ايزيس خليل
منذ حلقاته الأولى، يحظى مسلسل «حارة اليهود» بانتقادات سلبيّة من المشاهدين والنقّاد على السواء، لما يتضمّنه من أخطاء تاريخيّة. العمل من تأليف مدحت العدل وإخراج محمد جمال العدل، وتدور أحداثه في الفترة الممتدّة بين العام 1948، ولاحقاً «ثورة يوليو»، وبعدها العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956. المسلسل من بطولة منّة شلبي وإياد نصّار وريهام عبد الغفور وهالة صدقي وجميل راتب، ويتابع قصّة حبّ بين ليلى اليهوديّة، وعلي المسلم، ويصوّر حياة سكّان حارة اليهود وأوضاعهم السياسيّة ورفض بعضهم الهجرة إلى فلسطين المحتلّة.
أوّل الانتقادات للعمل جاء على لسان رئيسة الطائفة اليهودية في مصر ماجدة هارون، من خلال سلسلة ملاحظات كتبتها عبر صفحتها على «فايسبوك»، ومنها تعليقات حول تفاصيل الديكور والأزياء منها مثلاً أنّ الأسفار لم تكن توضع على المنبر داخل المعبد طوال السنة كما يظهر في بعض مشاهد العمل. كما أنّ مدخل أبنية الحارة لم يكن بالوسع والفخامة الظاهرين في المسلسل الذي شيّدت ديكوراته بالكامل في أستوديو الشركة المنتجة «العدل جروب». وأشارت هارون إلى أنّ «الثلاجات الكهربائية لم تكن متاحة للجميع، خصوصاً في حارة اليهود». وأضافت: «ربما كانت الملابس قصيرة، لكن الفتحة في الفستان لحد نصف الفخذ، لا أظنّ». وأشارت هارون إلى بإمكانيّة مقاضاة صانعي العمل لما تضمّنه من أخطاء تاريخيّة في الشكل والمضمون. على عكس هذا الاستياء، أشادت صفحة «إسرائيل في مصر» على «فايسبوك» بالعمل، وأشارت إلى «أنّه يمثّل اليهود بطبيعتهم الحقيقية الإنسانية، كبني آدم قبل كل شيء، ونحن نبارك هذا».
من جهته، دافع كاتب المسلسل مدحت العدل عن عمله، وقال في تصريحات صحافيّة «إنّ الأسرة المصرية اليهودية كان فيها الوطني والصهيوني»، مؤكداً «أنّ المسلسل سيعرض جميع الطوائف في مصر في أواخر الأربعينيات والتي كانت تتقبل الرأي الآخر حتى لو كان معارضاً».
ومنذ بداية عرضه، نشرت آلاف التغريدات على «تويتر» عبر وسم «حارة اليهود»، انتقد بعضها تصوير بعض مشاهد المسلسل الفلسطيني على أنّه خائن باع أرضه. وانتقد بعض المثقّفين سذاجة بعض أفكار العمل، ومنها مثلاً تصوير الإخوان المسلمين كالسبب الأساسي والوحيد لتهجير اليهود من مصر، مع إغفال دور الدولة الناصرية في تهجير ليس اليهود فقط، بل النوبيين أيضاً. كما يظهر المسلسل أنّ الشيوعيين المصريين كانوا أصحاب اليد الطولى في الحراك الصهيوني وفكرة التقسيم، إلى جانب معلومات تاريخيَّة مبتورة أخرى.
ومن الملاحظات الموجّهة للمسلسل، عدم إتقان منّة شلبي للفظ اللغة الفرنسيّة، بالرغم من تصويرها كخريجة إحدى المدارس الخاصّة الشهيرة، لكنّ لفظها الركيك كان مدعاة للسخرية على مواقع التواصل. كذلك الأمر بالنسبة لبعض الضباط الانكليز ممّن يظهرون في العمل، ويجاهدون للفظ جملهم بشكل مقنع.
على صعيد آخر، تراجع تلفزيون «العربي» عن قراره بعرض المسلسل بالرغم من إعلانه عن إدراجه ضمن برمجته الرمضانيّة، بجانب أعمال دراميّة أخرى منها «تحت السيطرة»، و «الكبير». وعرضت قناة «الجزيرة» تقريراً إخباريّاً سلبياً عن العمل. وربّما يكون السبب في التراجع عن عرض المسلسل، تقديمه للإخوان المسلمين بطريقة سلبيّة، لصالح تلميع الشخصيّات العسكريّة.
الأخطاء التاريخية على مستوى السياق الدرامي قد تصل إلى حد الجرائم، لأنّ الدراما التلفزيونية في رمضان تصل إلى شرائح كبيرة من المجتمع، لذلك لا يمكن تقديمها من دون بحث أو تدقيق، كي لا تسقط أعمال صرف على إنتاجها ملايين الجنيهات، في فخّ تقديم تاريخ مزيّف.
السفير