*علي عبدالحميد بدر
( ثقافات )
أحب أن أغادر الحياة
(مشيت بدون طائل)
أكره أني مكثت في هذا الليل، ولم أنتظر الفجر
كان قريبًا على بعد خطوات
لكني كعادتي،
أغلقت نافذتي مبكرًا لأني أخاف على صدري من الهواء البارد.
أكره أني تزوجت امرأة بيضاء،
لم تحب جلدي الأسود..
ولم تتذوق طعم قبلتي..
وكانت حجتها أن أسناني عريضة.
أكره أني ذات يوم قرَّرت أن أعد النجوم،
فمشيت أميالاً،
ولم أحصِ غير البدد وجعبة خالية اليقظة.
أكره أني سكنت بجانب أبي
ولم أضيع قميصي
فخسرت بصري بدون طائل.
أكره أن قطيعي كان هادئاً
والنساء عاديات
فجمعت الحسرة،
أكره أني عرفت الله هكذا
كيف لرجل قروي أن يعرف الله جيدًا
دون أن يسكن البحر
أو يصعد قمة جبل!
(الشجاعة)
الشجاعة أن تنهي علاقتك الأبدية بالليل،
وتجعله فقط محطة انتظار للفجر
الشجاعة أن تزيل سنوات ثقيلة من ذاكرتك،
ولا تتحمل عبء ركامها في صدرك
الشجاعة أن تعترف أنك كثيراً ما تخدع النساء
وتدَّعي الوله من أجل قبلة
الشجاعة كانت تحتم عليك أن تقول: إنك قريبة جداً،
وذلك من أجل قبلة
(لم يعد يكفي)
لم أمارس بعد فضيلة الجنون
فالأشياء كلها هادئة
هذا الصباح
سأحمل بلطتي
لأجزَّ فرع الظهيرة من هذا اليوم
سأقتل الظل
لا ضرورة له
لا أحتاج إلى حارس
ظلي سيكون الفراشات
ظلي سيكون الماء
(حتى ظن)
ثمل
حتى ظن أن الليل صديقه
أودعه سره
ثمل فتسلق ظله
لينام في هدوء
أنا فنار متهالك
لذلك هجرته
السفن
(ظلي)
موغلة قدمي في العتمة
وهي تعبر الليل
أيهما أقرب للنسيان
ظلي أم حياة قاتمة
لا يهم
سأعبر للضفة الأخرى
بهدوء
أسكب الماء على الأرض
فتنبت حشودي من الظل
(أحب أن أغادر الحياة)
لا أتحمل كثافة العتمة
سأجتاز الممر الضيق
وأنفق كل الأوكسجين
لا أحتاج إلى أيام أخر
أو ساعات
أو لحظات
هناك مشهد رومانتيكي أحب أنا أغادر الحياة به
أن أجلس على مكتبي كعادتي
وأتصفح أوراقي
وأكتب
أحبك يا شيماء
فمرحباً بملاك الموت
وعلى لساني ميمها
وفي حلقي اسم عائلتها
(وبالكاد)
لم يعد يشبهني
صار سحابة في أرض خاوية
الذكرى تنهش فيه
كليلٍ مسعور
ربما بعد قليل
يعتاد أن الماء القادم قليل جداً
وبالكاد يكفي الظمأ
سأحمل جثتي
لقاع النهر
وأقتات من عشبه
(حظ سيء)
كعادتي
أخطئ اصطياد ضربة الحظ
حتى ولو صادفت روحي
أفرط فيها
كسماء ضجت بغيومها
بدونك: صحراء باردة
لماذا لا تكتبها الأشباح التي رافقتني هذه الليلة؟
أستعد لقصيدة
أتتبع سحابة تغوص بعيداً في السماء
وتهمل الشمس
وأحكي للمرأة التي غطَّت بضحكتها ليلاً كاملاً
حكايات عن الدفء
مرونة شهقتي
حين تتعلق بحبل: اليقين والشهوة المنفلتة
سأقول لمريم: أظن أني سأزيح حجراً
يسبِّب تقوس ظهري وخطوتي العرجاء
لا سبيل غير:
زرع الحب كأغنية
والتمهل كصبي يلتقط حجارته
ليرشق زجاج شباك جارته
سأقول لمريم: أحب الشاي الساخن
والرقص الحي
وشجرة جدي التي زرعها كميراث
وهي تشبهه وتشبهني
أظن أني سأعد الشاي
وأجلس في خيمتي الوهاجة
برائحتك
وأقود عربتك إلى :
صعود أنفاسي حيث صلاتك
أمتحن الأصابع في لذة النكهة
والقلب أعلقه وحيدًا في ليل قاتم
يبدو أن الخبل سيصيب أعضائي تباعاً
ولن أحصد غير العلب الفارغة
والهواء الجاف
سأختار دبدوباً أحمر
يرقص في الصيف والشتاء
ينثر فتافيت فرحته على سريرها
يتلصَّص بديلاً عني
على سرها
سأختار ساعة يد فضية
تلمع النجوم في معصمها
وتضبط دقائقها على غناء القمر
وتقتل الوقت عندما أمر بليلها
سأختار توكة لتعقف شعرها بأنفاسي
سأختار قصيدة تحمل الدنيا
تميمة حظ في رقبتها
كعذوبة الماء: أنت
ونداء أمي: تعالَ يا حبيبي
يا أم
يا حبيبتي
الليل بدونك صحراء باردة
______
*شاعر من مصر