‘مواطن’ كلوديا رانكين يحصد جائزة فوروارد البريطانية



*تحسين الخطيب

كتاب “مُواطِن: أنشودة أميركية” لكلوديا رانكين، ومنذ صدوره في السابع من شهر أكتوبر عام 2014، عن دار “غراي وولف برسّ” بمينيسوتا، وهو موضوع غالبية المراجعات النقدية الرصينة، والحدث الأدبي الأبرز لدى كبريات الدوريّات والصحف والمجلات. ليس بسبب موضوعته الجريئة (العنصريّة الضاربة بجذورها عميقا في مفاصل الحياة الأميركية اليومية) فحسب، وإنما من حيث طرائق كتابته العابرة للأنواع الأدبية، وبنية قصائده المراوغة، والعصيّة على التصنيف، كذلك.

منزلة متقدمة
ما إن هدأت المياه الراكدة للجوائز الأدبية الأميركية التي حرّكها “مُواطن” رانكين، حتى بدأ في تحريك مياه راكدة أخرى في الطرف الآخر من البحر. أخذت الصحافة (الغارديان، على سبيل المثال) في الحديث عن الأعمال التي قد تفوز بجائزة “فوروارد” للشعر، في دروتها الرابعة والعشرين لهذا العام، والتي تُعدّ واحدة من أكثر الجوائز الأدبية عراقة في المملكة المتحدة وجمهورية إيرلندا.
وعلى الرغم من وجود أسماء أيرلندية وبريطانية كبيرة تسعى إلى الجائزة، إلّا أنّ مجموعة رانكين، هذه، قد حظيت بمنزلة متقدمة ضمن دائرة الترشيحات الأكثر حظّا. وعلى رأس هذه الأسماء الأيرلندية الكبيرة يحلّ بول مولدون، الشاعر الذائع الصيت، وأستاذ الشعر بجامعة أكسفورد من 1999-2004، والذي سبق له أن فاز بجائزة البوليتزر الأميركية العريقة في الشعر وبجائزة تي إس. إليوت البريطانية، وعن كتابه الجديد “ألف شيء جدير بالمعرفة” (فابر آند فابر).
من مكان آخر
أما المجموعة الأخرى التي تتنافس على الجائزة، فهي “من مكان آخر” (غاليري برسّ)، للأيرلندي سيوران كارسون، صاحب “لغة أولى”، وهو الكتاب الذي كان أوّل الفائزين بجائزة تي إس. إليوت في الشعر، آن أطلقتها جمعية الكتاب الشعري البريطانية عام 1993، و”أخبار عاجلة”، والتي فازت بجائزة “فوروارد” لأفضل كتاب شعريّ عام 2003.
ولم تكن الشاعرة الأيرلندية إيلين نِي كْويلينَن، والتي فازت أولى مجموعاتها الشعرية، بجائزة باتريك كافناه للشعر عام 1973، وبجائزة غريفين الكندية العالمية، في العام 2010، عن مجموعتها “السمكة الشمس″، بعيدة عن التكهنّات. فها هي تدخل السباق المحموم بكتابها الشعريّ العاشر، “أولاد التلة الزرقاء” (غاليري برسّ).
بيد أنّ قائمة الترشيحات تضمّ بريطانيا واحدا فقط، هو بيتر رايلي، شاعر كيمبريدج، والفائز بجائزة التميّز الشعري، “جائزة تشوملي”، والتي تمنحها رابطة الكتاب في المملكة المتحدة، عام 2012. كتاب رايلي جاء بعنوان “شمال مناسب” (شيرزمن للكتب)، وهو قصيدة طويلة في اثني عشر قسما تستقصي موضوعات إنسانية تتصل بالهجرة شمالا بحثا عن العمل والمتعة والعثور على جوهر الحياة.
أنشودة الحرية والعدالة
ولا تكمن أهمية كتاب كلوديا رانكين في نيله جائزة مرموقة سابقة، وإنما في طرائق استقصائه للعنصريّة المتفشيّة في كل مكان؛ ليس في الحياة اليومية العادية لأميركا القرن الحادي والعشرين فحسب، وإنما على صعيد حيواتها الثقافية والإعلامية والسياسية أيضا.
هو أنشودة تتغنّى بقيم الحرية والعدالة، في زمن تسوده الأوهام. قصائد عن المنافي الجوّانية للسود، وعن التشظي والمعنى العميق للهوية؛ بل إنه عن الزنوجة في تعدد أحوالها ومقاماتها، وعن النزوع الى الانتماء، حتى لو كان هذا الانتماء -حسب رانكين نفسها- يسحقنا بضربته القاضية. إنه عن الذات التي تسقط في الاستعارة والمجاز، في الزمن الدوّار الذي يلفّها.
فهل ينال “مُواطن” رانكين (في طبعته البريطانيّة التي أصدرتها دار بنغوين) هذه الجائزة التي أسّسها وليام سيغهارت 1991، لرفع سويّة الشعر وتوسيع نطاق جمهوره، والتي نالها من قبل شعراء كبار من شاكلة تيد هيوز وشيمس هيني وجون بيرنصايد؟
_____
*العرب

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *