يحيى القيسي: لا أنشغل بإرضاء النقّاد أو مغازلة القرّاء


*محمد الحمامصي

روائي وإعلامي أردني يعمل مديرا للشؤون الثقافية في هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام بدولة الإمارات، أصدر من قبل روايتين هما: “باب الحيرة” و”أبناء السماء” ومجموعتين قصصيتين، وكتابين في الحوارات والترجمة، كما عمل وما يزال في حقل الإعلام الثقافي على المستوى العربي، مراسلا ثقافيا للقدس العربي اللندنية لمدة عشر سنوات من عمان، وفي صحيفتي الرأي والغد، وعدد من المجلات، وهو اليوم مدير تحرير “الفجيرة الثقافية” ومؤسس ورئيس تحرير “ثقافات” الموقع العربي المعروف في مجال نشر الفكر والإبداع والفنون.

حول انشغالاته الحالية والعلاقة بين الصحافة والأدب وجملة من القضايا الثقافية، التقيناه على هامش معرض أبوظبي الدولي للكتابي في دورته الـ 25 في الجناح الخاص بهيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، وكان هذا الحوار:
** من الملاحظ أنك تجمع بين الكتابة الإبداعية والصحافة الثقافية، كيف توفق بين الأمرين وما هي الخسارات والمكاسب للحقلين؟
** لا شك بأن العمل في الحقل الصحافي يقود إلى استنزاف الكثير من الطاقات، لكن بالمقابل يعطي الكثير للمبدع، وخصوصا إذا استطاع أن يوازن بين الأمرين، ويعطي وقته للإبداع أيضا بعمق دون طغيان التوسع الأفقي في الحقل الثقافي، وبالنسبة لي، أعترف بأن العمل في الحقل الثقافي ولفترة طويلا قد منعني من الغزارة في النتاج الأدبي، لكن أفادني بأن أقدم كتابة مصقولة، خالية من الزوائد وفائض التعبير، فالعمل في التحرير يساعد في الانتباه إلى ما أسميه “فن الحذف”، وأيضا بالاطلاع على مختلف التجارب الإبداعية العربية والعالمية كون المرء على تواصل كامل مع ما يتم نشره من الكتب الجديدة، إضافة بالطبع إلى الالتقاء المباشر بالأدباء والمبدعين والتحاور معهم، كما أن الكاتب يستفيد من الاطلاع المعمق على الفنون الأخرى مثل المعارض التشكيلية والأفلام السينمائية والعروض المسرحية وغيرها، مما يعطيه بعدا شموليا مهما قد يستطيع توظيفه في إبداعاته، لهذا كله فإن العلاقة بين الصحافة والإبداع تحتاج فعلا إلى الانتباه دون طغيان شيء على آخر، ونسيان حقل على حساب غيره.

** ماذا عن انشغالاتك الروائية في “باب الحيرة” و “أبناء السماء” خصوصاً أن هناك من يصنف هاتين الروايتين من النقاد في حقل الانشغالات الصوفية أو الروحية؟
** لا أنتبه كثيرا إلى توصيفات النقاد عادة، ولا أكتب من أجل إرضائهم، ولست معنيا أيضا بمغازلة القارىء في موضوعات يريدها، وباعتقادي أن على الكاتب ان يتحرر من كل سلطة خفية كانت أو ظاهرة، ويكتب بحرية ما يشعر به دون إيذاء أيضا للمجتمع ولا محاولة تأليبه ضده، في النهاية أعتقد أن الرواية يجب أن تقدم معرفة محمولة على الحكاية ضمن سرد شائق، وسلس، أما الحكاية نفسها أو الانشغال باللغة ومتاهاتها فهذه أمور قد لا تقود إلى شيء.
التصوف أو الانغماس بالروحانيات مسألة ليست خارجية في أعمالي ولا تندرج في مجال “التصوف الفني” أو “اللغوي” الذي تورط به الكثير من الأدباء العرب وخصوصا الشعراء، بل هي من ضمن نسيجه العميق لأنها في النهاية تعبر عما أؤمن به وأشعر به في فكري ووجداني، ومن يلاحظ شخصيات أبناء السماء ورحلتهم الروحانية الخاصة يدرك ما أقوله هنا، وبالطبع فإن رواية باب الحيرة كانت عتبة مهمة للولوج إلى الرواية اللاحقة لها أي “أبناء السماء”، وهذا أيضا سيبدو جليا في روايتي المقبلة التي أتوقع أن تصدر مع نهاية هذا العام، وهي ترسخ مسار الرواية الروحية إن صحت التسمية التي أشتغل عليها، وتساهم في استكمال ما بدأته، ولا أنتظر بالطبع أن ترضي النقاد أو تجتذب الجماهير، فلكل عمل مساره الروحي في قلوب الناس، وسيصل إليهم ولو بعد حين.

** حدثنا عن تجربتك في مجال الإعلام الثقافي في موقع “ثقافات” وما تم إنجازه وما هي الخطط التي تعمل عليها في خدمة الحركة الثقافية العربية؟
** تم إطلاق موقع ( ثقافات ) في نهاية العام 2012 وفي البال تقديم موقع ثري بالإبداعات والترجمات والأخبار الثقافية وكل ما يتعلق في النقد والفنون والكتب، وخصوصاً أنه يحاول أن ينشر أفضل ما نشرته الصحف العربية، فمن المستحيل على القارىء العربي أن يطل يوميا على كل ما تنشره هذه الصحف في المجال الثقافي، والإبداعي، وبالتالي أخذنا على عاتقنا أن يقوم فريق العمل بالبحث والانتقاء لأفضل الكتابات كل يوم إضافة إلى ما نستقبله مباشرة من الكتاب والأدباء من مواد، ومع اقترابنا من استكمال السنة الثالثة من عمر الموقع نستطيع أن نقول ولله الحمد أن الموقع حقق حضوراً لافتا في الساحة الثقافية العربية، وأن الكثير من الأدباء العرب يتابعونه، كما أنه حقق إلى اليوم نحو 100 ألف معجب على صفحته بالفيس بوك، وهناك اشتغال حاليا على إطلاقه بحلة جديدة شكلا ومضمونا، مع وجود مراسلين له في تونس ومصر وبيروت وعمان، إضافة إلى التعريف به في الإعلام العربي وشراكاته مع بعض الفعاليات الكبرى مستقبلا.
** أخيرا ماذا عن عملك في هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، وما هي المشاريع الثقافية التي تعملون عليها خدمة لهذه الإمارة؟
** تتميز إمارة الفجيرة بموقعها الاستراتيجي على ساحل عمان، وهدوئها ونوعية ما تقدمه من فعاليات وإصدارات في القطاع الثقافي على مستوى الإمارة نفسها وأيضا دولة الإمارات العربية المتحدة، ونعمل في هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام كأسرة واحدة من أجل إقامة فعاليات نوعية، وتنشيط الحركة الثقافية فيها برئاسة سمو الشيخ الدكتور راشد بن حمد الشرقي الذي من حسن حظنا أنه يتميز بثقافته العميقة واهتماماته الفكرية والفنية، وحاليا هناك العديد من الفعاليات التي تنظمها الهيئة مثل: ملتقى الفجيرة الإعلامي الذي يقام سنويا، ومهرجان الفجيرة للمسرح المدرسي، ومهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، وحاليا هناك خطط لإقامة ملتقى الفجيرة الفكري الأول، ومهرجان الفجيرة للموسيقى وأيضا ملتقى الفجيرة التشكيلي، وثمة العديد من الاصدارات في الكتب الأدبية والمتخصصة، كما تم إصدار العدد الأول من مجلة الفجيرة الثقافية التي تلتحق بركب المجلات الثقافية العربية المعروفة.
________
*موقع “إيلاف”

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *