*آية إيهاب
يضيء كتاب “الجرائم المستحدثة.. تحليل سوسيولوجي”، لمؤلفه الدكتور ناجي محمد سليم، على الجرائم العصرية التي أفرزتها وأدت إلى تأججها التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المصاحبة للتقدم الفني في الآونة الأخيرة.
وهو الأمر الذي أنتج، حسب المؤلف، وفي ظل زيادة تطلعات الأفراد وإحداث تغيرات جذرية عميقة في نمط معيشتهم وعلاقاتهم الإنسانية والاجتماعية، دعوات ملحة إلى التصدي للمفاعيل السلبية المتأتية عن واقع هذه النتائج المتمخضة عن نوعيات الأذى المادي والمعنوي لما يصدر عن تلك التغييرات العصرية وتغلغلها في المجتمعات المعاصرة، والتي بقدر ما كانت لها جوانب إيجابية، فإنها قد انعكست بصورة أو بأخرى على الجريمة وطبيعتها، فظهرت صور وأنماط عدة وجديدة من الجرائم عرفت باسم “الجرائم المستحدثة”.
ويبين الكتاب أن الجرائم المستحدثة في أبسط معانيها هي: أفعال يمارسها الأفراد، وتُستخدم فيها التطورات العلمية والتقنية، وتُوظف لتحقيق أغراض ومصالح شخصية ضارة بالآخرين. وفي ضوء مخاطر الجرائم المستحدثة، يقف الكتاب في فصوله ومحاوره الدراسية، على طبيعة هذه الجرائم وأبعادها، سواء من حيث مفهومها وخصائصها والعوامل المسؤولة عن ارتكابها وانتشارها والسياق الذي ظهرت فيه، مستنداً في هذا التناول إلى الرؤية التحليلية، ومسترشداً في هذا الصدد، بتراث علم اجتماع الجريمة والانحراف.
ويتناول الفصل الأول من كتاب “الجرائم المستحدثة.. تحليل سوسيولوجي”، تعريف الجرائم المستحدثة والتي تعني أنماطاً مختلفة من السلوكيات الخارجة عن القانون وغير المألوفة، حيث تُستخدم فيها التكنولوجيا الحديثة من أجل تسهيل عملية الإجرام، ويترتب على ظهورها أو وجودها ضرر أو أذى، منتقلاً إلى خصائص الجرائم المستحدثة، بجانب العوامل المسؤولة عن ظهور الإجرام المستحدث.
ويخصص المؤلف الفصل الثاني في كتابه لنقاش قضية الأبعاد الاجتماعية للجريمة المنظمة، مستعرضاً خصائص الجناة مرتكبي الجرائم المنظمة وخصائص تنظيم الجريمة المنظمة. كما يتوسع المؤلف في ذكر حجم الجريمة المنظمة وأنماطها، في حين عرج في الفصل الثالث إلى البعد الاجتماعي لجريمة غسل الأموال، من خلال عرضه للعوامل المسؤولة عن ظهور وانتشار عمليات غسيل الأموال، ومن ثم رصد الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية السلبية لجرائم غسيل الأموال.
ولا يكتفي المؤلف في أن يشرح هذه الحيثيات، بل يحرص على دراسة المسألة بشكل واف، من الجوانب كافة، قانونياً وفكرياً واجتماعياً، موصفاً التوقعات المستقبلية وطبيعة الحلول الرادعة الممكنة. وفي هذا السياق، نجده يفرد الفصل الرابع للتحليل السوسيولوجي لجرائم تلوث البيئة، موضحاً في البداية مفهوم جرائم تلوث البيئة وموضوع تجريمها والطبيعة المميزة لها، ثم ينتقل إلى الطبيعة الخاصــة لجرائم التلوث البيئي، وكذلك يـــعدد أنماط جرائم تلويث البيئة ونتائجها الإجـــرامية.
وفي نهاية ذلك، يلحق الفصل بدراسة حالة وهي عن: تلوث نهر النيل، ذلك كأحد أنماط جرائم تلويث البيئة. ومن ثم ليختتم الكاتب تلك الدراسة بالفصل الخامس والأخير، الذي أدرج فيه تحليلاً اجتماعياً تفصيلياً لجرائم الحاسب الآلي معدداً سماتها وخصائصها، وذلك عــن طريق الإشارة بداية إلى توصيفات وأنماط مجرمي جرائــــم الحاسب الآلي وضحاياها، ومنتقلاً إلى أنواع جرائم الحاسب الآلي، ليشير أخيراً إلى العوامل المسؤولة عن ظهور وانتشار جرائم الحاسب الآلي، مذيلاً الفصل، بالاستنتاجات التي خلص إليها.
___________
*البيان