*إعداد وترجمة: ابتسام عبد الله
أعلنت الروائية الأميركية هاربر لي، ان جزءاً ثانياً للرواية التي صدرت قبل خمسين عاماً، والتي تعتبر حتى اليوم من افضل الروايات الأميركية قد اكتملت ، وكما يبدو فإن مخطوطة الجزء الثاني كانت قد فقدت.
ومن المعلوم انها بقيت تحتل المكانة الأولى بين افضل الأعمال الأدبية، وحققت مبيعات لم تحققها رواية اخرى منذ ذلك الحين، وجلبت لكاتبتها هاربر لي شهرة واسعة، ولكنها لم تطبع عملاً آخراً من ذلك الحين، وعادت الى مكانها في مدينة مونرويفيل في الاسكا، كما أنها لم تطبع رواية بعدها.
ويبلغ عمر هاربر لي اليوم 88 سنة، وأعلنت مؤخراً انها ستطبع الجزء الثاني من “قتل طائر ساخر” وبنفس الشخصيات الرئيسية ومنهم – اتيكوس فينج – وابنته التي كبرت.
وقبل بضعة ايام اعلن ناشر السيدة لي خططه لإطلاق الرواية، التي تم العثور عليها اخيراً، علماً ان السيدة لي كانت قد أنجزتها في الخمسينات من القرن الماضي، وعنوانها “اذهب وحدد حارساً” ولكن السيدة لي تركت الرواية جانباً بناءً على نصحية محررها، والذي طلب منها كتابة رواية جديدة من وجهة نظر البطلة الشابة وفي مرحلة طفولتها.
وقالت السيدة لي: (كنت اكتب للمرة الاولى، ولذلك فعلت ما طلبه مني المحرر) واعلنه ناشرها.
وهكذا كتبت هاربر لي آنذاك رواية “قتل طائر ساخر” وهي كلاسيكية، وتحولت الى فيلم سينمائي، وبلغت مبيعاتها (40) مليون نسخة عالمياً منذ طبعها في عام 1960، وهي حتى اليوم تحقق مبيعات جيدة (مليون نسخة سنوياً) وقد تمت ترجمتها الى اكثر من (40) لغة.
وتدور أحداث الرواية في سنوات الكساد الاقتصادي في الولايات المتحدة الأميركية، وهي عبارة عن كشّافة شابة وعائلتها والذين اندفعوا الى محاكمة رجل اسود، وجهت اليه تهمة اغتصاب امرأة بيضاء. ويلعب دور والد الفتاة، غريغوري بيك، في الفيلم الذي يتناول القصة، وعلى الرغم من نداءات القراء والمؤسسة الأدبية، لم تنشر السيدة لي كتاباً آخراً.
وكانت السيدة لي، قد ظنت ان مسودة “اذهب وحدد حارساً” فقدت او تمزقت، ولكن في الخريف الماضي، عثرت محاميتها، تونجا كارتر، على المخطوطة في مكان آمن، حيث تحتفظ هاربر لي بأرشيفها، مربوطة بالنسخة الاصلية من “قتل طائر ساخر” . وحسب أقوال ناشر السيدة لي، فإن المحامية لم تدرك أهمية ما عثرت عليه، اولاً، لكنها ما ان قرأت شيئاً منها، حتى ادركت انها رواية السيدة لي الاولى والتي لم يتم نشرها، ولم تبادر السيدة لي بنشرها، الا بعد ان قرأها عدد من الأصدقاء واكدوا لها انها تستحق النشر.
وبعد تفكير طويل وتردد، اقتنعت الكاتبة بنشرها. ويقول جارلس شيلدز، كاتب سيرة حياة السيدة هاربر لي وصدرت (عام 2006)، انه قد وجد مايشير الى هذه المخطوطة في مراسلة الكاتبة لصديقاتها واعتقد انها من المسودات الاولى لرواية “قتل طائر ساخر”. ويضيف شيلدز “سنرى ما تكتبه السيد لي في هذه الرواية، بدون الاستعانة بمحرر يراجعها ويصلح جملها او يعيد كتابة مقاطع منها.”
وقد قرر الناشر، طبع مليوني نسخة من الكتاب الجديد الذي سيتم توزيعه في14 تموز القادم، وتم تحديد الموعد بعد اتصال مع رئيس دار نشر “هاربر كولينز” في الولايات المتحدة وكندا، ولم يكشف الشروط المالية الخاصة بهذا الاتفاق.
وقال موريسون: (كنت أتطلع دائماً الى كتاب آخر لهاربر لي، وكم هو رائع الكتاب الثاني)، وقد اعرب عدد من النقاد والمراقبين عن اهتمامهم بالرواية الجديدة، ويتساءلون لماذا أرادت لي طبع هذا العمل بعد خمسين عاماً، وفجأة قررت طبعه!
وكانت السيدة لي قد عانت من جلطة في الدماغ في عام 2007، وتوفيت شقيقتها اليس والتي كانت رفيقتها في الخريف الماضي.
ويتساءل البعض، كيف يمكن لولاية، كانت فيها العنصرية فعالة ان يفكر ناشر في نشر ما قد يعتبر جزءاً مكملاً لرواية “قتل طائر ساخر” .
وتقول مارجا ميللز جارة الكاتبة وصديقتها: “كنت في الخمسينات من عمري عندما قرأت (قتل طائر ساخر) وأعجبت بها كثيراً، وهي الرواية المفضلة وكذلك الفيلم الذي تناول الرواية.” وتضيف السيدة ميللز: “اهتم كثيراً بتصريحات تنسب الى السيدة لي” . وكانت ميللز قد نشرت كتاباً بعنوان “الطير الساخر جارنا” وهو عن ذكريات عن جارتها الروائية الشهيرة وشقيقتها وبالتشاور معهما.
ولكن هاربر لي نشرت بعدئذ تصريحاً عبر محاميها، وانها لم تكن تعلم او تشارك في ذلك الكتاب ، بينما نفت اليس – شقيقة هاربر – ذلك وكتبت انهما قد شاركتا جارتهما قائلة: ان شقيقتها لاتسمع وانها توقع على أي شيء يقدم لها من من تثق فيه.
واعلن جوناثان بيرنهام – نائب رئيس دار هابر – ان الشركة لم تتحدث مطلقاً مباشرة مع السيدة لي عن الكتاب، لان المفاوضات جرت عبر محامٍ ووكيلها الأدبي. وكانت السيدة لي قد اعربت عن سرورها بنشر الكتاب اخيراً. وصرح بيرنهام، ان المخطوطة لن يتم تعديلها، وانه واثق من موافقة السيدة لي على الاتفاق، وان الحديث مباشرة، ليس ضرورياً، وهي لاترد على المكالمات التي تتساءل عن موعد النشر.
وكانت السيدة لي قد ابتعدت عن الناس منذ عقود من الزمن، ولكنها مع ذلك تحافظ بشدة على صورتها وتراثها وحماية حقوقها، وقد جوبهت السيدة لي احياناً بسؤال عن سبب نشرها لكتاب آخر بعد “قتل طائر ساخر” فقالت انها قد وجدت الشهرة تحيط بروايتها الاولى وانها قد قالت كل ما كانت تريده في عمل واحد.
ويقول محاميها المسؤول عن حقوقها العالمية، انها أبدت تحفظها بالنسبة للكتاب الجديد، كانت مختلفة في البداية، وتساءلت: هل انه يستحق النشر الآن؟
ولكنها في خلال زيارتي الأخيرة لها في مونورويفيل، كانت سعيدة ومعنوياتها مرتفعة.
_______
*عن: النيويورك تايمز/ المدى