“الزانية”… تعلمنا الحبّ


*شيرين سمارة

( ثقافات )

أن نحب بفيض يعني أن نحيا بفيض
بعد طي عدد من الصفحات، والتجول في عالم السياسة والصحافة وطي الأيام يوما بعد يوم، حيث نبتعد بفكرنا بعيدا في عالم الثالوث المحرم ( الجنس والدين والسياسة)، الجنس/ المحظور، وحين ممارسته تعي (ليندا) أن عالمنا لا يعبر عن غريزة فقط، ولا تشبعه غريزة ولا تكتمل حياته ولا تتحمل أيضا بالغريزة، ما يجعل الحياة جميلة وهانئة هو الحب.
الزانية رواية مليئة بالمفارقات وخاصة في آخر الصفحات، تدخل إلى اللاباطن، تدخل في أعماق الأعماق وتبحث عن مكنون الذات، تحاول أن تظهر لنا كيفية الغوص والتجول فيها، تحاول أن تبين لنا من نحن، وكيف نعرفنا، من نكون وكيف لا نكون، تحاول الرواية الغوص في اللاوعي وأن تثبت لنا ماهيّة المخبوء في ذواتنا، متى هذا المخبوء سيظهر على العلن، وحين الظهور كيف يكون؟؟، المخبوء نحن بين الأسطر، نحن في ثنايا الأحرف.
أن تبحث عن السعادة في خبايا الروح… لا في الخارج ، السعادة مكمنها في الذات، المفارقة حيث الاسم المكروه اللفظ، والمستهجن، فهو من المحظورات، فلا يتلفظ علانية، فالكاتب لا يتلطف في الاسم، العنوان قوي وصارخ، تظن أنك ستجد مومسا من حانة لحانة، لكن يظهر خلاف ذلك، امرأة عادية شابة جميلة ذكية، صحفية، ليندا المرأة الزانية التي بحثت عن السعادة والحب، فوجدت عشيقا وهميا أيام المراهقة، وظنت أن الجنس قد تعيد لها الحياة وتشعر بالسعادة، ورسمت من السعادة ووتيرة الحياة وقد تزداد بسبب علاقة جسدية – لم تكتشف إلا مؤخرا بعد الصعود إلى قمة السماء والعلو بفكرها بأن السعادة تكمن داخلها، والحب يكمن في قلبها لا في قلب الآخر، لا نستمد الحب من الآخر، كما أننا لا نستمد السعادة من الآخر بل من ذواتنا، من معرفة مكامن النور في خبايا روحنا، نستنطق ذواتنا لنجد الحب، لا حب في الجنس، هكذا علمتنا الزانية، لا حب في الجنس، فالجسد سيتبخر أما الحب فهو خالد.
فالحبّ يجترح المعجزات، ويبني لك وطنا من حصن متين، الوطن هو الحب ذاته، والحبّ هو الوطن للروح، فلا تطمئن الروح إلا بالحب. 
هكذا سطرّت الزانية لنا الحب والحياة، وكيف ضمن عنوان صارخ جارح، ثقافتنا لا تقبله، فهي غير مقبولة دينيا ولا اجتماعيا ولا ثقافيا، كيف جسدها كويلو وزينها لنا، ما المغزى من وراء تزيينها لنا، هي رواية المفارقات، وهل في معيارهم لها نفس الحظر في معيارنا، لم جعل لجسدها المدنس مقدسا في روحها وفكرها، وأين تكم القداسة والدناسة في هذه الرواية، هي فعلا رواية المفارقات، زانية وتعلمنا الحب، المدنس يعلمنا القداسة والطهارة، رواية تضم في ثناياها أبجدية المقدس والمدنس، وأبجدية المحظور.
_________
“الزانية” رواية لباولو كويلو/ * باحثة من الأردن

شاهد أيضاً

فصل من سيرة عبد الجبار الرفاعي

(ثقافات)                       الكاتب إنسان مُتبرع للبشرية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *