“حكاية ولون”..ذاكرة فنية لنصرة فلسطين



* توفيق عابد

وصف مشاركون في معرض “فلسطين حكاية ولون” مساء الثلاثاء 12 ايار (مايو) الحالي بالمركز الثقافي الملكي وسط العاصمة الأردنية بأنه سفير متجول للقضية الفلسطينية سيجوب عواصم العالم للتعريف بمأساة الشعب الفلسطيني وتراثه وحقه المشروع في ترابه.

وشهد المعرض الذي نظمته جمعية المرسم الجوال الأردنية، إقبالا جماهيريا لافتا من مختلف الشرائح الاجتماعية والعلمية والصحفية، وبمشاركة ثلاثين تشكيليا أردنيا وفلسطينيا رسموا مائة لوحة فنية استحضرت فلسطين بأسراها وانتفاضتها وشهدائها وترابها وتراثها وأقصاها وقدسها وكنائسها.
وتعبّر اللوحات -التي غلب عليها اللون الترابي- عن المعاناة الفلسطينية والانتفاضة، وتضحيات المرأة التي تزرع الأمل، وصمود غزة في وجه الحصار والعدوان، بأساليب ومدارس مختلفة كالتجريدية والتعبيرية والتأثيرية والكلاسيكية، وستكون العاصمة التركية إسطنبول محطته المقبلة مطلع حزيران (يونيو) المقبل.
ويلحظ المتفحص للوحات المعروضة نضج تجارب الفنانين المشاركين -رغم تفاوت مستوياتهم وصدق تعبيرهم بالريشة واللون- عن أعدل قضية عرفها التاريخ من خلال مفردات سياسية وتراثية واجتماعية ونضالية.
الحرية والأسر
ويأتي تنظيم المعرض الذي يستمر حتى الخميس 14 من الشهر نفسه، بمناسبة ذكرى النكبة التي تصادف الخامس عشر من أيار(مايو) الحالي، وتذكير الاحتلال بأن فلسطين ستبقى حاضرة رغم ما يجري على الساحة العربية.
وفي حديث خاص للجزيرة نت، وصف غالب البرغوثي والد الأسير عبد الله البرغوثي والذي افتتح المعرض بأنه معرض للطلقاء ونحن الأسرى، في إشارة لسجناء الحرية في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي.
وقال البرغوثي “لم نضع شريط زينة على مدخل قاعة فخر النساء بالمركز الثقافي، بل سلسلة حديدية وقفلا ومفتاحا كرمز لوطننا المقيد بأغلال الاحتلال، وأبناؤنا وراء القضبان ينتظرون لحظة تنسم الحرية”.
من جهتها، قالت التشكيلية هناء البدور إنها قدّمت لوحتين، الأولى لفتت إلى أن الأرض الفلسطينية أصبحت كقطعة شطرنج يقضمها الاحتلال قطعة قطعة لتهويدها، كما تعبّر عن أرواح تحرس غزة، وأن الطريق إليها مسدود إلا باب واحد هو السماء، في إشارة للحصار الإسرائيلي والتقاعس العربي لرفع الحصار، في حين تعبر الثانية عن رائعة دافنشي “موناليزا” بزي فلسطيني يمثل قضية شعب مظلوم ومقهور.
أما الفنان أحمد الخطيب فقد استلهم قصة سيدنا يوسف (عليه الصلاة والسلام) وخاصة سجنه وتفسيره لحلم السجين الذي رأى الطيور تأكل خبزا فوق رأسه كدلالة على أن السجن لم يكن يوما عائقا أمام تحقيق التطلعات الوطنية.
حضور فلسطين
ومن وجهة نظر التشكيلي أحمد صبيح، فإن لمعرض “فلسطين حكاية ولون” معنى كبيرا وكأن فلسطين تقول لنا “انتظرتكم لكنكم لا تنتظروني”، وخاطب من يرى أن فلسطين نُسيت من الذاكرة بقوله “فلسطين حاضرة بكامل ثوبها المطرز ولا تنقصه وردة واحدة”.
وقال صبيح إنه يشعر بالفرح عندما يرى طفلا في المخيم يلهو ببندقية خشبية، مبينا أنه استلهم لوحتين من فضاء المخيم بجملة واحدة مفادها أن “الملابس تستريح على الأسطر ويستريح أصحابها في تلك المنازل، أما الملابس في المخيم فهي على أجساد لن تستريح أبدا”.
وسجلت المرأة الفلسطينية حضورا خاصا، فقد عرضت التشكيلية سوسن شحادة لوحتين بعنوان “نساء فلسطينيات” بألوان مشرقة كالأحمر والأزرق، لتقول للمتلقي إن فلسطين ليست مقرا للمآسي فما زالت تزدهر بألوان الصمود والشهداء والأسرى والأم التي ترضع أبناءها عشق الوطن والشهادة من أجله.
وقالت شحادة إنها تحاول توثيق وحدات التطريز في أعمالها الفنية واستخدامها عوضا عن المفردات، وأيضا إدخال رموز معاصرة كالمفتاح والديك والهلال وسنابل القمح والنجمة الكنعانية كعناوين للوطن الفلسطيني وتراثه.
وحسب الدكتور واصف المومني، فإن كل لوحة تحكي حكاية وفكرة يحاول الفنان إيصالها للجمهور للارتقاء بالذوق الفني عبر مدارس فنية مختلفة، وهي في مجملها تستثير الهمم وتوثق مأساة الشعب الفلسطيني وموروثه وتعيد للأذهان أن عدونا الأول هو إسرائيل.

________

* الجزيرة

شاهد أيضاً

“أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني

(ثقافات) “أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني برعاية العين د. مصطفى حمارنة ينظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *