*
هل سمعتم برسام سوريالي، اسمه رينيه ماغريت – وكان هناك ايضاً لويس كس كي، ديفيد جابيللي وجوني فيغاس؟
مضت 117 سنة على ولادة رينيه ماغريت، الرسام الاكثير اهمية للسورياليين، ولذلك فإن الاوساط الثقافية الفرنسية تتوقع اقامة العديد من الفعاليات، معارض فنية، استعادة الاحداث المرتبطة به، عبر بلجيكا، خلال هذا الصيف، وكل واحد سيرتدي قبعات مجوفة ويمسك بتفاحة امام وجوههم، وستمطر السماء رجال الاعمال، وتتحول جبال بلجيكا الى نسور عملاقة.
ولكن لاشيء سيحدث، وكل ما حدث في اوائل هذا الشهر، بيع تسع لوحات من اعمال ماغريت، كجزء من فعاليات قاعة كريستي تحت عنوان: (امسية الفن السوريالي في لندن).
وماغريت في هذه الايام اصبح المفضل في سوق الفن، كما يقول اوليفر كامو المشرف على قاعة كريستي، ويقول اوليفر: “ان ماغريت فنان عمالي السمات، متحرر من كافة الانتماءات تجاه كافة العلاقات مع الثقافية والتاريخية والدينية او الوطنية”. انه فنان نقي الافكار، وقال مرة “ليس من السهل وضع اصبعك على كافة تلك الافكار”.
ولوحات ماغريت تختلف عن اللوحات الاخرى في ذلك العصر: تفاحات باقنعة تتطلع الينا، اناس بلا اعين، ولوحات يمكن تفسيرها بشتى المعاني، ولكنها مع ذلك تم بيع الواحدة منها بمليونين ونصف المليون باوند.
قال ماغريت ذات مرة: “اريد ان اخلق امراً غامضاً، لايمكن تفسيره” ومع ذلك، فاننا قادرون على معاينة مكونات لوحاته الغامضة مثل عمل كوميدي، انه يثير الدهشة، والسخرية، وكما قال كامو “انه عمق الاحساس بالفكاهة”. ولوحاته مثل النكات، تعتمد على حسابات بسيطة للرياضيات.
وهو قد يرسم مرآة تعكس الصورة المعاكسة لشيء ما، او شمعة تنشر الظلمة، انه كوميدي بسيط، بامكانه ان يرسم شيئاً مألوفاً ويجعلك تنظر اليه بشكل غير متوقع، وكذلك فهو في احدى لوحاته يلف تفاحة بقناع حريري، او يرسم سحابة تدخل الى غرفة من بابها.
وتقول البروفيسورة إلزا اداموفيج – من جامعة الملكة ماري في لندن – : “انه يغير كافة الاشياء، ويقدم عالماً غير موجود، مما يجعل تأثير اعماله فنياً عميقاً وغير متوقع”، وكل ما يقال عنه يمكن اختصاره بعبارة واحدة: “ان اسلوبه محايد بشكل ما”، وهذه العبارة التي قالها كامو “لقد اراد تقديم افتراضات سوريالية دون تحويل المشاهد او صرف نظره الى اللوحات التقليدية”.
ان الكوميدي يهدف الى ازالة التوتر، مع ضحكة قوية، في حين ان ماغريت يحافظ على التوتر ليحاول المشاهد تفسير اللوحة. كان ماغريت عبقرياً برسم لوحات فيها شخوص على النقيض من البعض، كما انه كان كارهاً تفسير اعماله الفنية بمعانٍ اعمق، ويقول اداموفيج: “ان صوره معانٍ قصصية، وان ذلك المعنى يبقى معلقاً، كما هو الحال في احلامنا”.
ان المشاهدج قد يجد قصة ولكنه لاينجح في فهمها، واعمال ماغريت لاتفسر، وكما قال يوماً مؤكداً: “انا لا احكي النكات”، وفي هذه النقطة يلتقي ماغريت بماغريت في السوريالية المضادة للكوميديا.
ان سوريالية ماغريت لها مظهر مسرحي، ولوحاته تقدم صوراًن ومشاهده مؤطرة في الغالب بالستائر، اما خلفياتها فتقدم منظراً طبيعياً بسيطاً ومقفراً يبعث الاحساس بالعزلة. وبالنسبة لماغريت فان العالم كله مسرح، وهدفه هو جعلنا نرى الغرابة، وشخوصه الصارمة تحس بالوحدة، وكأنها واقفة تحت الاضواء والعالم الذي يجده ماغريت مسرحاَ، يبدو احياناً كوميدياً، وهدفه هو جعلنا نرى الغرابة، ولانثقل المشهد بسهولة، وهدفه كان ايضاً: (ان يجعلنا نفكر ونتخيل ماهو خارج الصندوق، وان نتوقف عن رؤية شيءغير معقد)، ومع ماغريت كل شيء يصبح شيئاً آخراً، فالغراب هو نبات، واعمدة الدرابزين هي الناس، والاحذية اقدام واللوحات نكات.
* عن: الاوبزرفر/ المدى