عروج إلى الأعماق..!


*الشيخ نوح

( ثقافات )

لا شيء يشبهكِ!.. رغم كثرة المثيلات اللواتي يضئن الشوارع كأعمدة نور متحركة، لا نهر يشبه ابتسامتك وهي تحرّض الشهقاتِ على الاندلاع؛ كما يحرض الشوقُ إلى السماء سنابلَ القمح على الطموح، فهل تراكِ تدركين حجم تغلغل سكاكين الأسئلة في جسد ذاكرتي كلما ازرقّت فيها بعض التفاصيل المتعلقة برائحة عطرك.. أو لون شالك.. أو إيغال مشيتك في شرايين الموسيقى المتدفقة من جراح قيثارة أنثى؟!
مسجًّى أنا على شفاه الغرق منذ أعلن البحر انسحابة الكبير؛ مانحا الجزر فرصة التنهد و مهاتفة السماء دون وسيط؛ لتمشّط شعرَها تيارت الرياح المشبعة بزفرات العشاق منذ بدء الخليقة و ميلاد سلالة العابرين الذين أعاروني بكل نبل رئاتهم قبل الانفجار الكبير؛ لقد كانت رئاتهم جسرا لشهقاتي و زفراتي حين كنت في الغيب حيث الوجود غارق في العدم وحيث العدم طيبة الوجود الأولى..!
أنت لا تشبهينكِ! ففي كل يوم تُخلقين من جديد، وأظل أنا أبحث فيك عنك كما نبحث في المرايا عن وجوهنا رغم كذب المرايا؛ فلا شيء يتطابق مع بعضه، ولا ظل يمثل الجسد، ولا نص إلا ويخون كاتبه حين يصبح حرا، إذن أنت مفخخة بالتأويل مثل الكتابة الجيدة و مضمخة بدم العتمة الشارقة برعاف الشمس، وكل الجميلات مشاريع نصوص إبداعية لا تنتهي وعصية على البداية.
لن أكتب شعرا فيك وأقود انقلابا باللغة ضد اللغة؛ ولن أنزرع في ضيق العبارة وجدل الغيوم مع البحر؛ لكني سأجترح معجزة الصمت التي لا تتكرر مثلك أنت والموت والذكرة.
______
*كاتب من موريتانيا

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *