حجر غريب يضحك من أشكالنا


*رشيد المومني

1

وجهك في مرايا الرمل 
نصف نبي 
يطل من نصف جسد
لماذا إذن بِلا لُغةٍ في الطَّي ؟
لماذا في عمق براريك
لا أثر على أثرِكْ؟
لماذا حيث لا لِحاف على الكتفين
في قَرِّ رؤاك؟
أنت الآن 
حّجرٌ هشُّ في كفٍ طائش أو يكاد
2
رأيتك حائرا في غربة الخلط
في غابة الرؤية
لا قبْضَ في الراحتين
لا بسْطَ في القلب 
لا وجهة في متناول الخطو
لا ما ينضاف أو يسقطُ من حساب الزاد
أنت الآن 
في قلب تعتعة السديم 
نطفةٌ بأجنحة سماوية
تحاول أن ترتل أسماء انبلاجاتها
3
الحجر الذي تتوسده الآن
الحجرُ الوسادةُ
التي هي الآن تنام هادئة
تحت رأسك الآن 
الحجر هو
قد يغدو بفعل سهوٍ غامض
أو خطإ في وضع الرأس
على الحجر
بِفعل ما يشبه كَبوةَ النسيان
قد يغدو هذا الحجرُ الوسادةُ
حجرا وسادة تحت رأس أخرى 
في زمن أخر
في أرض أخرى
4
طبخوا لنا حمَاماً معطرا بزهرة الجيرانيوم
بنبيذ من دالية العشيقات 
حماما معسلا بشهدِ هديله 
طبخونا
5
عجبا 
في كل شيء تتشابهون 
في قنزعة اللون
في تكشيرة الحرف 
في صرخة الخفين
في تقبيل الصدإ الأخضر للثلج
6
أوشكوا أن يوصدوا عليك باب القبة
لولا أن روحك 
بادرت 
بالطلوع من فرجة منسية 
بالباب 
مرة أخرى تنفلت الصدفات من مخابئها
7
إلى أين انتم ماضون بثيرانكم 
رائحة الحقول بعيدة
ولون الماء معلق في السماء 
وأنتم ماضون بثيرانكم 
إلى أين؟
وأنت
إلى أين تمضي 
بزرقة هذي الصباحات الباردة 
التي تحملها على كتفيك؟
أنت فعلا تغني 
ظننتك تشكو من 
حرقة الدفلى
فلتدعنا
نمسكُ بيد الغابة
دعنا قليلا
يا سيدي 
ثم مت إن شئت داخلها 
احترق 
إن شئت
8
لست في حيرة من دورة الكون حولي
لكن
هنا في الغابة
كيف لنا بدون قتل
أن نعيش؟
حيث ما من مسلك واضح 
وحيث الجراء الغريبة الأطوار
تحتشد الآن 
الضباع حولنا تحوم 
ونحن
تعللنا بقرب دنونا من مائدة السماء
دون أن نعلم
أن الحريق
وحده
كان
الأكثر قربا 
9
في صبيحة هذا الوضوح
ما من شيء غدا غامضا
أعَدنا قراءة ما لم تقله الكتابة
أيضا
ما نسيَتْ محوه أداة النفي
إذْ حط على رؤوسنا 
حجر غريب الشكل 
يضحك 
من غرابة أشكالنا
10
تلك هي سيرة المعنى 
أن يقف الماء على أسرار النار
أن 
تقف الأرض على أسرار سماواتها
وأن 
أتكتَّم عما يمكن أن يَعِد به الحرف
من ماء ونار
وسماوات 
لا تتسع أراضي اللغة لها 
11
تحت تلك الطاولة
بدوا 
منشغلين بتكوين العالم
وفق ما يشتهيه التخفي
أو 
وفق ما تقتضيه
شبهة الظلمة
وأنا
ألمح شبه ضفة
تتلعثم في الضباب
ألمح
شبه زورق
لن يهتدي لرؤيتها
فلا تقرأني من أية جهة لأخرى
ولا 
تكتبني
بأي من هاتين اليدين 
12
ماء يمنحني ماءه
نسينا
أنَّا أدمْنا النظر إلى النار
ونحن نردد ما لم تقله الأناشيد بعد
هذا هو الوجه الذي انتهوا من ردم بنائه
قبل دنو الليل 
من ليلي
_______
*الملحق الثقافي لصحيفة الاتحاد الاشتراكي المغربي

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *