نساء أميركا يجبرن السرطان على التراجع



واشنطن- الأرجح أن التقرير الذي صدر أخيراً عن «الجمعية الأميركية للسرطان»، يشكّل نجمة لامعة في سماء النظام الصحي في الولايات المتحدة، في الوقاية والعلاج سويّة. وكذلك، يمثّل تحدّياً لمجموعة من المفاهيم الرائجة علمياً وشعبياً عن السرطان ونشوئه وعلاجاته، ودور البيئة والجينات والتقدّم العلمي في مساراته.

إذ استُهلّ التقرير بالإشارة إلى تراجع مستمر في الإصابة بالأورام الخبيثة بين الأميركيّات خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة، بقرابة 1.8 في المئة سنوياً، فيما لم يتخطّ الرقم عينه بين الرجال الـ0.6 في المئة سنوياً. وتُعتبر تلك الأرقام إنجازاً كبيراً لنُظُم الوقاية من السرطان، التي تشمل إجراءاتها: مكافحة التدخين، مراقبة الأطعمة، زيادة وعي الجمهور بأسلوب الحياة الصحي، الاهتمام بالتلقيح، انخراط الإعلام في حملات التوعية بالسرطان والعوامل المرتبطة به، وتكاثر الجمعيات الأهلية المهتمّة بمكافحة الأورام الخبيثة وغيرها.

الهواء ومشاكله
رصد تقرير «الجمعية الأميركية للسرطان»، انخفاض الإصابة في ثلاثة أنواع من الأورام الخبيثة عند الرجال (الرئة والبروستات والقولون)، ونوعين من سرطانات النساء (الثدي والقولون).

في تعليقه على المعطيات التي تشير إليها تلك الأرقام، لاحظ البروفسور جون سيفرن، وهو رئيس «الجمعية الأميركية للسرطان»، أن رقماً يتراوح بين 1 و2 في المئة ربما يبدو متواضعاً، لكنه يعني تجنّب إضافة 650 ألف حالة سرطان على مدار 15 عاماً. وشدّد على أن الأرقام تؤكّد أيضاً أن تراجع إصابة الأميركيّات بالسرطان مستمر في شكل ثابت، ما يعني نجاح الولايات المتّحدة في برامج الوقاية من ذلك المَرَض المميت.
والأرجح أن نُظُم الوقاية الأميركية ناضلت ضد فيض هائل من العوامل التي ترفع الإصابة بالسرطان في المجتمعات الحديثة. ويعطي تلوّث الهواء مثالاً عنها.
فقد أكّدت دراسة أجرتها مجموعة علميّة إيطاليّة، نُشِرَت قبيل صدور التقرير الأميركي، أن تنفُّس الهواء الملوَّث حتى لو كان لفترة قصيرة، ربما يتلف الحمض الوراثي ويؤثر في تركيب الجينات، بطريقة تزيد من خطر الإصابة بالسرطان.
إذ درس أولئك العلماء تركيب الحمض الوراثي عند عمّال يتمتعون بصحة جيدة، بعد تعرّضهم لجسيماتٍ صغيرة من مواد التلوّث موجودة في الهواء قرب مدينة ميلانو. وتبيّن أن تنشُّق الهواء الملوّث لثلاثة أيام، أدى إلى إضعاف الجينات التي تقاوم السرطان.
وتتصدّر المدن الأميركية الكبرى قائمة المُدُن التي تعاني تلوّث الهواء فيها.

الاكتشاف المُبَكّر
رصد التقرير الأميركي أيضاً، تراجع عدد الوفيات الناجمة عن السرطان في الولايات المتحدة.
فعند الرجال، تراجعت تلك الوفيات إجماليّاً 19.2 في المئة، مع انخفاض وفيات سرطان الرئة (37 في المئة)، والبروستات (24 في المئة)، والقولون (17 في المئة)، خلال السنوات الخمس الأخيرة. وتشكّل تلك الأرقام 80 في المئة من إجمالي التراجع. وبين النساء، انخفضت وفيات السرطان 11.4 في المئة خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة، مع تراجع وفيات سرطان الثدي 37 في المئة، والقولون 24 في المئة. ويمثّل الرقمان 60 في المائة من إجمالي الانخفاض.

وتشي تلك الأرقام بنجاح النُظُم الطبيّة أميركياً في التشخيص المُبكر للسرطان وعلاجه. وتشير أيضاً، إلى كفاءة تدخّلات طبّية كاستعمال المِنْظار في الاكتشاف المُبكر لسرطان القولون مثلاً. وشدّد التقرير على أن النجاح في العلاج لا ينفصل عن إجراءات الوقاية.
_______
*الحياة

شاهد أيضاً

كيف تعلمت الحواسيب الكتابة: تطور الذكاء الاصطناعي وتأثيره في الأدب

كيف تعلمت الحواسيب الكتابة: تطور الذكاء الاصطناعي وتأثيره في الأدب مولود بن زادي في كتابه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *