ماريّا كوديما: ممنوع تضخيم “الألف” لبورخيس


*غدير أبو سنينة

هذه ليست المرَّة الأولى التي تعثِّر فيها أرملة الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس، ماريّا كوديما، مشروعاً أدبيّاً يتعلَّق بمؤلَّفات زوجها، بحجَّة الحفاظ على إرثه الأدبي.

الكاتب الأرجنتيني الشاب، بابلو كاتشادخيان، كان آخر ضحاياها. فقد بدأ كاتشادخيان يجرِّب ألعاباً أدبيَّة تعتمد على التغيير أو الإضافة في الأعمال الأدبيَّة الخالدة. فجرَّب بدايةً مع قصيدة “مارتين فييرو”، إحدى كلاسيكيّات الأدب الأرجنتيني، حين أعاد ترتيب أبياتها حسب الترتيب الأبجدي، فتغيَّرت القصيدة -المحفوطة في ذاكرة الأرجنتيين- تغيُّراً جذريّاً، لكنّه لاقى استحسان الكتَّاب، الذين أشادوا بالمعنى الجديد الذي ظهر.
ومن سوء حظِّه، أنَّه حاول عام 2009 مع مؤلَّف بورخيس الأشهر “الألف”، فأضاف 5600 كلمة على المؤلَّف الأصلي المكوَّن من 4000 كلمة، ونشر كتاباً من خمسين صفحة اسمه “الألف المضخَّم”، في دار نشرٍ صغيرة في الأرجنتين مصدراً 200 نسخة فقط.

سارت الأمور بشكلٍ جيِّد، وأثنى الكثيرون على التجربة، حتّى إنَّ أحد أبرز الروائيِّين الأرجنتينيِّين –وهو قيصر أيرا- علَّق بأنَّ بوسع الألف أن يتضخَّم بشكلٍ لا نهائيٍّ.
لكنَّ كوداما لم يرق لها ذلك، وقدَّمت شكوى جنائيّة ضدّ كاتشادخيان تتَّهمه بالانتحال، الذي قد تصل عقوبته في القانون الأرجنتيني للسجن ستَّ سنوات. وبعد رحلةٍ طويلةٍ في المحاكم، أصدرت المحكمة الأرجنتينيَّة حكماً لصالح كوداما، وحظرت ما قيمته 7500 يورو من ممتلكات المؤلّف الذي استأنف الحكم، رغم أنَّ القضيَّة آخذة في التعقيد. كاتشادخيان (38 عاماً)، وهو مدرِّس جامعي وروائي، برّر ما فعله بأنَّ الكاتب من حقِّه أن يبني على تجارب الآخرين، ومن الواضح أنَّ عمله ليس سرقة أدبيَّة، إذ ليس هناك مجالٌ للادِّعاء بأنَّ كتاب الألف من أعماله، لكنَّه بنى عليه وأسماه بــ “الألف المضخَّم”. وقال إنَّ بورخيس نفسه كان قد أشار أن الآداب مبنيَّة على بعضها، فيما وقف كثيرٌ من الكتَّاب الأرجنتيَّين إلى جانب كاتشادخيان، وأنشؤوا صفحةً على الفيسبوك للدفاع عنه ضدَّ كوداما. أمّا محامي كوداما -الذي بدا معتاداً على هذا النوع من القضايا- فقد برَّر تصرّف وكيلته بأنَّ جُلَّ ما تسعى إليه هو حماية مؤلَّفات زوجها، وأنَّ صفحات الدعم لخصمها تأتي بسبب كره الكثيرين لها، دون أن يعطي سبباً واضحاً عن أسباب ذلك الكره. ولم يوفَّق المحامي حينما ضرب مثالاً على ما أسماه “تعدَّياً على العمل الأدبي”، بأنَّه يشبه وضع شاربٍ على وجه الجيوكوندا، وكأنَّه لم ير شكلها المتغيِّر والمنتشر على مواقع الإنترنت بقصّات شعر حديثة، بل حتّى بالحجاب والنقاب. وقد فشلت محاولات الوساطة بين الطرفين إثر رفض كاتشادخيان الاعتراف بخطئه، وتأكيده على أنَّ من يسيء لأعمال بورخيس هما الأرملة والمحامي وليس هو. ورغم محاولات المحامي إقناع الكُتَّاب بأنَّ هذه القضية تتعلَّق بحقوق المؤلِّف، إلَّا أنَّ أغلبهم –حتى اللحظة- وقف بجانب “الألف المضخّمة”.
______
*العربي الجديد

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *