الأوركسترا الأردنية تحتفي بـ 2015 رغم دخان الحروب


*جمال عيّاد

على رغم أصداء المعارك الطاحنة التي تدور قرب الحدود الشمالية والشرقية للأردن، وردود الفعل الغاضبة بسبب تهديدات رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو للسلطة الفلسطينية لتقديمها طلباً للانضمام إلى المحكمة الدولية، يبقى ثمة متسع من الأمل والتفاؤل وجده جمهور من المواطنين ومن الجاليات الأجنبية في عمّان، ليستمعوا إلى عزف في حفلة أحيتها أخيراً جمعية الأوركسترا الأردنية الوطنية بقيادة محمد صدّيق، على «مسرح هاني صنوبر» في المركز الثقافي الملكي.

الحفلة التي تضمنت مقطوعات موسيقية عالمية، بدأت بعزف من مقطوعة «مقدمة عروس القيصر» لنيكولاي ريمسكي كورساكوف التي تؤكد براعة هذا الموسيقار في ضبط الإيقاعات في أعماله الأوبرالية، فضلاً عن التحليق في فضاءات من المعاني الصاخبة تارةً والهادئة تارةً أخرى.
انتقل الجمهور بعد ذلك إلى التواصل مع مساحة من المرح والخفة عبر مقطوعات عزفتها الأوركسترا للملحن والمايسترو النمسوي يوهان شتراوس الابن، وهي من مؤلفاته الكلاسيكية، فكان أن صفق الجمهور طويلاً لـ «الدانوب الأزرق» المقطوعة الأطول من بين ما قدمته الأوركسترا.
ومن موسيقى تشايكوفسكي، اختارت الاوركسترا الفصل الأول من باليه «كسارة البندق وملك الفئران» التي ألّفها في 1891 و1892، وقدمت منه مقطوعة مكتوبة للباليه تضمنت فصلين مُفادين من قصة لإرنست هوفمان، تبحر أحداثها في عوالم الخيال، وترصد الصراع الأزلي بين الخير والشر، في جوّ من الإثارة والتشويق.
وأعاد صدّيق عزف مقطوعة شتراوس في «أصوات الربيع» التي أشاعت أجواء مرح، ولكن بجمل موسيقية لم تخلُ من تعدد في فضاءاتها، وهو ما تكرر في مقطوعة «مقدمة ليلة في البندقية» التي احتشدت فيها المشاعر الزاخرة بالعواطف المتأججة.
واختُتمت الحفلة بفقرة لـ 17 طفلاً وطفلة توشَّح كل منهم بوشاح ازدان باللونين الأخضر والأحمر، من كورال المعهد الوطني للموسيقى «عمون» الذي أُسس عام 2012، وكورال «ناي» الذي أسسته ديانا تلحمي عام 2009. وقدم الاطفال عدداً من تراتيل الأعياد، منها: «أجراس الميلاد يا فرح أعياد الميلاد»، و «عام يأتي، عام يرحل… في دنيا الأنهار فوق جواد أبيض… محمّل ألعاب وهدايا لكل الأطفال»، و»نور أنت في الليل… يعلو سراج»، و»ها قد وُلد طفل عظيم… هيا افرحي يا بيت لحم».
وشارك في العزف مع الأوركسترا الوطنية عازفون من رومانيا ولبنان واليابان وإيطاليا وأميركا. وأقيمت الحفلة بدعم من مجموعة طلال أبو غزالة العالمية، والمعهد الوطني للموسيقى، ومجموعة نادر، والمركز الثقافي الملكي، وشركة أُمنية، وأدوية الحكمة، وبنك الاتحاد، وإذاعة «بلاي إف إم»، وكراسي، وشركة مقام للإنتاج الفني، وصحيفة «الغد».
وعن دعمه للأوركسترا، قال طلال أبو غزالة لـ «الحياة»: «عندما كنت أحد اللاجئين الفلسطينيين قبل نصف قرن، وأدرس في الثانوية العامة، كنت محتاجاً إلى وظيفة توفر لي دخلاً أعتاش منه، وكان من حظي أن بدأت ببيع الأسطوانات الموسيقية الكلاسيكية. وحتى أكون بائعاً جيداً، كان لا بد لي من سماع ما تحويه هذه الأسطوانات وفهمها، فدرسْتُ الموسيقى، بمقطوعاتها ومؤلفيها وأنواعها، ومن يومها أصبحت بمثابة الدواء لروحي وجسدي في آن واحد».
وأوضح أنه من الأصدقاء الداعمين لمهرجان سالزبورغ وهو البرنامج الأهم للموسيقى في العالم، كما أنه يمضي سنوياً إجازته البالغة خمسة أيام في سماع الموسيقى الكلاسيكية في سالزبورغ.
____
*الحياة

شاهد أيضاً

العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية

(ثقافات) “طربوش أبو عزمي العلي”:   العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية زياد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *