*ابتسام القشورى
( ثقافات )
انتظمت مؤخرا ندوة للغة العربية بالقيروان المدينة التونسية معقل الحضارة الإسلامية أيام 24 و25 ديسمبر 2014 تزامنا مع احتفال العالم بيوم اللغة العربية يوم 18 ديسمبر وهو اليوم الذي اُختيرت فيه اللغة العربية كلغة عمل رسمية في الأمم المتحدة .
ندوة القيروان في دورتها الثالثة كانت بعنوان درس العربية ” المقاربات والمحتويات ” وقد انتظمت وتونس تعيش محاولات حثيثة لإصلاح المنظومة التعليمية التي خُرّبت في السنوات الأخيرة للنظام السابق وقد شارك في هذه الندوة كلّ متفقدي مادة العربية من كل الولايات كما شارك العديد من الأساتذة والمعلمين والأساتذة الجامعيين وكان ضيف الشرف الأستاذ صلاح الدين الشريف الأستاذ الجامعي والمتخصص في اللغة
وقد تناولت الجلسات العلمية الأولى في اليومين الأولين بعد افتتاح الدورة من طرف وزير التربية تدخلات في المحتويات والمقاربات حاول أصحابها ملامسة الصعوبات في درس اللغة العربية بين النظريات والأهداف المرسومة والتطبيق فقدم الأستاذ محمد الصحبي البعزاوي(أستاذ جامعي) ورقة طريفة تتعلق بصيغة ” أفعل ” من النحو النظري إلى النحو التطبيقي وبعض المغالطات والهفوات التي تحتوى عليها كما تعرضوا لصعوبات درس النحو موائمة بين الرافد والنحو وحاول الأستاذ محرز بودية (استاذ جامعي) في هذا الإطار ملامسة الموضوع بتقصي تاريخي لدرس النحو وأهدافه في البرامج التعليمية من سنة 1959 إلى سنة 98 محاولا تقصّي هذه التغييرات ومدى مواءمتها مع تغييرات العصر منتهيا بتساؤلات عديدة منها كيف السبيل إلى تجديد لا يرفض القديم ولا يكفر بالحديث؟ كما تعرض الأستاذ قصي المليح( متفقد) الى رهانات الوضع وإمكانات الإجراء في برنامج الإنتاج الكتابي الذي يعتبر من النشاطات الإدماجية الذي يجمع بين القراءة والفهم والذي يتطلب الكفاءة اللغوية والأداء الغوي والانفتاح الثقافي بين الأصالة والمعاصرة وتعلم القيم قيمة المواطنة والذائقة والإبداع ودوره في بناء شخصية المتعلم وهو ما يجعل المتعلم يتعلم كفاءة التصميم والتوسع والتلخيص وهو ما يمارسه في التدريب على تحليل المقال أو التدريب على تحليل نص أدبي: شعري او نثري كما حاول الأستاذ خير الدين زروق(متفقد) تبين منزلة الأدب التونسي في البرامج الرسمية محاولا ملامسة الوضع الذي يعتمد على الاختيار نماذج لمصلحة أصحاب القرار أو من المقربين منهم دون الاهتمام بصلاحية هذه النصوص.
ثم فُسح المجال للنقاش الذي دار حول منظومة الإصلاح التربوي وتعثراتها والمعضلة بين المعارف العالمة والمعارف المدرسية ثم إلى ضرورة انتقاء الأدب التونسي حسب معايير النص الجيد أن يتواصل التلميذ معه أن يجد نفسه فيه وان يتعلم منه القيم كما تعرضوا إلى كثرة الإصلاحات والتجريب الذي أفسد المنظومة التعليمية وعرّجوا خاصة إلى عدم مواءمة المرور من الابتدائي إلى الإعدادي إلى الثانوي بتغير الأهداف وطرائق التعلم .
وافتتح الأستاذ فرحات المليح (متفقد) الجلسة الثانية في المقاربات بعرض لقراءة في فلسفة تدريس العربية بتركيزه على تجاوز فضاءات التداولية كما اهتم الأستاذ عبد الباسط العرفاوي (متفقد) بالمسائل الحضارية في برنامج التعليم الثانوي هل من معنى لدرس العربية في ظل المتابعات والبرامج الحالية كما بسط الأستاذ منصور الشتوي ( متفقد) برامج اللغة في المرحلتين الإعدادي والثانوي الحصيلة والآفاق عارضا للمحتويات المعرفية وقراءة البرامج وأهدافها مبينا أنّ واضعي برامج اللغة العربية ينزّلون اللغة منزلة كبيرة أي النحو والصرف :النحو الذي يهتم بالتركيب والصرف الذي يهتم بالاشتقاق وانتهى إلى أهمية مراجعة مفهوم اللغة فهو في حاجة إلى مراجعة علمية منبها مثلا إلى مشروعية وجود وظيفة “التمييز ” في درس النحو بالإعدادي
تنتهي هذه الجلسات بورشات تطبيقية مع الأساتذة الذين بسطوا مشاكلهم في التدريس وصعوبات التعلم مع التلاميذ وقد ترّأس كل ورشة رئيس ومقرر ينتهي ببسط التوصيات وعرضها على الجميع وكانت هذه الورشات مقسمة حسب المواد المُدرّسة في المدرسة التونسية ورشة لشرح النص وأخرى للتواصل الشفوي وورشة لبرامج اللغة والبلاغة والتعريب وغيرها وقد انتهي اليوم بسهرة جمعت الشعر والموسيقى تفاعل معها كل الحاضرين
أمّا فيما يخص المقاربات التي كانت موضوع اليوم الثاني للندوة فقد تعرض الأستاذ فتحى فارس (متفقد) للأشباه والنظائر قراءة تعليمية في تدريس المؤلفات الأدبية وأكّد على الترّدد الحاصل في المعالجة بين الشبيه والنظير وتعرض لهذا التقسيم في تناول تدريس المؤلفات بين المحاور في الإعدادي وبين الأجناس في التعليم الثانوي مبينا بعض الصعوبات التي يتعرض لها المدرسين من مثل وهم القراءة المسترسلة صعوبة الاستقصاء التكثيف الحاصل في النصوص صعوبات بين منهجية شرح النص وبين درس المؤلفات مؤكدا في النهاية إلى ضرورة مراجعة بعض المفاهيم وتعرض الأستاذ مسعود الوردنى(متفقد) إلى صعوبات تعلم اللغة خطوات إجرائية في ضوء المقاربة التواصلية وذلك من خلال جانب نظري التصورات والقناعات وبين الإجراءات التي ستقود إلى تبين الصعوبات التعلم الذي يتعلق بالأنشطة والتفاعلات وبين أنّ هذه الصعوبات تبدأ بضحالة مردود التلميذ التلكؤ ضعف الإنتاج الكتابي مبينا أنّ أسباب هذا يرجع إلى أسباب ايبستيمولوجية وأسباب نفسية وأسباب ثقافية تأثير المحيط ثم تعرض لمفهوم المقاربة التواصلية المقاربة التي تعنى الكيفية التي تعالج بها تصور ما والتواصلية هي اسم منسوب إلى التواصل وهي التي تؤدي إلى تنمية الملكة وعدّد الأستاذ الخلفيات النظرية لهذه النظرية من تشومسكى الذي يفصل بين الكفاية والانجاز والأداء النحو الضمني والنحو الصريح مرجعية التداولية التي تعتنى بالسياق ’ نظرية هابرماس التواصل الاجتماعي ثم تعرض إلى صيرورة الوضعيات التواصلية التي هي من تدبير المعلم والذي يعتني بالإجراءات والتي تعتمد على تأثيث الحصة بأنشطة متنوعة بالاعتماد على ترغيب المتعلم في المادة : إدماج الألعاب لعبة الأدوار مسرحة المواقف والمباريات اللغوية اللعب القائم على التنافس لعبة المترادفات الألعاب البلاغية وغيرها …وتعرضت الأستاذة روضة الجملي(أستاذة مبرزّة) لدرس الأدب هل من مقاربة جديدة ؟ ولقد طرحت العديد من الأسئلة في بداية عرضها لماذا أُُجل درس الأدب ؟ بما نفسر عزوف التلاميذ عن هذه الحصة ؟ وحاولت أن تقدم مقاربة جديدة لدرس الأدب حتى يصبح أكثر قربا من المتعلم وقدمت الأستاذة سلوى العياشي(متفقدة) مقاربة لتعليم النحو وتقريبه من المتعلم وساهم الأستاذ نبيل السبوعي (أستاذ أوّل) في مقاربة التواصل الشفوي صعوباته وحاول تقديم مقاربة جديدة أمّا التدخل الأخير فكان من الأستاذ صلاح العياشي( أستاذ أوّل) الذي أشاد بالمقاربة التأويلية سبيلا لدرس العربية وفيها تناول خاصة محور شعر الخمريات وصعوبة تناوله التناقض بين الشرعي والشعري صعوبات تمثل قيم ذلك العصر وغيرها
وبعد تلاوة تقارير الورشات وتلاوة التقرير العام للندوة تنتهي هذه الندوة بتكريم الاستاذ صلاح الدين الشريف بإهدائه لوحتين من رسم الرسام خالد ميلاد والتي تزدان بها قاعة المحاضرات حيث احتفت هذه اللوحات بالحرف العربي
وفي كلمة الاختتام ركز المتدخل على ضرورة الإسراع بتدوين هذه المداخلات القيّمة والتي من شأنها أن تفيد المنظومة التعليمية التونسية وتساهم في تسريع الإصلاح والتوجيه
وتمثل هذه الندوة التي كانت ناجحة ومتميزة على كل الأصعدة من حيث المحتوى ومن حيث التنظيم وحسن الاستقبال في تلمّس الصعوبات التي تعترض المتعلم والمعلم وتساهم في اغناء درس العربية وجعله درسا مستساغا ومرغوبا من المتعلم في ضوء الانقطاع المهول الذي تشهده المدرسة التونسية
120 الف منقطع عن الدراسة في جوان 2014
كاتبة تونسية