خاص- ( ثقافات )
أبوظبي- في إطار احتفالية العاصمة الإماراتية أبوظبي بالثقافة والكتاب، وضمن إصدارات دور النشر المشاركة في فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الخامسة والعشرين، صدر عن دار كنعان في دمشق، سوريا، المجموعة الشعرية الأولى للأديبة والإعلامية اللبنانية هيفاء الأمين بعنوان “دهشة الحكايا”، في مائة وعشرين صفحة من القطع الوسط.
تستهل الأمين مجموعتها الشعرية بعبارة مقتبسة من الروائي العالمي باولو كويلو يقول فيها: “الوقت والقراءة لم تغيّرني، الحب هو الذي غيّر حياتي”، وتهدي مجموعتها إلى “من أدهشتهم الحكايا كأنهم يعيشونها”.
وفي تقديمه للمجموعة الشعرية يرى الشاعر والناقد سامح كعوش أنّ هيفاء الأمين “هي شهرزاد الكلام، تنكتب في النص ولا تكتبه، تعيشه كما لو أنه الأبد، بمفردة شعرية شفيفة تحاول الوصول إلى البوح، بأقصى ما يمكن من شغف، وبأقل ما يمكن من مفردات. وبكل فرح تدعونا إلى حكايا دهشتها الفائقة الحساسية، وهي كائنة الورق والماء، تلتقط تفاصيل الأشياء بصور ملونة ومفردات قافزة فوق الأسطر”.
ويتابع كعوش: “حين تقول هيفاء “اختنقتُ بروحٍ تطفو كما لوح في فضاء الغربة” هي تعلم أن مفردة الاختناق هي مفردة تكاد تكون القاسم المشترك الذي بين لغات البشرية جمعاء ولهجاتها وكلامها في عصر العدمية والموت المجاني والغياب، كما تشي في عبارتها الشعرية بالتلاعب بالحروف بين روح ولوح، وهما واحدان محفوظان بمشيئة الله القدير، وهيفاء تدرك أن فضاء الغربة ممتد ويحتل مساحة العمر ولا يكتفي، كما تدرك تماماً أن لا جواب لسؤالها “وأنت أينك أيها الغائب؟”.
في المجموعة الشعرية تستنطق هيفاء الأمين شخصيات الحياة والوجود، لا لأن الشاعرة تسعى إلى القفز أبعد من اللغة النثرية الشعرية، بل لأن الشعر فرض عليها هذه المحاكاة كحدث نفسي وعنصر تأزم وحدّة، فالحب دالٌ يرتبط في النص، بالقلب المرتجف خوفاً ورأفةً، والحب في نصها هو الحياة بما تحمله هذه الكلمة من معنى، الأصدقاء أيضاً تواجدوا في نصوصها، كما لو أنها تغوص في المرآة الأنا، الكاشفة عما في لا وعيها من ظلال تخيفها، ولا تخفيها.
تشير هيفاء رغم بكارة شعريتها وحذرها في ولوج عوالم قصيدة النثر، إلى جمالية ما في الحلم، جمالية تكتب الجملة الشعرية، بل جمالية تستنطق المسكوت عنه من عزف على أوتار الروح، في إنشاد شعري عذب جميل ومعبّر، بلغة موسيقى الروح التي وإن صمتت تظل في همس داخلي لا يتوقف.
إنها هيفاء الأمين في مجموعتها الشعرية الأولى “دهشة الحكايا” تُدهش القارئ بهذا النص الشعري الكثيف، الراقي والرفيع، المبدع في بناء عوالمه الداخلية الشعرية الرقراقة كنبع، والصافية كسماء، وأي سماء أكثر صفاء من قولها: “عادة لا شفاء منك/ أنشدك لتبقى كواكبي مضيئة”، إنها السماء التي تعليها بالشغف وتسميها بأسماء عديدة لخيبات كثيرة وأحبة أكثر، ولكنهم في نهاية الأمر شموس تشعل لها كواكبها الشاعرة، فتضيء بالمعاني البعيدة البعيدة، الحالمة الحاملة كل التوق والألق.