ترجمة: أحمد الزبيدي
كُتبت عن ماركيز عشرات الكتب والمقالات والدراسات ، وما زالت كتبه تباع بملايين النسخ . ويعتبره النقاد اول من كتب بأسلوب الواقعية السحرية، حتى ان الروائية التشيلية إيزابيل الليندي تعرضت لهجوم كبير من بعضهم عندما اصدرت روايتها الاولى (بيت الأرواح) حيث اتهموها بمحاولة (استنساخ) روايته الشهيرة “مائة عام من العزلة.”
هذه ترجمة لمقابلة تلفزيونية أُجريت مع الكاتبة إيزابيل الليندي بعد اسبوع من رحيل غابرييل غارسيا ماركيز تتحدث فيه عن علاقتها بالكاتب ودوره في نشر أدب أميركا اللاتينية في مختلف أرجاء العالم.
* أنه لشرف كبير أن تكون معنا إيزابيل الليندي للحديث عن الشخص الذي غيّر شكل الأدب، ليس فقط في أميركا اللاتينية.
– بل في العالم.
*وكان له تأثير هائل في جميع أنحاء العالم. نريد ان تحدثينا عنه.
– انه أمر صعب أن أتحدث عنه. فالحديث عنه يثير مشاعري وعواطفي كثيرا. انه أستاذ الأساتذة. لقد بدأ ازدهار أدب أميركا اللاتينية الذي استولى على اهتمام العالم خلال النصف الثاني من القرن، في عام 1963 مع رواية لكاتب غير معروف آنذاك يدعى ماريو فارغاس يوسا. وكانت تلك هي اللحظة التي اكتشف العالم فيها أن لدينا كتّاباً كباراً. وكانوا نخبة مميزة من عدة مؤلفين. ولكن أهم مؤلف فيهم، والكاتب الذي كان حقا هو الركيزة الأساسية لهذه الحركة، كان هو غارسيا ماركيز بروايته “مئة عام من العزلة.” وجميع رواياته التي كتبها بعد ذلك لم يشِد بها النقاد فقط ولم تترجم، وتحوز على عدد لا يحصى من الجوائز فحسب ، لكنها كانت روايات شعبية. اصبحت مثل أعمال ديكنز أو بلزاك. واصبح الناس يقرأون غارسيا في الطرقات . كان كل كتاب له يحصل على شهرة وشعبية لا حدود لها . لذلك ،وبطريقة ما، يمكن القول انه استولى على قلوب العديد من القراء وغزا بكتبه جميع انحاء العالم وتحدث للعالم عن قارتنا، أميركا اللاتينية، وجعلنا نعرف من نحن . وفي صفحات كتبه، كنا نرى أنفسنا وكأننا ننظرفي مرآة.
* ولكن، مما يثير الدهشة، انه كان يتمتع بالنجومية في بلده، ورغم أنه شخصية أدبية، لكنه كان إنساناً غير عادي، كان مثل نجوم موسيقى الروك. كل ما يقوله غارسيا ماركيز أو يفعله، تجدين البلاد كلها تتحدث عنه وتهتم به و..
– في العالم كله وليس في بلاده فقط.
* نعم.
– ولكن، كما تعرف، فإن هذا ليس حدثاً نادراً في أميركا اللاتينية، ، فبعض الكتّاب في اميركا اللاتينية ،ولأنه كان كاتبا، فقد انتخب رئيساً للبلاد.و يتم طلب المشورة من الكتّاب كما لو كانوا أنبياء أو منجّمين. فمن المفترض أنهم يعرفون كل شيء. وبطريقة ما، فإن هذا أمر منطقي، لأنه في مثل قارة معقدة وغريبة كما هي أميركا اللاتينية، فإن الكتّاب يلخصون لنا واقعنا الذي نعيشه بطريقة ما، ويعبرون عن أحلامنا المشتركة، و آمالنا ومخاوفنا المشتركة،. انهم يسردون لنا تاريخنا، والذي عادة ما كان تاريخاً ساحراً ورهيباً.
* هل تتذكرين متى قرأتِ “مئة عام من العزلة” لأول مرة ؟
– نعم، لقد نشرت الرواية عام 1967، وقرأتها بعد عام من ذلك التاريخ. كنت قد أنجبت ابني، نيكولاس، الذي ولد في عام 1966، وكنت حينها قد عدت إلى العمل. كنت أعمل في مجلة نسائية. وأتذكر انني عندما كنت أقرأ الكتاب، لم أذهب إلى العمل. بقيت اقرأ الكتاب حتى انتهيت منه. كان كما لو أن أحدهم كان يروي لي قصتي. لقد كانت عائلتي موجودة في الكتاب ،وكان هناك بلدي، والناس الذين أعرفهم. بالنسبة لي، لم يكن هناك شيء سحري في ذلك. فقد كانت جدتي موجودة في الكتاب. ولقد نشأت أيضا في بيت جدي وجدتي، كما حدث معه هو.
والقصة التي سمعناها عن أنه أرسل مخطوطته على دفعتين لأنه لم يكن قادرا على تحمل تكاليفها، حدثت نفسها مع روايتي “بيت الأرواح” بعد عدة سنوات . كنت أعيش في فنزويلا، لم يكن عندي المال لإرسال المخطوطة كاملة، فأرسلتها على دفعتين. لذلك، كان هناك الكثير من أوجه التشابه بيننا. وكان لدينا نفس الناشر، وهي كارمن يالشيلو التي كثيرا ما كانت تقول لي ان لي نفس ردود فعله. على سبيل المثال، حينما نتسلم العقد لا نقرأه أبدا ، نوقع عليه فقط. وفجأة وبدون أي سبب محدد، فإننا عندما نقرأه نقول: “كلا، لن أوقع هذا العقد”. لذلك، أنت تعرف ذلك النوع من..
* هل كانت في إسبانيا ؟
– نعم كانت في إسبانيا. تعرف ذلك النوع من الصراع الذي يدور داخلك
حين تشعر انه قد سيطر عليك تماما بكلماته ، وعمله ، وشخصيته. كان رجلاً صعباً، ولكنه كان خلاقاً جداً، سريعاً جدا في الاستجابة. وكان رجلاً مدهشاً.
* وما الذي جعل “مئة عام من العزلة” كتاباً مهماً وغنياً هكذا؟ ليس فقط في أميركا اللاتينية، ولكن في جميع أنحاء العالم؟ أعني، انه في الأساس قصة عدة أجيال من عائلة تعيش في جزء منسي من كولومبيا،في مدينة صغيرة.
– مدينة خيالية.
* ومنعزلة عن العالم.
– ومكاناً خيالياً.
* خيالي ، حسنا. ولكن ما الذي جعل هذا الكتاب عملاً هاماً وبارزاً؟
– أعتقد ان السبب يعود لما فيه من واقعية سحرية، والتي يلجأ اليها الناس في جميع أنحاء العالم ، لأن العالم والحياة شيء غامض جدا. نحن لا نتحكم في أي شيء. ليست لدينا أية تفسيرات لأي شيء. ونحاول أن نعيش في عالم نريد ان نسيطر عليه ، حتى نشعر بالأمان. وفي هذا الكتاب، والكتب التي تلته ، كان هناك وصف وسرد مذهل لحدوث اشياء غير معقولة، رغم انها تحيط بنا في كل وقت. وذاك اعتراف بأننا لا نتحكم في أي شيء، وليست لدينا تفسيرات، وأن هناك شيئا ما، هناك الأرواح، و الصدف، ونبوءات الأحلام والأشياء التي يمكن أن تكون من عالم السحر و الخيال لأننا لا يمكن أن نجد تفسيرا لها. أعتقد أن أية ظاهرة ، مثل الكهرباء لو كانت موجودة قبل قرون ، سينظر لها على انها نوع من أعمال السحر. ربما بعد 200 سنة من العزلة سنكون قادرين على شرح ما نعتبره الآن نوعاً من أعمال السحر بالنسبة لنا.
* لنتحدث عن الواقعية السحرية ، من أين جاءت هذه العبارة ؟ وما هو تأثيرها عليك ككاتبة ، وعلى الناس في جميع أنحاء العالم ؟
– حسنا، ما أفهمه أولا وقبل كل شيء ان غارسيا ماركيز لم يخترع ذلك. لقد كان كاتباً عظيماً وكان قادراً على ان يمزج الواقعية بالسحر بطريقة رائعة ومقبولة في كل مكان. ولكنها كانت موجودة قبله بفترة طويلة. ما أود قوله إن الواقعية السحرية بدأت مع تدفق الغزاة الى أميركا اللاتينية، حين كانوا يبعثون الرسائل إلى الملك أو إلى إسبانيا ويتحدثون فيها عن القارة التي كانت تمتلك ينابيع الشباب، التي يمكن أن تلتقط الذهب و الماس فيها من الأرض، التي كان الرجل فيها يملك حصاناً بقرن مثل وحيد القرن أو لديه قدم واحدة كبيرة بحيث كان يرفعها في وقت القيلولة مثل المظلة ليتفيأ بظلالها. ما أعنيه، ان هذا ليس من اختراعي . كان موجودا في رسائل الغزاة. لذلك، في تلك البداية السحرية لكل من أميركا اللاتينية وإسبانيا معا، تم اختراع هذا الواقع. وقام كاتب كوبي عظيم بدمج المصطلحين معا لأول مرة ، وبعد ذلك انتشر المصطلح على يد غارسيا ماركيز وذاع صيته. ولكن يقال أن استخدامه لأول مرة قد بدأ في ألمانيا، وأن أول شخص على الإطلاق دمج مصطلحي السحر والواقعية معا كان يعيش في ألمانيا.
* حسناً، من الواضح ان التأثيرات الكبيرة في حياة ماركيز لم تنشأ من خلال نشأته العائلية ولم تكن هي العامل الوحيد الذي كان له تأثير كبير على حياته ، ولكن المناخ السياسي ايضا الذي عاش فيه وترعرع، من قبيل الأحداث المخزية التي حدثت في كولومبيا، حيث قتل أكثر من ثلاثمئة ألف شخص في الحرب الأهلية، ومن ثم ، حدوث حروب المخدرات في كولومبيا، والتفكك الهائل الذي حصل في المجتمع الكولومبي. حدثينا عن آرائه ومواقفه السياسية، وكيف عبر عنها من خلال أعماله.
– كان ماركيز كاتباً يسارياً على الدوام. وأصبح صديقاً لفيدل كاسترو في وقت مبكر جدا خلال الثورة الكوبية. وكان محبوبا في كوبا، وعاش هناك وزار كوبا مرات عديدة. وأسس معهد السينما في هافانا. وآراؤه ومواقفه اليسارية، جلبت له الكثير من المتاعب في كولومبيا. ولم يعد بامكانه العيش في كولومبيا لفترة من الوقت لأن حياته كانت مهددة. فعاش في المكسيك. وفي العديد من الأماكن الأخرى. وبالفعل فقد توفي في المكسيك. وهو ليس الكاتب الوحيد في ذلك ، لأن الكثير من كتابنا في ذلك الوقت عاشوا في المنفى وكتبوا في المنفى، في أوروبا وأماكن أخرى، لأن العيش في بلدانهم كان غير آمن. حدث ذلك أيضا في تشيلي. موجة من الكتاب التشيليين غادروها بعد الانقلاب العسكري، وبدأوا يكتبون في المنفى.
* يتحدث غابرييل غارسيا ماركيز عن الفترة التي قضاها في باريس في الخمسينات من القرن العشرين، وعن ايام المنفى- بعد ان هرب من كولومبيا، هو وعدد من زملائه الكتاب من أميركا اللاتينية، الذين كانوا أيضا في باريس، ويقول:
– (ان ما كان المهم بالنسبة لي، في باريس، هو توسيع آفاقي لتشمل كل أميركا اللاتينية، ففي أميركا اللاتينية كنت كولومبياً فقط ، ولكن في باريس توسعت ثقافتي اكثر، في المقاهي كنت التقي بانتظام الأرجنتينيين، والناس من أميركا الوسطى، من المكسيك ، ومن مختلف البلدان.
وكان في ذلك الوقت الكثير من الحكام المستبدين. كان هناك روخاس بينيا في كولومبيا، بيريز خيمينيز في فنزويلا، واودريا في بيرو، تروخيو في سانتو دومينغو. وكان هناك بيرون في الأرجنتين. كان هناك حكام مستبدون في كل مكان تقريبا. وكان هناك باتيستا في كوبا.
كنت أعيش على المعاشات التقاعدية في شارع كوجاس الذي يقع على يمين الحي اللاتيني. وكان الشاعر نيكولاس غيين يعيش في فندق صغير بالمقابل مني. وكنا نزوره بانتظام. كل واحد منا كان يتوقع وصول اخبار من بلاده. وحين كان يستيقظ في وقت مبكر كما اعتاد أن يفعل في كوبا، ينحني على نافذة منزله ويصيح، “لقد سقط!” كان كل واحد منا يعتقد أن المقصود هو ديكتاتور بلده.)
* لنتحدث عن التأثير الذي أحدثه بلدك “تشيلي” على ماركيز ،ومصير عمك، رئيس تشيلي سلفادور ألليندي، الذي أطاح به بينوشيه في انقلاب عسكري،و لقي حتفه في القصر الرئاسي يوم11 ايلول 1973.
– نعم، لقد كتب غارسيا ماركيز عن ذلك. وكان نشطا جدا ضد الدكتاتورية. في ذلك الوقت، حدث في شيلي انقلاب عسكري فظيع صنع دكتاتورية سافرة ليس لها مثيل ، ما دفع العالم الى إيلاء الكثير من الاهتمام بتشيلي. ولكن كان هناك طغاة في جميع أنحاء أميركا اللاتينية. وبعد فترة وجيزة، بدأت الحرب القذرة في الأرجنتين. ثم في أوروغواي، وكان الوضع في اوروجواي فظيعاً. وفي البرازيل، كان لا يمكن الذهاب الى كثير من الأماكن،. كانت هناك جموع من الناس تفر من بلدانها محاولة العثور على ملجأ في مكان آخر، ثم يجدون دكتاتورية اخرى في ذلك المكان الذي يهربون اليه. وهذا ما حدث لكثير من التشيليين الذين ذهبوا إلى الأرجنتين، وماتوا فيها. وقد كتب غارسيا ماركيز عن كل ذلك، فقد كان على بيّنة مما يحدث، وكان قد عاش ذلك بالفعل في أيام شبابه حين كان في بلاده، وفرّ الى باريس هرباً من الحكومات القمعية، وكتابه “خريف البطريرك”، يسرد ببلاغة عظيمة كل ما جرى في أميركا اللاتينية، ويلخص الرعب من الحكومات الاستبدادية والجهل وسوء المعاملة والاستغلال والقتل الذي كان سائداً آنذاك . و أعتقد أن هذا الكتاب يمثل كل تلك الديكتاتوريات.
* حسنا، لنتحدث عن روايته “الجنرال في متاهته”
– هذه عن سيمون بوليفار.
صحيح، قصة المحرر الكبير سيمون بوليفار في أيامه الأخيرة. حيث يروي ماركيز كيف كانت سكرتيرته تقرأ الكتب له. لنتحدث عن الصحافة فقد بدأ ماركيز صحفيا في الخمسينات وكان يعود للكتابة فيها بشكل دوري حتى حينما اصبح روائيا ، ولأقتبس هنا ما قاله اثناء اجرائه مقابلة مع الشاعر التشيلي الكبير بابلو نيرودا في عام 1971 (اتمنى العودة للصحافة لانني اعتقد انك كلما انشغلت بالكتابة الادبية اكثر فقدت احساسك بالواقع،ومن ناحية اخرى فإن العمل الصحفي يفيد في جعلك على تماس مباشر بالواقع) . وفي عام 1998 يتحدث ماركيز عن السبب الذي جعله يعمل صحفيا :(عملت في الصحافة لأن ما كان مهما لي، أكثر من الأدب، أن أكتب عن اشياء حقيقية. وانطلاقا من وجهة النظر هذه، فإن الصحافة لابد من ان تعتبر جنساً أدبياً، وخاصة التحقيقات الصحفية. لقد دافعت دائما عن هذه الفكرة، لأنه حتى الصحفيين يرفضون الاعتراف بأن التحقيقات الصحفية هي من أنواع الأدب. وفي الحقيقة، انهم يبخسون حقها. بالنسبة لي، فان التحقيق هو قصة قصيرة متجذرة تماما في الواقع. على الرغم من ان القصة القصيرة مستوحاة أيضا من الواقع، وكذلك الرواية. لم يسبق ان تم اختراع رواية من الخيال بشكل كامل ، لابد لها أن تبنى دائما على التجربة الحياتية . ولقد أدركت أن الطريق الذي سلكته في الصحافة هو جزء من هذه العملية. كان مجرد مرحلة أخرى، ليس في الحصول على ثقافتي الأدبية، ولكن في تطوير مهنتي الحقيقية: سرد القصص).
* لقد بدأتِ أنت أيضا كصحفية و..
– وقد بدأ العديد من الكتاب في أميركا اللاتينية كصحفيين، وحتى بعد أن أصبحوا روائيين، واصلوا العمل كصحفيين. أعتقد أن العمل الصحفي يمدك بالكثير من الأفكار. ويجعلك على اتصال مع الواقع. كنت على اتصال مع الناس، استمع إلى قصصهم . في حالتي، كنت قد بدأت كصحفية، لكنني كنت صحفية رديئة، ولم التزم أبدا بالحقيقة، ولم استطع أن اكون موضوعية أبدا.
* وهذا ينطبق على معظم الصحفيين.
– نعم، لم أتمكن أبدا من أن أكون موضوعية وأنا متأكدة من أن حتى غارسيا ماركيز لم يستطع ذلك.
* ولكن ،كما اقتبسنا حديث ماركيز عند مقابلته لنيرودا قبل قليل ،لا بد لنا ان نشير الى انك قابلت نيرودا ايضا قبل وفاته بأيام معدودة وتحدثت عن الصحافة..
– حسنا، كان بابلو نيرودا الأديب التشيلي الثاني الذي ينال جائزة نوبل للآداب – للشعر. كان الأول هو غابرييلا ميسترال. كان نيرودامعروفا في جميع أنحاء العالم وترجم شعره في جميع أنحاء العالم وفاز بجائزة نوبل. وعندما اصابه المرض، عاد إلى تشيلي، إلى جزيرة نيجرا، لأنه كان يريد أن يموت ويدفن في منزله في جزيرة نيجرا حيث قبره الآن. هناك صخرة، وتحت تلك الصخرة دفن هو وزوجته.
قبل الانقلاب العسكري عام 1973 بفترة وجيزة، زرته في جزيرة نيجرا. وكان يوما طيبا بالنسبة له. كان يرتدي معطفه. تناولنا الغداء وكان كورفينا رائعا، وهو نوع من انواع السمك في تشيلي، مع النبيذ الأبيض. ثم قلت له: “هل يمكنني أن أجري المقابلة الآن، دون بابلو، لأن الوقت قد تأخر، ويجب أن اعود الى سانتياغو؟” فقال: “اية مقابلة؟” “حسنا، لقد جئت لمقابلتك.” عندها قال: “بأي حال من الأحوال. فأنا لن اجعلك تجرين مقابلة معي. لأنك أسوأ صحفية في هذا البلد. أنت تكذبين طوال الوقت. ولايمكنك أبدا أن تقولي الحقيقة. أنت تضعين نفسك في منتصف الاشياء. ولم تكوني أبدا موضوعية. وأنا متأكد من أنه إذا لم تكن لديك قصة، فانت تختلقينها ، لماذا لا تتحولين إلى كتابة الأدب، حيث تعتبر كل هذه العيوب من الفضائل؟ “
* في الختام نريد ان نسمع كلماتك الاخيرة عن غابرييل غارسيا ماركيز؟
– كما قلت من قبل، فإن قلبي يتفطر لرحيله، ولكن ليس عقلي. بطريقة ما، أشعر بحزن شديد لأنه رحل. لكنه كان قد رحل منذ سنوات عديدة من الآن. فهو لم يعد يكتب منذ سنوات عديدة. ولكن الكتب تبقى خالدة، و سوف تكون دائما معنا، وسوف نكون قادرين على قراءتها مرات عديدة إلى نهاية حياتنا. لذلك فهو دائما معنا.
______
*المدى