*خالد أيــــــــــــما
خاص ( ثقافات )
قبل وبعد النفس الأخير من قراءتي لرواية مقبرة براغ للمنظر الباحث السيميوطيقي “امبرتو ايكو”اجدني الآن قلقا وحائرا إزاء قراءتي لهذه الرواية المائزة بالعقد والخيوط المتشابكة على مدى576صفحه انمازت هي الأخرى بفوضى غير منظمة ، واحيلُ ذلك الى الترجمة السيئة التي لربما خانت المرجعية بما فيها “ايكو” ونصه البراغي (مقبرة براغ) بكل ما يملكه من جمل وكلمات ربما لن ولم تترجم بوعي ومعرفة محسوبة من لدن المترجم ، وهذا ما شكل ويشكل إزعاج وربما قطع تام في تيار القراءة (مواصلة القراءة) أي تجدنا منذ الوهلة الأولى نصاب بالملل وربما الغثيان الذي يقودنا هو الآخر الى الضجر في مواصلة القراءة ، ناهيك عن اسلوب “ايكو” وحرفنته في المد والجزر الروائي الذي لا يخلو من خرق وحرق ومغامرة وجرأة وتكنيك عالي يشدنا ويسحرنا بين فترة وأخرى الى ان نكون مع “ايكو” بكل انفاسه ، وهذا بحد ذاته يشكل لنا متعة في قراءة النص من جديد على الرغم ما ينتابنا من غموض والتباس في فهم النص … النص الذي لن ياتي من فراغ ولا يؤول الى فراغ حسب ياوس .
وبهذا التوهان يجبرنا الثنائي “ايكو وياوس” على مواصلة القراءة ، وما بعد القراءة على الرغم من ترجمة (خضير اللامي) السيئة ، وأحيلُ ذلك الى المترجم نفسه الذي وجد صعوبة كبيرة في هضم واستدراج النص باعتباره القارئ الأول ، وحقيقة ذلك ان (اللامي) لم يفهم ايكو وما يريده في هذا العمل الروائي الشائك من حيث تداخل الأحداث وتشابكها وغموضها، وزمنها الأسترجاعي ، وحبكتها المعقدة ، وأسلوبها الملتوي ، ودليل ذلك واضح عندما يعترف المترجم بمقدمة “ايكو” وادعائه بأنها غير كافية ، وكذلك استنجاده بمقدمة (جبرا ابراهيم جبرا) في رواية “الصخب والعنف” التي يقول فيها ” ” هذه الرواية لا يمكن هضمها من القراءة الأولى ولا حتى الثانية ، هذه التبريرات (المقدمات) التي ذكرها (اللامي) هي باعتقاده الشخصي من يفك مغاليق النص ، وعلى هذا الأساس يدعونا المترجم قبل ان نبدأ بقراءة الرواية التعامل والتعاضد مع الصوت الداخلي (النداء ) الذي يبثه ايكو بين الأسطر على الرغم من قتله لأيكو مع سبق الإصرار والترصد عندما حذف اسمه من غلاف الرواية (الواجه) لتأتي او تظهر الرواية بهذا العنوان “مقبرة براغ … رواية خضير اللامي” دون ذكر اسم ايكو ، وهذا بحد ذاته كارثة كبرى في الترجمة لأننا ندرك جيداَ ان الترجمة … الترجمة بنزاهة ….الترجمة بأمانة هي محاولة للآفهام ، والإفهام ينبغي ان نجد التعبير الملائم ، وعليه يجب الأمانة في نقل الأفكار الواردة في النص الأصلي ونقلها بلغة واضحة وسلسة ومفهومة الى اللغة المترجم اليها بدون اختصار وحذف اضافة الى ذلك نجد ان الترجمة هي التفسير ، ومعنى التفسير مهم جداَ لأنه اساس الترجمة فمن لم يفهم لا يستطيع ان يُفهم ، وإذا لم يفهم المترجم الكلام المكتوب بلغة ما فلن يستطيع ان ينقله الى لغة اخرى ، وإذا نقله بدون فهم كاف فسوف ينتج الغازاَ يحتار فيها قارئها ” وقد نصاب اثناء قراءتنا بشيزوفرينية عالية على طريقة(سيمونيني) البطل المصاب ب\انفصام الشخصية ، ورغم كل هذه الأحداث الملتوية اجدني اعيد قراءة الرواية مرة ثانية وثالثة لعلي اقترب من مقبرة براغ البوهيمية وما يسطره ايكو من حكاية متشعبة بالدسائس والمؤامرات ، وأسماء غريبة ربما تحتاج منا الى ذاكرة قوية مستفحلة ، وقاموس لغوي يمكن من خلاله فك كل ما هو مشفر داخل النص … النص المشبع برائحة الكراهية والجرائم والخداع والدسائس والتزوير والحقد .