أمير كوستاريكا يضيف وتراً إلى قوسه


أحمد عثمان


مع المجموعة القصصية «غريب في الزواج»، يعيد السينمائي الفرنسي- الصربي أمير كوستاريكا النظر في يوغوسلافيا السابقة، خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الفائت.

حتى هذه اللحظة، عمل كوستاريكا على استغلال موهبته الفنية في السينما والموسيقى. في عام 1985، حاز فيلمه «بابا في رحلة عمل» جائزة سعفة كان الذهبية. وبعد عشر سنوات بالضبط، حاز السعفة الذهبية الثانية عن فيلمه «تحت الأرض». في عام 2005، حاز جائزة أفضل فيلم من الاتحاد الأوروبي عن فيلمه «الحياة معجزة». وهو أيضاً عازف جيتار.
هاهو ذا أمير كوستاريكا يضيف وتراً إلى قوسه: كتاباً هو الثاني في مسيرته الإبداعية، بعد أوتوبيوجرافيّته «أين موقعي في هذا التاريخ؟».في كتابه الجديد ست قصص عن يوغوسلافيا السابقة (لا ننسى أنه لم يزل حتى اليوم يعتبر نفسه يوغوسلافياً)، يوغسلافيا السبعينيات والثمانينيات من القرن الفائت، وهي تتمحور حول ذكريات الطفولة، العائلة والحياة اليومية المعاشة. حكايات مختلفة تشع بلحظات الحب، الجنون والعنف.
في البوسنة والهرسك، بدءاً من هيمنة الحزب الشيوعي إلى تشظي يوغوسلافيا، تحكي القصص حياة ثلاث صبية، دراغان، آلكسا وكوستل. حكايات العائلة، ما يجرى بين الآباء والأبناء من مواجهات وحب وحماية، في ظل العالم النمطي لكوستاريكا، حيث تتلاقى الفنتازيا والفظاعة، ذلك العالم الذي أطلق عليه «واقعية سحرية». مستدعيا ذكرياته، الموسومة بعمق في أحداث بلاده، يكشف عن حياة شخصياته بصورة هزلية تارة وبصورة تراجيدية تارة أخرى.
لا نملك كقراء إلا أن نثمن معنى الوصف لديه، ونحب على سبيل المثال هذه القصة المكتوبة كتحية للأدب «السيرة، حاملة الروح»، حيث يعمل والدا آلكسا على دفعه للقراءة لأن «الكتب غذاء الروح» و«لكي تمنعه من الضمور». الصغير آلكسا، 13 عاماً، يوجد علاوة على ذلك في أربع قصص، منها القصة التي تحمل عنوان المجموعة. آلكسا صنو كوستاريكا الذي رأى، في هذه التجربة الأدبية الجديدة، الفرصة للذهاب الى أعماق ذاكرته، بواقعية تسيطر على البعد التهكمي، الموجود أكثر في أفلامه. ألم يقل دوستويفسكي: «الواقعية هي أصعب ما يمكن بلوغه في الأدب. حتى إذا تناول القارئ كتاباً لكي يحلم، وهو يعتقد بهروبه من الواقع، فهذا التعبير عن الواقع هو كل ما يسعى إليه».
خلال كتابة قصصه اعترف لنا بأنه يعمل على كتاب جديد، أي «ضاعف حساسيته»، حسب ما قال. وتلك مناسبة لاستدعاء، بشيء من النوستالجيا، يوغوسلافيته السابقة، تلك الحاضرة دوماً في كل نتاجه الفني: «حرب البلقان دمرت بلداً لم يزل موجوداً، عند الحدود القائمة بين الشرق والغرب، كما قال مؤخراً، لم يكن لدينا الوقت من قبل لبناء هوية مؤسسة فعلًا على ثقافتنا. ومع ذلك وصلنا إلى اللحظة التي شعرنا فيها بكوننا يوغوسلافيين».
في المجموعة القصصية، يبرع كوستاريكا في رسم صور حبه الطفولي، المنير، المولود فجأة والمنطفئ فجأة. وهو واحد من أندر الكتاب الذي يمكن أن نقول عنه إنه يكتب مثلما يخرج. بقلم، آلة تصوير أو جيتار، يحقق من الواقعة الحزينة حكاية خرافية، وهذا ليس بالشيء القليل.
كوستاريكا يكتب مثلما يخرج ويبرع في رسم صور حبه الطفولي ويحقق من الواقعة الحزينة حكاية خرافية.
الاتحاد

شاهد أيضاً

العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية

(ثقافات) “طربوش أبو عزمي العلي”:   العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية زياد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *