* مارك فيني / ترجمة: أحمد فاضل
تصادف الشهر المقبل الذكرى المئوية الأولى لولادة أسطورة هوليوود “انغريد بيرغمان” في 29 أغسطس / آب 1915 ، وبهذه المناسبة يستعد متحف الفنون الجميلة الأمريكي المعروف للاحتفال بهذه المناسبة وذلك بعرض أحد عشر فيلما اضطلعت ببطولتها ويستمر عرضها حتى 27 أغسطس/ آب القادم .
فازت بيرغمان بثلاث جوائز أوسكار وبذلك تعتبر من النجوم القلائل الفائزة بهذه الجائزة الكبيرة فهي الأبرز من أي نجم آخر في تاريخ هوليوود منذ ثلاثينات القرن الماضي وحتى الخمسينات منه وهذا ليس من قبيل المبالغة حيث طرح اسمها كأفضل ممثلة حينذاك في الصحف والمجلات الشهيرة ونقاد السينما حيث قال أحدهم عنها : ” لقد تنقلت في أدوارها من القديسة إلى الفتاة العابثة والعودة إليها مرة أخرى ، كان ذلك كله قد حدث وهي تخطو خطواتها الأولى وبقوة في السينما ” .
ومع أن المشاهد الأميركي لا يحب افتراضات الطعن إلا بعد أن يتأكد من الإشاعات ، فقد تناقلت الصحف الصفراء وقوع بيرغمان في العديد من قصص الحب خاصة مع نجوم هوليوود الكبار الذين وقفت أمامهم ومنهم همفري بوغارت في فيلم ” الدار البيضاء ” (1942) و ” أجراس سانت ماري ” (1945) أمام بنغ كروسبي و ” جان دارك ” (1948) أمام فيكتور فلمينغ ، لكن الصدمة التي أصابت الجميع هي باكتشاف أمرها بإنجابها طفلا من روبرتو روسيليني وهو أحد المخرجين الكبار الإيطاليين والذي كشفته رسائلهما المتبادلة بينهما ، والمفارقة الأخرى هي في الأخبار التي تناقلت علاقتها مع كل من سبنسرتريسي حينما وقفت أمامه في فيلم ” الدكتور جيكل والسيد هايد ” (1941) ، وغاري كوبر في ” لمن تقرع الأجراس” عام 1943، و ” ساراتوغا ترانك ” ( 1945 ) أمام غريغوري بيك .
وعلى الرغم من كل تلك الإشاعات والزيجات الحقيقية لها فإنها لم تمنع كاتبا كبيرا مثل إرنست همنغواي الذي أصبح من أفضل أصدقائها أن يقول عنها بعد مشاهدته لها في فيلم ” لمن تقرع الأجراس ” المأخوذ عن روايته الشهيرة “أنها لعبت بصدق دور ماريا وواصفا إياها في رسالة بتاريخ 1954 أنها جميلة جدا وصادقة ومتزوجة للأسف من فئران “.
ولحسن حظها وبصرف النظر عما كتب وقيل عنها فقد تخطت عقبة الأقاويل تلك منذ طلاقها من روسيليني بعد عشر سنوات زواج لتستأنف عملها في هوليوود وتحوز على أول أوسكار لها في فيلم ” جاسلايت ” (1944) ، والأوسكار الثاني عن فيلم ” اناستازيا ” (1956) الذي أعادها إلى أدوارها الجادة . بيرغمان امتدت دهشتها لتصيب الأوروبيين بعملها ستة أفلام دفعة واحدة مع روسيليني. هي ” سترومبولي” (1950) و “رحلة إلى إيطاليا” (1954) وألفريد هيتشكوك ، جان رينوار ، وانغمار بيرغمان لتعود مع هيتشكوك في فيلمين آخرين ، هذه الأفلام كسرت فيهما احتكار هوليوود لها وفتحت المجال أيضا لباقي نجماتها أن يتحررن من قيودها وينطلقن للعمل في السينما الإنكليزية والإيطالية والفرنسية ما أكسبتهم تجربة كبيرة في كيفية التعامل مع سينمائيين يمتازون بالخبرة في بلادهم ، هذه التجربة استطاعت بيرغمان أن تستثمرها لصالح تنوع أدوارها خاصة وهي السويدية التي تجهل الكثير عمن سواها من النساء الأوروبيات ، فهي حينما تقمصت دورها في فيلم “جان دارك” لم تكن لتفكر يوما أنها ستخوض هذه التجربة مع هذه الراهبة الثائرة على القوانين البائدة وأثبتت من خلال هذا الدور أنها يمكن أن تبز غيرها ممن اضطلعن بدور هذه القديسة أمثال مارلين ديتريش وغاربو ، وكذلك دورها في رواية همنغواي “لمن تقرع الأجراس” الذي حملت من خلاله تشابها مذهلا مع بطلتها كما عبر عنها مؤلف الرواية نفسه وقالت عنه وقتها بيرغمان : ” أنها قرأت الرواية جيدا عرفت في النهاية كيف تتصرف كبطلتها التي أضفى عليها همنغواي مزيجا من الشاعرية والواقعية الهادئة ، ولربما كانت هي من أعظم المواهب السينمائية التي تفهمت طبيعة التمثيل على الشاشة حتى بدون استعمال أي ماكياج تدين بذلك إلى نصائح أمها التي كثيرا ما كانت تقول لها أنها ستبقى بسيطة دونه على الشاشة عندما تتقمص مثل هذه الأدوار التي تظهر حقيقة المرأة في مواجهة شرسة مع الحياة والحب والعمل .
_____
*المدى