آلاء عثمان
تعرض مسلسل “حارة اليهود” المعروض على عدد من الفضائيات المصرية خلال شهر رمضان، إلى عدد من الانتقادات الواسعة، التى أكدت أنه يحمل أخطاء تاريخية وقع فيها مؤلف العمل، إلا أن عدد من مؤرخي التاريخ الحديث، نفوا هذه الفكرة، وأكدوا أن المسلسل لا يصنف كعمل تاريخى، بل إنه عمل اجتماعى فى المقام الأول، وأن الأخطاء التاريخية فيه بسيطة ولا تذكر مقابل حبكته الدرامية. وقال الدكتور عاصم الدسوقى، أستاذ التاريخ الحديث المتفرغ، إن مسلسل “حارة اليهود” لا علاقة له بالتاريخ، فهو مسلسل اجتماعى، يرصد الحارة المصرية التى كان يعيش فيها أصحاب الديانات السماوية اليهودية والمسيحية والإسلام، ويؤكد أن جميعهم كانوا يعيشون فى سلام، حتى ظهرت بوادر الفتنة أثناء وبعد حرب فلسطين. وأضاف الدكتور عاصم الدسوقى، أن مؤلف العمل لا يريد أن يقدم وجبة تاريخية للجمهور، بل أراد تقديم حالة اجتماعية وإنسانية، يعرض فيها الحالة الاجتماعية ليهود مصر، ومعايشتهم للمسلمين، من خلال قصة روائية خيالية محكمة دراميًا، ينفى فيها الصورة النمطية لليهود التى تجسدها معظم الأعمال الدرامية الأخرى، ليؤكد أنهم أشخاص مصريين أولا وأخيرًا. وقال الدكتور محمد عفيفى، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، والأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة السابق، إنه ليس من أنصار محاكمة الدراما، لأنها لا تشترط أن تلتزم بالقواعد العامة للتاريخ، مشيرًا إلى أنه إذا كانت المسلسلات تحوي أخطاء تاريخية تشوه عقول الناس، فهذا خطأ المتلقي، لأنه لم يقرأ ولم يضطلع على تاريخه. وأضاف الدكتور محمد عفيفى، أن مسلسل “حارة اليهود” وقع فى بعض الأخطاء الطفيفة، منها أن أحداثه تدور عام 1948، وفى هذا العام لم يكن رجال وعساكر وضباط الإنجليز يتواجدون فى الأقسام المصرية، ولم يكن لهم تواجد فى شوارع وحوارى مصر، لأنهم طبقًا لإتفاقية عام 1936م، تمركز وجودهم فى أربعة أماكن فقط منها قناة السويس، والإسماعيلية، الإسكندرية، والقعلة.
وأوضح الدكتور محمد عفيفى، أما الخطأ الثانى، هو التعميم فى أن الشيوعين يحرضون اليهود على الحرب فى صف إسرائيل، وهذه النقطة عليها خلاف تاريخى كبير بين القوميين العرب، والشيوعيين العرب، وللإنصاف فإن بعض الشيوعيين فقط كانوا يحرضون اليهود على محاربة فلسطين. وفى النهاية قال الدكتور محمد عفيفى، إن محاكمة المسلسل على هذه الأخطاء ليس انصافًا، لأنه أولا وأخيرًا، مسلسل دراما اجتماعية، وليس دراما تاريخية.
وقالت الدكتور زبيدة عطاالله، أستاذة التاريخ بجامعة حلوان، إنها تتابع مسلسل “حارة اليهود” بشغف، لأنه يرصد حالة اجتماعية شديدة التماسك بين اليهود والمسيحيين والمسلمين فى مصر، قبل ظهور بوادر الفتن أثناء حرب فلسطين، وتحريض جماعة الإخوان المسلمين على اليهود.
وأضافت الدكتورة زبيدة عطاالله، أنها لا تفهم الهجوم على المسلسل، مشيرة إلى أنه مسلسل دراما اجتماعية، ولا يصنف اطلاقًا على أنه عمل تاريخى، فهو لا يعرض لحياة اليهود كاملة، بل يكثف مشاهده حول علاقتهم بأصحاب الديانات الأخرى، وخاصة المسلمين، ويؤكد أنهم كانوا فى تعايش سلمى وإنسانى، ويتضح ذلك من مساندة أهالى الحارة لشخصية هارون اليهودية بعد أن تم تفجير محله. وأوضحت الدكتورة زبيدة عطاالله، أننا لو أردنا تصيد الأخطاء للمسلسل، فيمكننا الحديث عن الغارة التى حدثت فى الحلقات الأولى، وعلى أثرها احتمى اليهود فى معابدهم، موضحة أنه فى هذه الفترة، لم تكن هناك غارات، إضافة إلى اظهار اليهود فى الحالة، فى حالة اجتماعية متوسطة، بينما يهود هذه الحارة تحديدًا كانوا فقراء للغاية.
اليوم السابع