محمد الأمين أبوالعواتك *
( ثقافات )
أدب الإختلاف ظل محبوساً في قبو الإقصاء بفعل النفس والإنتصار للذات حتى إن كانت على غير الحق ، لذا لم تتعلمه الأجيال وظل غائباً عن فضاء ( الحكمه والموعظه الحسنه ) و( لا إكراه في الدين ) فلم تتعرف عليه الأجيال أصلاً ولم نسمع يوماً أن قال أحدهم ( إني على غير الحق ) أو ( أنت على صواب ) أو حتى إعتذار غير مباشر للآخر المعتدى عليه لفظاً أو فعلا، وتتقد وتخبو الخلافات والعنوان العريض لها الإنتصار للنفس ومايهم هو تفاصيل الإخراج و ان لا يحرح صاحب غلبة حظوظ النفس أو يتراجع أمام الناس ويتحول الأمر من حركة (فكر)إلى خلجة ( نفس) تحتاج إلى كبار خبراء امراض النفس و بالتالي ينصرف الناس عن الفكر إلى تفاصيل دراما الحدث و تخسر حركة التطور الفكري وتضيع فرص الإستناره بسبب الإندفاع المباشر نحو تصاريف الأقصاء والقضاء على الآخر، ثم لايلبث أن يتحول الأمر إلى الإستهداف الشخصي وهتافيه تولد فتنناً وهكذا تدحرجت حركة الفكر منذ فترة مبكره خارج المشهد وقبرت بسطوة أصحاب المارب وحملة سيوف الاقصاء وظلت ساحاتها وأدواتها وظيفة ودوام عمل يومي لمتعطلين ضاقت بهم سبل كسب العيش فجندتهم (قوي امراض النفس) في مختلف ضروب الحياة إلا أن أخطرهم من يتدثرون بثياب الدين وهؤلاء هم الذين شوهوا تاريخنا ويقبحون حاضرنا ويفخخون مستقبلنا .
لن نصحو حتى (نهدأ ونتواضع) بأن الامر مختطف وأن اجيالا واجيالا تربت وتشكلت ايمانياتها بهذه المعاني لأثر الانظمة على الثقافة كما ان حركة التدوين قد عانت من التوجهات والضغوطات السياسية مع منعرجات التاريخ والحروبات والفتن حتي تحولنا الى اجهل الامم واظلمها واكذبها واكثرها نفاقا والاخطر ان بداخل كل واحد منا ( داعشي صغير) الا من رحم ربك وكما يقول صديقي دكتور عصام محجوب الماحي اما ان يكبر ويرينا (اضافته الداعشية) او ان يلجم بالعقل والتفسير السليم للدين وحكمته، فلا يكفي الدكتور عبد الحي يوسف ان يخرج علينا قائلا (بان حرق الكساسبة لا يشبه الاسلام) فذلك معلوم بالفطرة، والأهم الذي ننتظره منه ماذا فعلت ) انتاجا فكريا ( لتبيان خطأ الحجج التي يستند عليها هؤلاء في افعالهم الاجرامية والتي ليست لديها علاقة بدين او عرف او وجدان سليم؟
واضح باننا قد ضيعنا الأمر وضللنا عن المقصد الذي بينه لنا المبعوث رحمة بنا لهدايتنا صلوات ربي وبركاته عليه وهو مكارم الاخلاق والدين المعاملة…فكل القصد كما قال (لاتمم) صالح الاخلاق..في اشارة واضحة لما سبق من الهدي الالهي في رسالات سابقة اتت لخلق المجتمعات الفاضلة على هدي الاخلاق ولن نصحو حتى نعلم ان الضيق والمساوئ التي نحن فيها ليست وليدة اللحظة بل هي محصلة لكثير من الاسباب المسكوت عنها في (الفكر الاسلامي) والتي تزداد الحاجه كل يوم (للافصاح) عنها وادارة حوار هادئ بعيدا عن كل اقصاء وهي الان تطرق جميع الابواب بعنف غير مسبوق في دلالة كونية لم تسلم منها الدنيا في كل اركانها..
لن يسلم احد طالما ان (مدارس الكادر) ومقرراتها (الفكرية) تخرج كل يوم دفعة جديدة من (الدواعش الصغار) ولن يسلم احد طالما ان هناك الكثير من المشجعين والذين يعتقدون بصحة هذا الفكر (ايمانيا) ولن يسلم احد طالما ان مقصد الرسالات السماوية غائبة عن الافعال والمألات وتنتهك الحرمات وتضيع الحقوق وهي الابعد عن غايات الاخلاق، والاخلاق لاتتغير لان البعض يعتقد بتطورها ، فهي من الثوابت التي لاتبدل وحتي لايكون الامر استدراجا للهتافيين من الممتهنيين نقول بان هناك فرق مابين النص والفهم او مابين الدين الالهي والفهم الانساني للدين، فالاول مقدس والثاني غير ذلك وهو اجتهاد يحتمل الصواب والخطأ، وهذا يوضح خطأ الربط والذي (رسخ) بعنف وترهيب للايحاء بان الاثنين شئ واحد فعممت قداسة الاول علي الثاني بقصد لذا يكون التبرير لكل الافعال والمواقف البشرية التاريخية لكل اجتهادات تجاربنا من خلال شروحات بائسة لاعلاقة لها بعظمة هذا الدين الحنيف ولا بالانموذج الالهي للكمال الانساني متمثلا في خير الانبياء (ص) القائل:
( من نظر الي اخيه نظرة تخيفه اخافه الله يوم القيامة)….هذا في مجرد نظرة اخافت عبدا من عباده فمابالك بالذي يعذب ويقتل بالنار التي لايعذب بها الا الله؟
لقد تخلقت محصلة الجمود الفكري والحرب لاي مبحث ومنتوج فكري يضع يده على الجرح النازف هذا المسخ الذي لاعلاقة له باي شئ الا نفسه غير القابله للوصف لامتعاض كل حروف اللغات واللهجات والالسن عن وصفه.
* إعلامي وباحث من السودان