*محمد شاكر
( ثقافات )
1
لِلماءِ
حالاتُ جُنونِه
قد يَفْصحُ عَن جـُثـَث
جَرفتْها غاراتُـهُ الأولى’
في نِهاية المـَصـَبْ
وَهْو يَلفظ أنْفاسَه الأخيرةْ
على سَرير طَمْيٍّ ثـخيـنْ
2
لِلماءِ..
فِعلُه الحَرَكي
كأنْ يَكسِر جـِسْرا
لا تـَنْطَلي عليْه هَشاشَته
يُعرِّي في مَسيرته الكـُبرى
بـِنـْيـاتٍ
وأوْهاما
لا تـَسْتقرُّ على عُمُد
يَشقُّ مَجار أخْرى
نـِكايـة
في مَنْ باعـوا أمـْنَ البلـْد
بـِدراهم مَعْدوداتٍ
وخانـوا حـُرمَة العـهْـد.
3
لِلماءِ….
أنْ يُعيد تَشْكيلَ البَشاعات
لـَعلَّه يـُثير خَوْفَ الغَاصِبين
مِن كـَرْنـفـالـِه الأليمْ
كلُّ مَجاريه على سُرَّة الأرْض
خُدوشٌ في ضَمائـِر البـَعـْض
لا يَغيضُ نـَزيفُها
لا يَنـْفكُّ عنها دمُ الطـَّافين
في لُجَج الموْت، والكـمـدْ.
4
للماءِ..
عُنفوانٌ آخَر
يَنفـُذ إلى شِغاف الأرْض
فـَتُخرج زينتَها
لَوَحاتٍ مِن فـَرح أخْضر
وهِباتٍ مِن زَهَرْ
تَرسُم موْسِمها القادم
بكلِّ ألـْوانِ القـَدر.
5
للماءِ..
صَوْلتـَه التي..
تمْحو جَبروتَ البَشرْ
وتـُعلي مجْدَ اللـَّهِ
في صَحارى’ أمَل تكسَّرْ
6
للماءِ..
مَراياهُ
مَبسوطة على أخادِيد الأرْض
كما لو أنـَّه
يُفـْشي ذاكِرة
علاها غـُبار النِّسيان.
أتمَلَّى، الآن، كـَثيرا مِنها
يَنِطُّ ضَوْؤُها
ويَجْلو عَتماتِ القلبْ.
7
للماءِ..
أنـْسُهُ
إذْ يُشْرع غَيْـبَه على شَغبي البَعيد
عارٍ مِن كلِّ شائِبة
تُخالط أفـق روحي…الشَّريد
حافٍ..
أخبُّ في بـِرَك الأحْلام
أحوشُ سَمَك الظـَّنِ العَنيد.
بـِشباك الرَّغْبة
والصَّحْو العتيد
أقـْلِع في سَفائِن مِن وَرقٍ
صوْبَ مَرافِئ
لا تـَبيدْ
في غيْم نَهاري الفَريدْ.
8
أغْبطُ جُرأة الماء
إذْ يُعيد تَرتيبَ ما يشاءْ
يَجْهَر بالخَللِ الصَّغيرْ
والكبير
في طـَويَّة الأنْحاء
يُزْبد ، يُرْغي
يَتميَّز مِن غيْظ
يَتوعَّدُ مِنه الخَرير شرذمة
لمْ ترحَم بـُؤسَ الفُقراء
لو أنَّ لهُ يَدا طولى’
كيْ يَبْلغ ضفَّة أخْرى
أوْدتْ بأحْلام الأبْرياء.