*
ضمن منشورات «الدار الأهلية للنشر والتوزيع»، عمّان (2015)، صدرت المجموعة القصصية الرابعة للقاص جمعة شنب، والتي حملت عنوان «قهوة رديئة»، وتأتي هذه المجموعة بعد إصداره ثلاث مجموعات قصصية هي: «للأرض جاذبية أخرى 1980، الرسالة الأخيرة 1982، موت ملاك صغير 1984».
يقول جمعة شنب: بعد إحدى وثلاثين سنة، مضت على نشر آخر مجموعة قصصيّة لي، بعنوان «موت ملاك صغير» وكنت لم أزل أحد طلّاب كلية الاقتصاد والعلوم الإداريّة، في الجامعة الأردنيّة. كنت شأني شأن كثير من أبناء جيلي آنذاك، مسكونا بهاجس المخيّم الفلسطيني، حيث نشأت فقيرا بائسا، غير يائس، ومعبّأ بالأمل. ألوذ به، هربا من الألم الشديد. وبعد إحدى وثلاثين سنة، وقد فارقتني رهبة النّشر، بعد أن فارقني الزهد بالكتابة، هذه مجموعتي القصصيّة، التي أفضّل تسميتها «المجموعة صفر» لولا أن رأى أصحابي تسميتها «قهوة رديئة».
وكتب على الغلاف الأخير للمجموعة الشاعر زهير أبو شايب يقول: «لغة جمعة شنب نزقة وحارّة ورشيقة. لكنّها لا تفقد «سرديّتها»، خلال بحثها عن تلك الخفّة الّتي يتدثّر بها كتّاب السرد ـ أحيانًا ـ ليغطّوا بها عوراتهم؛ لذا فإنّ النصّ هنا لا يتخلّى عن ملامحه ووظائفه وشفراته الحكائيّة، بل يذهب إلى المعيش والواقعيّ دائمًا ليتغذّى عليه، وليصنع منه نصًّا «انطباعيًّا»، فاتنًا يفارق الواقع بقدر ما يذكّر به.
إنّ «الواقع»، في نصوص هذه المجموعة، ليس واقعيًّا تمامًا، وليس أيقونيًّا، ولذا فإنّ مقاربته لا تكون إلاّ من خلال لغة انطباعيّة ترسم المَشاهد والأحداث والشخصيّات بضربات قليلة وعنف كثير. إنّ «العنف»، الطفوليّ اللّذيذ، الّذي تمتاز به قصص هذه المجموعة، ليس سوى حيلة للعبث في ذلك الواقع الآسن، والعمل على إعادة تشكيله، وتجريده من فائض سكونيّته. هذه المجموعة تكشف، في العمق، عن طبيعة العلاقة بين العنف والسرد، على نحو ما تفعله «ألف ليلة وليلة»، وتقدّم للقارئ نموذجًا آخر من القصّ: تلك الخفّة الّتي لا تحتمل.
_______
*الدستور