الروائية الليبية رزان المغربي: موضوع الهجرة في الأدب عميق الجذور


*خلود الفلاح
خاص- ( ثقافات )

أصدرت دار النشر Nele Hendrickx الترجمة الهولندية لرواية “نساء الريح” للروائية الليبية رزان المغربي، وعن أسباب اختيار الرواية للترجمة قالت: كان مفاجأة بالنسبة لي كما حدث سابقا عندما ترجمت روايتي هذه إلى اللغة الايطالية، في ابريل2011 ، والمفاجأة الأخرى كانت رسالة تلقيتها من هولندا بعد ان وصلني خبر فوزي بجائزة “اوكسفام” الدولية لحرية التعبير، تطلب مني الموافقة على الترجمة، وكانت المرسلة المترجمة حسنة بوعزة بالطبع التقيت بالناشرة والمترجمة في هولندا وكانت الترجمة بدأت فعليا قبل وصولي بشهر وصدرت يوم 23 ابريل وهي اليوم في المكتبات.

وتضيف الروائية رزان المغربي: يمكن ان نكتب عن الكتابة شهادات مطولة، وفي ذات الوقت سوف تختلف من مرحلة إلى أخرى مع عمق التجربة والنضوج الفني والمهني، لكن بالتأكيد ما زال شعوري أن الكتابة منحتني سخاءها… سخاء الأدب هذا التعبير الأدق، وبالتالي شعوري بالامتنان الدائم لكل هذا العطاء، الكتابة أو الأدب منحني أجنحة طرت بها إلى مدن وبلدان كثيرة، تجولت وتعلمت وعرفت كثير من الصداقات الثمينة من خلال الكتابة، بل أجزم بأن مشاعر الحب التي تقابلني في كل مكان أثرتإنسانيتي، تبادلت معها العطاء بمشاعر ايجابية، صرت أكثر هدوء وصبرا، وصارت الانكسارات والتجارب السيئة والألم، بذرة عمل إبداعي، الكتابة كرم الهبة والإلهام. 

نذكر أن الرواية صدرت في نسختها العربية العام 2010، ووصلت للقائمة الطويلة لجائزة البوكر للرواية العربية في نفس العام.
هل تعتبر الروائية رزان المغربي الترجمة مفتاح الوصول لقارئ مختلف؟ فكان ردها: الترجمة هي تحدي جديد أمام الكاتب، فهو يقدم عمله لقارئ من ثقافة مغايرة وبيئة مختلفة، رغم ان الأدب لا يحمل جنسية الكاتب، وتبقى الملامح الانسانية هي ما يجمع القارئ الغربي أو العربي أو اللاتيني، بل ربما التجربة المحلية الغريبة تستفز القارئ الآخر للاطلاع أكثر، وأضافت: “كثير من الاعمال التي تترجم تبقى أسيرة التسويق نجاحه أو فشله، لأن موضوع نشر الكتاب يخضع لمعايير السوق والاعلام بالذات عندما يكون الكاتب غير معروف، وتبقى الترجمة إضافة جيدة ومهمة لأي كاتب”.

ثنائية الموت والحياة
تتحدث الرواية عن الهجرة غير الشرعية من خلال سيدة كانت تعمل خادمة في ليبيا تقرر الرحيل إلى مدينة أخرى بحثا عن حياة معيشية أفضل عبر الالتحاق بإحدى قوارب الهجرة مقابل دفع مبلغ من المال. هنا تقول الروائية رزان المغربي: موضوع الهجرة عموما في الأدب عميق الجذور وليس جديداً، والهجرة غير الشرعية ربما تم تناولها من عدة جوانب. خصوصية عملي “نساء الريح”، أنه تحدث بشكل إنساني عن هؤلاء المهاجرين من الشواطئ الليبية والتي شهدت أكثر هجرة من غيرها، القوارب تحمل ثنائية الحياة /الموت وليس الموت وحده، حيث دافع الهجرة البحث عن مكان جديد وعالم أفضل لهذا يجازف المهاجر بركوبها، لو كان الموت موضوعها كان يمكن تسميتها قوارب الانتحار مثلا وعندما يتحدث عمل روائي عن هذا الموضوع فهو يحمل بين ثناياه كثير من مفردات حياتنا وتفاصيلها وآلامها واحلامها أيضا، لكن الموت موجود في الأدب الانساني ليس بصفته مادة بل بصفته سؤالاً وجودياً. 

عن تعاطف الروائي مع إحدى شخصياته اعماله أثناء الكتابة، قالت الروائية رزان المغربي: اعتقد أن “رواية نساء الريح” كانت تجربتي التي حاولت فيها امتحان قدرتي شخصياً على تحريك معظم الشخصيات بشكل حيادي، بعض الشخصيات لها وجود في الواقع ولكن تم رسمها لتصبح شخصية روائية، كنت أنظر إلى الشخصيات من كل الاتجاهات، أحاول إضفاء كثير من المشاعر الإنسانية العالية على البطلة التي قررت الهجرة وتغير مصيرها، وقبل بداية العمل والكتابة على الورق كان منتهيا من الناحية الذهنية، لهذا لم تتغير مصائر الشخصيات ولكن بعض الأحداث عدلتها وحذفت تفاصيل أو اضفت جديدا إليها.

تأريخ الحدث
حول هل الرواية مطالبة بالتأريخ؟ قالت الروائية رزان المغربي: التاريخ له منبره التوثيقي، وله كتبه، لكن الأدب يسهم بشكل فعلي لإبراز جماليا الفن والإبداع في مرحلة ما، ليس من رسالة أو وظيفة للأدب يقوم بها. اعتبره فنا خالصا بعيداً عن التأريخ. وعن مقص الرقيب أضافت: “الاحتشام في كتابة بعض الأحداث وتصويرها تختلف بين كاتب وأخر إذا صح التعبير، ولكن أميل دائما إلى توظيف اللحظة بعيداً عن الاثارة التي يتبعها البعض من أجل التسويق، والشهرة، عندما أكتب لا أفكر ابدا في أن المجتمع محافظ حيث يبقى نسبيا، وقارئ الأدب يعي الفرق بين الابتذال في تصوير مشاهد حميمة وبين كتابتها وتصويرها لتؤدي دورها في وصف الحدث ورسم الشخصية، أنا الآن اعيش في الغرب ولدي مشروع جديد، واعتقد أن ما سأكتبه سوف يكشف لي كم كنت أراعي هذا الرقيب.

رواية جديدة
منذ ثلاثة أعوام بدأت في كتابة عمل روائي جديد ولكن عدم الاستقرار حسب قول رزان المغربي منعها من اتمامه، وأضافت: الحرب في ليبيا لها آثار نفسية قوية على أي كاتب، احتاج إلى أن أشفى من الجروح والآثار قبل البداية بعمل حول الأحداث التي مررنا بها وما زالت مستمرة، لكن بالطبع ستكون مادة لأعمال إبداعية لي ولكثير من الكتاب الليبيين.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *