مرايا العقل والروح … لقاء نورين طه حسين وعبد الكريم الزنجاني


نجوى الزهار*

امسكت

بأحلامي

بسؤالي

بتساؤلاتي

بذكرياتي

احاديث سمعتها

كتب قراتها .

امسكت بها

احاول معها

اسالها الايضاح

امسك بطرف ثوبها

الذي ارتديته زمنا

لربما

يكون

لي

المقدرة على وضعها في منخل كوني

يكون لي منها ما استند عليه

اضعها في ادراج

روحي

عقلي .

لربما

لربما

استطيع

ان اكتب

بحروف

تستطيع

ان تفهم

وتتفهم

ذاك الواقع

تلك الارض التي نخطو عليها

تلك السماء

التي تبحث بين نجومها

عن نجمة مضيئة

لا تغادرنا

لا تعتب علينا

بما تشاهد

هذا الكم من العنف القتل الاتهامات التطرف والتقسيمات . ثم سيم التقسيمات .

امسكت بكل هذا

دعوت ربي

ان يساعدني في يقظتي

منامي

لعل

لعلي

لعلنا

لعلكم

في الليل حلمت بابي رحمه الله . رايته في مجلسه مع اصدقائه . ولان ابي كان يمتلك الحماسالجميل . سمعت اصدقائه يقولون له : اهدأ يا دكتور اهدأ يا حكيم ..

يترك موضوع النقاش . ثم يبدي رايه : لا اريد لقب دكتور بل حكيم ..

يتابع لماذا يرسلون لنا القمح ؟ لماذا يريدون منا الاعتماد عليهم في رغيف الخبز ؟ اين التكافل في وطننا ؟

ان امة تعتمد في خبزها في مواردها على الغير لن تستطيع النهوض .

كان

هذا منذ زمن بعيد بعيد جدا

كلماته تظل في روحي

عقلي فهو ابي

اولا

لأنني لم افهم منها

البعد الحقيقي .

تمر يدي

الحالمة على مكتبة ابي التي تزدان بكتب طه حسين .فهو المولع بطه حسين اصر على اعطاء كتب طه حسين تجليدا مميزا

رسم اسمه في اسفل الكتاب

ليتكامل

مع طه حسين .

أنا

في بحثي

بحكم ابتعادي عنه

بحكم انتقاله للأعلى

كنت

اركض

ما بين محاضرة ومحاضرة

ما بين كتاب وكتاب .

كما يحرث الفلاح الارض

يمسك بالبذور

لينثرها

على انتظار .

كنت احاول

ان ازرع

معاني الانارة

فيما

اقرأ

اسمع

ولكن

بوصلتي ظلت تتراقص في اتجاهاتها ما بين وبين .

الى

ان

عرفت

الفرق .

انعم الله تعالى عز وجل

بالاقتراب

من محيط النور

مع

هذا الشيخ العابد الزاهر الجليل .

اهتديت معه

الى الشيخ الفقيه الفيلسوف عبد الكريم الزنجاني الذي ابهر العلماء بمحاضراته القيمة عن دمشق بيروت القدس والقاهرة .

ابتسم قائلا :

” نعيش في اطيافهم واعطافهم ” ذاك الشيخ المجتهد له موقف يجدر بنا الاطلاع عليه ، وجهت الدعوة للشيخ عبد الكريم لإلقاء محاضرة في الازهر الشريف . دُعي كبار شخصيات مصر من ادباء علماء مثقفين شعراء ومدرسين في الازهر . ومفكرين من الحضور عميد الادب العربي طه حسين ومحمد فريد وجدي , صاحب دائرة معارف القرن العشرين . “يوجد كتاب رحلة الامام الزنجاني الى مصر”

كان موضوع محاضرته البعد الرابع في نظرية اينشتين وابداء رأيه الخاص بها .

عالما اسلاميا .

ونظرية اينشتين في ذاك الوقت كانت في بدايتها .

ما انتهى من محاضرته .

حتى قال طه حسين لمرافقه خذ بيدي الى هذا الشيخ الجليل .. ثم امسك بيد الشيخ عبد الكريم وقبلها اجلالا واحتراما للعلم . وهذه اول يد أقبلها بعد يد أبي رحمه الله وآخر يد أقبلها بإذن الله. هكذا أفاد طه حسين.

ثم تابع قوله :

وكأني اسمع ابن سينا بُعث من جديد .

هذا التقصير المضني قد آلمنا جميعا يا شيخنا ولكن ماذا عن هؤلاء الذين حاولوا ايضا عبر ابحاثهم دراساتهم ونظرياتهم ؟ اذكر منهم على سبيل المثال محمد اركون و محمد عابد الجابري. فاجاب : هذا هو النور الغسقاني ونحن بحاجة اليه . لنقضي على منابع الجهل والخرافات .

لقد كان في حوزتنا نورين : 1 – النور التنويري الشعشاني 2- النور الغسقاني .

اضاف

ليس حرب

بين النور

الظلام

يا ليتنا

نقابل ما بين هذين النورين . النور الشعشاني

والنور الغسقاني .

لكنا

أسمى ما يكون .

فحجاب النور

من طبيعة الكشف

هكذا

كانوا

هكذا

كنا

ثم

قست القلوب .

وكما ذكر اينشتين ” لا يمكن حل مشكلة بنفس الوعي الذي خلق المشكلة ”

هذا الشيخ العابد الزاهد ظل مرددا . نحن بحاجة لمن يضيء شمعة القلوب . وقناديل العقل . لنمتلك مجددا وعينا المتنور .

نعم نعم

ولكن يا شيخنا الجليل : ما يدمي القلب أنني اشعر بهم هؤلاء . اراهم و اسمعهم. يعتقدون انهم يدافعون عن قضية عادلة .

كيف ؟ انه من الاسئلة ذات الاجوبة المتناقضة المتعددة .

واسمح لي ان انطلق من عالمي الخاص . فعندما كان يتعرض اي طفل من اطفالي للضرب سواء في المدرسة ام في الملاعب . يتنازعني منطقان . المنطق السائد الذي كان يتردد ” الذي يضربك اضربه “. كنت ضد هذا ولكن بنفس الوقت . كانت عواطفي تجتاحني كيف اتركه هكذا ؟ كيف يدافع عن نفسه هل اذهب للمدرسة ؟ هل اذهب لذوي الطفل الذي ضربه .. وهذا الدفاع عن النفس سوف يلازمه في حياته .

كيف ندافع عن قضية عادلة . بطريقة عادلة اشعر بها . انها البوابة لكل هذا .

هؤلاء

الذين

يقتلون

باسم الدين .

اعذرني

ان بحت لك .

انني

لا اشعر نحوهم

بأي

مشاعر سلبية .

ثمة حبوب قاسية قد زرعت في قلوبهم . ليست الحاجة المادية – ليست نظرية المؤامرة التي دائما نحتمي بها شيء

ما علينا

ان نحظى به .

فنعيد

ترتيب

عقولنا

مشاعرنا

ردة فعلنا

شيء ما على شيوخنا علماؤنا أدباءنا من يهتمون بأمرنا ان

يزرعوه

في قلوبنا

عقولنا .

كيف لنا ان نخرج من هذه الدائرة ؟ قال لي : ان كان من ميزة للذي يجري الان . فهي ميزة واحدة . قد ان الاوان لكي ندرس ماضينا بأكمل . وان نُزيح كل ما اختلفنا عليه سابقا . ونبدأ بالتعرف على بعضنا البعض من جديد ثم

نبدأ

بكتابة

قاموس

المحبة

التعاطف

والتفهم .

أ يكون ليو تولستوي اعمق فهما منا بتسامح ديننا . فعندما ترجم عبد الله السهروردي الهندي المسلم . بعض الاحاديث النبوية الى اللغة الانجليزية . اطلع عليها تولستوي . ثم ترجمها الى اللغة الروسية .

اي منطق الان ينطبق على تولستويأ يدخل الجنة ؟ ام النار . هذا مشوار صعب ولسوف نتعرض فيه . مثلما تعرض الشيخ عبد الكريم الزنجاني

من

عدم فهم

تسامحه

تتقبله للآخر

علمه

فلسفته

فاختار العزلة في بيته .

حتى انه عندما انتقل الى الله تعالى . لم يحضر جنازته الا القليل القليل .

رسالة محمد عبده الى تولستوي :

عين شمس بضواحي القاهرة ، 18 ابريل سنة 1904

” ايها الحكيم الجليل ، موسيو تولستوي ..

لم نحظ بمعرفة شخصك ، ولكن لم نحرم التعارف بروحك ، سطع علينا نور من افكارك ، واشرقت في افاقنا شموس من ارائك ، الفت بين نفوس العقلاء ونفسك . هداك الله الى معرفة سر الفطرة التي فطر الناس عليها ، ووفقك على الغاية التي هدى البشر اليها ، فادركت ان الانسان جاء الى الوجود لينبت بالعلم ، ويثمر بالعمل ، ولان تكون ثمرته تعبا ترتاح به نفسه ، وسعيا يبقى به ويرقى به جنسه ، وشعرت بالشقاء الذي نزل بالناس لما انحرفوا عن سنة الفطرة ، واستعملوا قواهم – التي لم يمنحوها الا ليسعدوا بها – فيما كدر راحتهم ، وزعزع طمأنينتهم .

نظرت نظرة في الدين مزقت حجب التقاليد ، ووصلت بها الى حقيقة التوحيد ، ورفعت صوتك تدعو الناس الى ما هداك الله اليه ، وتقدمت امامهم بالعمل لتحمل نفوسهم عليه ، فكما كنت بقولك هاديا للعقول ، كنت بعملك حاثا للعزائم والهمم ، وكما كانت اراؤك ضياء يهتدي به الضالون ، كان مثالك في العمل اماما يقتدي به المسترشدون ، وكما كان وجودك توبيخا من الله للأغنياء ، كان مددا من عنايته للفقراء ، وان ارفع مجد بلغته ، واعظم جزاء نلته على متاعبك في النصح والارشاد ، هو ها الذي سموه ” بالحرمان [1]” و ” الابعاد ” ، فليس ما كان اليك من رؤساء الدين سوى اعتراف منهم اعلنوه للناس بانك لست من القوم الضالين ، فاحمد الله على ان فارقوك بأقوالهم ، كما كنت فارقتهم في عقائدهم واعمالهم .

ها وان نفوسنا لشيقة الى ما يتجدد من اثار قلمك ، فيما تستقبل من ايام عمرك ، وانا نسال الله ان يمد في حياتك ، ويحفظ عليك قواك ، ويفتح ابواب القلوب لفهم ما تقول ، ويسوق الناس الى الاقتداء بك فيما تعمل ، والسلام .

مفتي الديار المصرية

محمد عبده

اذا تفضل الحكيم بالجواب فليكن باللغة الفرنساوية ، فاني لا اعرف من اللغات الاوروبية سواها . محمد

سمعت عبد الله عمرو بن العاص

من فيه الى في

ان الله عز وجل لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه ولكن يقبض العلم بقبض العلماء , فاذا لم يبق على وجه الأرض عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا

” معجم ابن عساكر ”

[1]) كتبها الاستاذ الامام من مصر الى الفيلسوف والأديب والمصلح الروسي , عندما ثارت ضده وضد تعاليمه الكنيسة الروسية وحكمت عليه “بالحرمان” .. والاستاذ الامام يشير بالمدح والثناء , في الرسالة على الموقف “المثالي” لتولستوي من المشكلة الاجتماعية وعلاقة الاغنياء بالفقراء.


* كاتبة من الأردن

شاهد أيضاً

أبورياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع لإنارة الطريق

الأديب موسى أبو رياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *