مجرد أمنيات


*زاهي وهبي

ماذا نريد من سنة جديدة؟

هل هي حقاً جديدة، هل تَعتقُ الأيام وتبلى كما البشر حتى يكون بينها قديم وجديد؟ لمَ نشعر أحياناً أن الوقت يفلت كما الرمال من بين الأصابع؟ الزمان ثابت أم متحرك، تَراكمٌ أم تلاش، ذهاب أم اياب؟ هي أسئلة تشغل بال كثيرين، أضنت علماء الفيزياء ولا تزال بحثاً عن أجوبة تشفي الغليل، فيما يبقى فناء الانسان اليقين اليتيم الموحش والجواب القطعي الأوحد.
لنقل إنها سنة جديدة وفق تقويم ميلادي وضعه البشر لتنظيم شؤونهم وتسيير أمورهم وتعداد أعمارهم. هي أعمارنا التي تجري، لا السنوات، فما هو سَنة بحساباتنا ربما مجرد ومضة على نجمة أخرى غير هذي الأرض. لن يفرق كثيراً اليوم عن أمسه ما لم نصنع نحن الفارق، الأيام لا تتبدل من تلقاء نفسها، تطول حيناً وتقصر أحياناً، تُشمس أو تُمطر، لكنها لا تتغير ولا تتبدل ما لم نتغير ونتبدل.
ماذا نريد من سنة جديدة؟
أيختلف يومها الأول عن اليوم الأخير في سنة منصرمة؟ يفعل اذا فعلنا. معظمنا يضع أهدافاً ويرسم أمنيات يسعى الى تحقيقها في العام الجديد، كلمة السرّ هي «يسعى»، اذا سعى لا بد من أن يحقق شيئاً، واذا لم يسعَ لا ذنب للأيام ولا جريرة. كل أمر يبدأ بحلم، لكن شرط تحقيق الأحلام الاستيقاظ أولاً، النوم يسبب المزيد من الأحلام لكنه لا يؤدي أبداً الى تحققها، حتى أحلام اليقظة لا تتحقق ما لم نصحُ منها لأنها يقظة خلبية. الحياة ليست وردية للأسف، نخالها كذلك في مرحلة ما من حياتنا، على الأغلب هي مرحلة الأمنيات الفتية، لكن ما إن نخوض المعترك حتى تتالى الخيبات، الفالح مَن لا تكسره هزيمة ولا يحبطه فشل. الصبر والإصرار والايمان بالذات والمحاولة من جديد مفاتيح لا بد منها لولوج الأبواب الموصدة.
ماذا نريد من سنة جديدة؟
أيختلف يومها الأول عن اليوم الأخير في سنة منصرمة؟ يفعل اذا فعلنا. معظمنا يضع أهدافاً ويرسم أمنيات يسعى الى تحقيقها في العام الجديد، كلمة السرّ هي «يسعى»، اذا سعى لا بد من أن يحقق شيئاً، واذا لم يسعَ لا ذنب للأيام ولا جريرة. كل أمر يبدأ بحلم، لكن شرط تحقيق الأحلام الاستيقاظ أولاً، النوم يسبب المزيد من الأحلام لكنه لا يؤدي أبداً الى تحققها، حتى أحلام اليقظة لا تتحقق ما لم نصحُ منها لأنها يقظة خلبية. الحياة ليست وردية للأسف، نخالها كذلك في مرحلة ما من حياتنا، على الأغلب هي مرحلة الأمنيات الفتية، لكن ما إن نخوض المعترك حتى تتالى الخيبات، الفالح مَن لا تكسره هزيمة ولا يحبطه فشل. الصبر والإصرار والايمان بالذات والمحاولة من جديد مفاتيح لا بد منها لولوج الأبواب الموصدة.
ماذا نريد من سنة جديدة؟
لكل امرئ ما يشتهي ويتمنى، ثمة شعوب توصف بأنها سعيدة وأخرى على نقيضها، ثمة عالم أول وعالم ثالث وما بينهما، في بلادنا المنذورة للمحن تغدو البدهيات أقصى الأمنيات، كأنْ نحيا حياة عادية جداً كسائر شعوب المعمورة، حياة بلا حروب وقتل وقتال وموت زؤام وخراب ودمار وضغائن. هل هذا كثير؟ كتبت المغردة رغد الفيصل «ما أقسى أن تتحول الحقوق الى أمنيات»، هذا حال الانسان العربي، أبسط حقوقه من لقمة العيش الى التعليم والطبابة مروراً بوضع المرأة وصولاً الى قضاياه الكبرى مثل الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، مجرد أمنيات نتشاركها جميعاً، آملين عاماً تلو آخر أن تُتاح مع أنها بدهيات كفلتها الشرائع والقوانين، لكنها ظلت عندنا أحلاماً لا يجيد أحد تفسيرها!
ماذا نريد من سنة جديدة؟
«أن تكون غنياً هو أن تملك المال، أن تكون ثرياً هو أن تملك الوقت» (مارغريت بونانو)، أهم ثروة يهدرها العرب من جملة مهدورات كثيرة هي الوقت. غدا «الموعد العربي» مرادفاً لعدم الالتزام بالوقت، حتى بتنا نشعر أن العرب لا يملكون أوقاتهم ولا أموالهم، اذ يغيب أي استثمار في الانسان وتالياً في المستقبل، ولئن كانت السلطات على اختلافها تتحمل مسؤولية لا جدال فيها، فإن خروجاً من نفق «مسطوم» يبقى رهن سعينا لابتكار بصيص ضوء في نهايته، وهذا لا يتحقق بالتمني والتذمر، بل بابتكار حلول خلاّقة لأزمات عضال ومزمنة. فهل نراهن على تحوّل ملّح وضروري في العقل العربي، هذا العقل الذي كُتب في نقده الكثير، للاستيقاظ من سبات أهل الكهف الى آفاق مستقبل لا ينتظر الكسالى والمساكين.
ماذا نريد من سنة جديدة؟
الأصح ماذا نريد من أنفسنا، المطلوب كثير كثير، ففي حضرة عام ميلادي جديد حبذا لو نبدأ بالوقت، نتوقف عن هدره لأنه الثروة الوحيدة التي لا تفنى ولا تزول ولا تتحكم بها أحوال البورصة وشروط السوق، نحترمه ليحترمنا. أما الفرح بانقضاء سنة وإطلالة أخرى فمرده أننا عشنا عاماً آخر، فما نحياه حقاً هو اللحظة وما قبلها، أما ما بعدها: مَن يدري؟
_________
*الحياة

شاهد أيضاً

رِسَالةُ ودٍّ إلى شَاعِرٍ صَديقٍ وَدُود

(ثقافات)   رِسَالةُ ودٍّ إلى شَاعِرٍ صَديقٍ وَدُود د. محمّد محمّد الخطّابي *   أيها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *