*ناجي ابولوز
عرض الروائي الفلسطيني ابراهيم نصرالله مقتطفات واضاءات أدبية من رواياته الست التي يحتويها مشروعه «الملهاة الفلسطينية»، ليربط بين النكبة الفلسطينية وتجلياتها في رواياته التي بدأ كتابتها منذ عام 1985، وكشف نصر الله في حديثه عن تفاصيل الكتابة الأدبية للمقاومة والنكبة الفلسطينية عن خطورة الضعف في الاهتمام بالذاكرة الفلسطينية على عكس “الهولوكوست” الصهيوني، إذ قال إن الأدب المقاوم الذي ولد عام 1948 أي من عمق فلسطين التاريخية، لم يكتب ربع ما كتبه العدو عن الهولوكوست وبذاكرة جمعية واسعة الاهتمام.
جرى الحديث عن مفاصل الحكاية الأدبية في تاريخ الأدباء الفلسطينيين ضمن لقاء نظمه رواد المنتدى الوطني للتجمع المدني الأردني في جبل اللويبدة، الذي عنون لقاء الندوة للكاتب نصر الله بعنوان «تجليات النكبة في مشروع الملهاة الفلسطينية»، لكن الكاتب أشار إلى أن الحديث عن 29 عاماً منذ بدء الكتابة للملهاة يحتاج إلى أكثر من 29 يوماً تفصيلياً يصف التجهيز الذهني والمادي من حيث المكتبة الخاصة التي صممت لجمع تاريخ الخيول البيضاء في زمن اندثرت عنه معالم التذكر والذاكرة.
وقال نصر الله إن أي خطأ تاريخي يضعف الإقبال على قراءة الرواية، فالفلسطيني الذي يبلغ عمره تسعين عاماً قد يقرأ تاريخ فلسطين في احدى الروايات ولا يقتنع بالصورة المكتوبة، لذا فإن التاريخ عنصر أساسي للكتابة الحقيقية والواقعية.
الذي قتلك في المساء ليحتل صبحا مكانك.. شاب ولم يزل عاجزا ان يمتطي حبيبي حصانك. بهذه الرباعية الشعرية يصف نصر الله لجمهوره ومن خلال اضاءاته النكبوية على شعب تهجر إلى منافي عديدة، حجم الاحتلال والتعدي من قبل العدو وتأثيره في الشعب الفلسطيني كي ينسى، فهو رسم في رواية «أعراس آمنة» شخصية رغدة التي كانت تخاطب غسان كنفاني قائلة له «أتعرف يا غسان.. ما مصير الحكايات التي لا نكتبها.. انها تصبح ملكا لأعدائنا». فالكاتب يتفق تماما مع المبدأ الأساس في أن ترسيخ الذاكرة الفلسطينية وتناقلها مثبتة على الورق هو النصر الأساس على العدو إذ إن الحرب هي حرب ذاكرة.
ومن خلال حديثه عن رواياته التي تقدم سلسلة مشروع متكامل بين التاريخ والجغرافيا والأدب، يسقط نصر الله الضوء على زاوية خطرة، عندما شرع في تفسير فردية الذاكرة الأدبية الفلسطينية، إلى اسباب الكتابة تحت رقابة التنظيمات الفلسطينية منذ زمن طويل، فهو يدعم الكتابة باستقلالية لأنها تعطي الكاتب حرية الكتابة عن نقاط واسعة في حياة الوطن وعن نقاط الضعف تحديدا، وأبرز مقال على ذلك حسب نصر هو ظاهر العمر الزيداني الذي لم يكتب عنه أحد وكيف أنه كان سببا في تراجع الحكم الفلسطيني في فترة حكمه.
مايسترو النكبة والمقاومة الذي يعزف مقطوعته في زقاق فلسطين وحقولها كحارس المدينة الضائعة يحاول ترميم ما تبقى من جراح المنفى لكي لا يتحقق قول الصهيوني بن غوريون «سيموت كبارهم وسينسى صغارهم».
وقال نصر الله ان ما جعله يكتب المشروع هو ان يبحث عن مادة أدبية تفاجئ من يعرف فلسطين ليكتشف انه يعرف عنها القليل سواء على صعيد الأدب والأدباء المبدعين من فلسطين أو على صعيد التاريخ الفلسطيني وتكذيب الرواية الصهيونية.
ويضيف «الحرب هي فعلا هي فعلا حرب ذاكرة، نحن نخوضها اليوم واعتقد انه في واقع عربي ضخم كثيف لحد كبير يصبح التذكر مسألة كبرى لانه في النسيان لا وجود للاعداء. واعتقد ان النسيان شكل من اشكال الموت السريري للذين يريدون ان يفرضوه علينا. بشتى الطرق سواء بتقليم اظافر الذاكرة او بابتلاع اعين الذاكرة».
يذكر ان إبراهيم نصر الله، كاتب وشاعر وأديب من مواليد عمّان، الأردن، عام 1954م من أبوين فلسطينيين، هُجِّرا من أرضهما في قرية البريج «فلسطين»،28 كم غربي القدس عام 1948م، يعتبر اليوم واحدا من أكثر الكتاب العرب تأثيرا وانتشارا، حيث تتوالى الطبعات الجديدة من كتبه سنويا، محققة حضورا بارزا لدى القارئ العربي والناقد أيضا، ومن اللافت هذا الإقبال الكبير من فئة الشباب على رواياته وأشعاره، كما تحظى أعماله بترجمات إلى لغات مختلفة، وإلى ذلك الكتب النقدية الصادرة عن تجربته، ورسائل الماجستير والدكتوراة المكرسة لدراسة انتاجه في الجامعات العربية والأجنبية.
درس نصر الله في مدارس وكالة الغوث في مخيم الوحدات، حصل على دبلوم تربية وعلم نفس من مركز تدريب عمان لإعداد المعلمين في عمان عام 1976م. وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين، والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب.
_______
*العرب اليوم