: 
ما مسني رجلٌ ولا قمرٌ ولا نهرٌ “
أنا مسُ التماع البرقِ في جسدٍ تخَطّفَهُ الغوايةُ والتبتلُ،
فاصطفى جسداً يفيضُ الماءُ من أرجائه …. زبداً 
ما مسّني رجلٌ 
أنا مسّ الإله” .
قُدّم بعد ذلك في الحفل عرضاً مسرحياً موسيقياً لقصيدة “هسيس الرغبة: حوارية آدم وحواء بعد الخروج” للشاعر خلدون امنيعم، أداء: آلاء حمدان، ليث الخوالدة، وإخراج بلال زيتون. 
ثم ختم الشاعر الحفل بإلقاء مجموعة مختارة من قصائد المجموعة منها قصيدة ” نوحٌ ينوحُ”:
“آهٍ بُنَيَّ … 
جَسدي تهدَّمَ منْ جِهاتي كلِّها 
إِلّاكَ تُسْنِدُهُ يَداك:
ـ يدُ الذّكرى تُطوِّفُ غربَ شُرْفتِنا 
ـ يدُ الآتي تُعانقُ فرحةً في قعرِ خيبتِنا 
ـ تهدَّمَ وجهُ هذا الكونِ، يا ولدي الصّغير، 
ولا أفقٌ سماويٌّ يندَهُ في هجيرِ وحدتِنا 
سوى نوح
الذي خلّى البُنُوَّةَ خلفَ موكبِهِ تَنوحُ”.
تشكل مجموعة “أرني أنظر إليك” مزاجاً جديداً في الشعر الأردني من حيث اللاظم الجذري لها عبر الارتكاز إلى الموروث الصوفي والقرآني كمادة من الممكن أن تشكل محكوكات تثير الكتابة وإسقاطها على الحالة الخاصة بوصفها حالة جمعية. 

شاهد أيضاً

أبورياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع لإنارة الطريق

الأديب موسى أبو رياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *