* مهند النابلسي
( ثقافات )
رغم أن فيلم “الظلال المظلمة/ dark shadows” عمل رائع إلا أنه لم يلقَ الصدى المطلوب. بطل العمل، الذي انتج العام 2012، هو الممثل العالمي جوني ديب، الذي يتماهى عادة بشغف مع أدواره الغريبة المتنوعة، والأمر يتعلق في هذا الفيلم بساحرة فتاكة خالدة، عاقبت “ديب” لتعاليه ورفضه العنيد لحبها في العام 1772، ولقيامه بتفضيل فتاة جميلة وبريئة عليها، وتمكنت أخيراً بسحرها الأسود الطاغي من تفجير حقدها الدفين تجاهه، وهكذا دفنته حياً بعد أن كبلته بسلاسل حديدية متينة، وبعد أن حولته بسحرها الخرافي لمصاص دماء قاتل.
بعد مئتي عام تحديداً في العام 1972، وبفضل أعمال إنشاءات وحفر في موقع مهجور تمس قبر “ديب” المنسي، يخرج متعطشاً للدماء من قبره الأبدي، مهاجماً بضراوة عشرة عمال مساكين لإرواء عطشه المزمن، ثم يحصل صراع مافيوزي- اسطوري جديد بين عائلته (التي تعمل في تجارة السمك) من جهة، والساحرة المتنفذة التي عادت بشخصية جديدة مزيفة من جهة أخرى، رغبة منها لإحياء حقدها القديم ولتدمير عائلته ونفوذها، والطريف أنها تتمكن منه للمرة الثانية (بالإيحاء والمعاشرة والسحر)، وتنجح بدفنه حياً بعد أن تغطي رأسه بسروالها الداخلي الأحمر (كتذكار للمغامرة العاطفية الأخيرة !)، وذلك قبل أن ينجح صبي يافع من الأحفاد في فك قيوده وإنقاذه من الدفن حياً لمئتي سنة أخرى كما وعدته الساحرة الشريرة!
نجح هنا المخرج العبقري تيم بيرتون مع جوني ديب وباقي الفريق السينمائي في اخراج فيلم اسطوري حافل بالمؤثرات المدهشة، ومليء بالمشاهد المتنوعة الخارقة والقفشات الكوميدية المجازية، مستغلاً عنصر الزمن وعودة مصاص دماء مهووس وبرجوازي عتيق للعيش ثانية مع أحفاده في قصره القديم المهجور في سبعينات القرن الماضي، بوجود ساحرة خالدة حقودة مهووسة!
وقد مكنته الشخصيات المتعددة الخرافية والعصرية، ومستويات الأجيال، والصراع المزمن المتجدد لمعالجة سينمائية مجازية ممتعة ومشوقة لحالتي “الضوء والظلال المظلمة”!
لكل الأسباب التي أسهبت في شرحها فأنت سترغب بالتأكيد كمشاهد ذواق للعودة ثانية لمشاهدة هذه الأفلام والتمتع بمكوناتها الفنية الإبداعية المختلفة، كما هي دعوة لمعظم السينمائيين العرب حتى يتعلموا عناصر الإدهاش والإثارة والتشويق والإمتاع والإقناع، وكي يتعلموا طرائق الإبداع والتجديد في فن السينما!
______
______
*كاتب وناقد سينمائي