حسام السراي
أولى الخسارات التي يسجّلها العام الحالي، هي رحيل الشاعرة آمال الزهاوي (1946- 2015)، بعدما توفيت في “مستشفى الكرامة” في بغداد. سليلة عائلة الزهاوي المعروفة، هي حفيدة الشاعر والفيلسوف جميل صدقي الزهاوي (1863- 1936)، تحسب على أنّها من الأصوات النسوية المحدودة التي تسيّدت الساحة الشعريّة بعد نازك الملائكة (1923-2007).
صدر لها العديد من الدواوين، منها: “الفدائي والوحش” (1969)، “الطارقون بحار الموت” (1970)، “دائرة في الضوء – دائرة في الظلمة” (1975)، “إخوة يوسف” (1979)، “التداعيات” (1982)، “يقول قس بن ساعده” (1986).
وبإطلالة سريعة على نتاجها الشعري الذي أتى بعدما صار الطريق مُعبداً أمام موجات التحديث في الكتابة الشعريّة، واصلت طريقها بحضور قوي من دون أن تحدث نقلة مغايرة على مستوى البناء الفني للقصيدة ستينيات القرن الماضي، بفعل ما حققه قبلها الروّاد السياب ونازك وبلند الحيدري. وهنا نستعيد ما ذكرته الناقدة بشرى البستاني عن الراحلة في دراسة لها بعنوان “ملامح الأنثى في شعر آمال الزهاوي”: “تمكنت من بثّ بوحها النسوي شعراً كما تمكنت من قبلها الشاعرة نازك الملائكة. إنّ ذم سلبيات الناس، وهجاء الزمن، ونقد القيم السائدة ما هو إلاّ صرخة الأنثى في وجه طغيان العصر وجبروت مستغلي الإنسان وهادري طاقاته”. بمعنى إنّها سلكت الطريق نفسه الذي كانت قد اختارته الملائكة قبلها.
وما أن سرى خبر وفاتها، كون الراحلة كانت تعاني من المرض والإهمال أيضاً اثر إصابتها بالشلل، أتى تصريح متوقع المضمون لرئيس اتحاد الأدباء والكتّاب في العراق الناقد فاضل ثامر. قال: “اتحاد الأدباء قدّم في وقت سابق إلى وزارة الثقافة لائحة بأربعة أدباء يعانون من أمراض خطرة جدّاً من بينهم اسم الشاعرة لغرض إرسالهم إلى الخارج للعلاج في أسرع وقت ممكن”، موضّحاً أنّ “الاتحاد لم يصله حتّى الآن أي رد حقيقي من الوزارة”.
يمرّ ذلك الحدث المؤسف مثلما مرّ غيره، من دون أن يفكّر الفاعلون في الوسط الثقافيّ بوضع إستراتيجية لحماية قانونية للمثقفين والأدباء الروّاد فضلاً عن الشباب في ما يخص دعم مشاريعهم المستقبليّة.
نهاية تدعو إلى الأسى بشأن مصير المبدع في العراق، إذ لا أحد يكترث لحاله، ولعلّ هذا المقطع من قصيدتها “حرباء” المكتوب قبل عقود، يتفق والراهن العام الملبّد حالياً بأعراس الدم: “يا هذي الأيام المسكونة بالرعده/ فضي الطلسم الممهور/ بوردة أشواك ليليه/ نعترف الآن نقول لك/ نحن الشعراء المتنبِّينَ الممتدين/ ما عادت تدهشنا شلالات الدم..”.
ربّما يكون قرب إصدار ديوانها الجديد بعد أسابيع في عمان باسم “نجمة سومريّة” (يوثّق لتاريخ العراق منذ عصر السومريّين ولغاية نيسان العام 2003)، مناسبة للتفكير الجاد بمفاتحة الجهات التشريعيّة بخصوص مقترحات قوانين سمعنا عنها كثيراً وما من أحد يضعها على طاولة البحث كي يتمّ اعتمادها، ومنها مقترح “قانون رعاية الروّاد”
– الاخبار اللبنانية