هوامش صامتة


*عزة مسعود

( ثقافات )

ظل صامتا رغم زحام الكلام ، وصراعه فى الأجواء الرمادية المترامية الأطراف على مد البصر عند حدود اللاشىء . 
طوى المسافة بنظرات عينيه العائدتين من هناك ، متخطية أمواج البحر الثائر . يمرر ذاكرته عبر حكايات ماض زائف لا يملك منه شياء غير أنه عايشه لدرجة التوحد وهولغيره . واليوم وفى هذه اللحظة تساقط منه مع سقوط عينيه عمودية على صفحة الماء عند التطام الامواج بالسفينة المسافرة من الشمال الى الجنوب . عندها رفع عينيه ثم قال : اليوم لاجديد كنت مجرد هامش فى حياة من عرفت مجرد هامش انا .
ظل يرددها فى استسلام حتى ثار عند قطع السفينة للحد الفاصل لمياه البحر المتوسط ومياه النيل ، فوضع هو الحد الفاصل بين أن يكون هناك على الشاطىء ينتظر الامواج تصدمه ليعلم انه لازال حي وبين ان يلقى بنفسه فى تجربة الامواج يكون لها حد الموت .. وقد اختار ان يكون . 
استند بمرفقه على حافة السفينة مثبتا رأسه بأبهامه الذى دكه اسفل ذقنه وتسأل : من اين سابدا ؟ انتابته نوبه من نوبات البحر أفقدته توازنه بضعة دقائق بعدها توثبت اليه الاجابة كالسيل ” نفسك ” . 
غاص فى القاع وجد الفارغ خرج يستنشق الهواء .. قرران يفسر الاشياء . 
سكب الالوان تداخلت بفرشاته الصغيرة فتجانست وتحاورت بعدها تمرسمت فما مفتوحا ابتلع الفرشاة الصغيرة وأختفى . 
خاف التيه او النسيان ، فصل الالوان ولملمها كلا فى زجاجته وبدا التخطيط للرسم بقلم رصاص . 
رسم وردة تساقطت أوراقها من قوة ضغطه على سن القلم . مزق الورقة فى أخرى رسم هرما ظل أمامه يتأمل أحجاره حتى المساء تقوقع ونام . 
فى الصباح حدد أطار برواز دخل فيه وترك الأخر خارجه يقيم مستوى الرسم فكان صفر . عاود الرسم بالقلم الأسود حدد الوجه وبالكتر فصل الزائد عن الاطار فتزحزح الوجه الى اليمين .. ثم الشمال . ثم .. حتى حاصره الكاتر فى أخر ركن . عندها وبدون قصد خط الكاتر خط صنع ثغر هرب منه الوجه . مات الاخر فى الخارج وهرب الاول من الداخل . بعبث كاتب ممزق الافكار أمسك القلم الأحمر وخط أسمه حروفا . بعدها رسم عودا به وتر مفقود وبجواره هامش فيه اخر مصلوب . همس بصوت داخلى مزق ما كتبت . 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *