هكذا قتلتُ آبائي: مقاطع من الكتاب الجديد للمخرج الإيطالي الكبير برتولوتشي


ترجمة :بول شاؤول


صدر للمخرج الإيطالي الكبير برناردو برتولوتشي «هاجسي الجميل» ترجمه عن الإيطالية رينه ماركس (دار سوي، 280 صفحة).

هذه القامة الساحقة في السينما الإيطالية والعالمية، صاحب «لونا»، و»1900» و»فنجان شاي في الصحارى» و»التانغو الأخير في باريس» والذي عرى فيه مارلون براندو، وشكل فضيحة كبيرة لدى عرضه، بلغ الثالثة والسبعين ربيعاً، وهو مُقعَد حالياً، هو مسمّر في كرسي متحرّك: «لكنه لم يفقد هيبته، وقوة ملامحه، وشفافية عينيه النافذتين، وصلعته «التاريخية»، وهو يقيم حالياً في شقة رومانية في ترانفيستفيري، بين ظلال أفلامه، محاطاً بالهررة.

الكتاب الذي صدر له عبارة عن مجموعة نصوص، من الذكريات والخواطر، ننقل بعضها إلى العربية.

 بازوليني المعلم الأول


كان برناردو في الرابعة عشرة: يقرع الشاعر الباب ليقابل والده. فالذي يسميه عادة بيار باولو يسكن في البناية ذاتها، ست سنوات، والولد، ما إن ينتهي من كتابة قصيدة يصعد وينزل إلى بيت معلمه الجديد. عندما انطلق هذا في الفن السابع بـ«Accatoues«، كان برناردو في التاسعة عشرة، وهو مساعده: «كل صباح كنت أقله في السيارة، وآراه كيف يبدع السينما، التي لا يعرف عنها الكثير.. علمني الجرأة، وفكرة أن لا شيء مستحيل.. هذا النبي، الذي كان يتملكه الحنين إلى عالم مقدس، ببراءة قديمة، قد أعلن فساد إيطاليا. بازوليني أعطاه فكرة أول فيلم له. «Le Commare Secca» الذي أخرجه في سن العشرين. في تلك الفترة، كان الشاب قد جاء إلى باريس، حيث تردد إلى دور السينما وقرأ «دفاتر السينما»: ضاق صدر بازوليني بكثرة كلامي عن غودار، ذات يوم اثنين، ذهب ليقابله. قال لي إنهما لم يتوقفا عن المزاح. غودار صار والدي الجديد.


 غودار، البابا الفرنسي

برتولوتشي هو الإبن الإيطالي للموجة الجديدة: لم أكن أقسم إلا بغودار. في 1964 في كان بعد عرض «Prima delle rivoluzioné»: «صعد إلى الخشبة، وامتدحني ثم استقبلني في باريس: كان قد جاء ليقابلني في أورلي، وأمام كل إشارة حمراء، يصرخ للناس «Prima delle rivoluzioné». لكن الاختراق قد حدث في 1968: «غودار صار ماوياً» وبرتولوتشي انخرط في الحزب الشيوعي «أردت أن أريه الفكر المحافظ في باريس، انتظرت رد فعله في الدراكستور ببوبليسي، منتصف الليل، وكانت تمطر. وصل بتراتشكونه، سيجارة الماييس (الذرة الصفراء)، وبورقة مع صورة لماو كتب على قفاها «يجب النضال ضد الفردية، والرأسمالية». مزقتها. «بالفكر المحافظ تحررت منه» في هذا الفيلم كان (الممثل الفرنسي) ترانتينيان يُحس أنه مختلف عن الآخرين، ويفعل كل شيء ليكون طبيعياً، أي في إيطاليا الثلاثينات، أن تكون فاشياً: جاء إلى باريس ليقتل معلمي القديم، المناهض للفاشية: «هناك أيضاً قراءة غودارية لهذا الفيلم: «جئت أقتله في باريس».



 مورافيا، المرشد الأدبي

كان مؤلف «الاحتقار» يأتي كل أسبوع ليتناول العشاء عند برتولوتشي أباً وزوجة السامورانتي: إلسا هي التي أعطتني أول كتاب عن البوذية عام 1964. أول كتاب عن «بوذا الصغير» الذي أخرجه بعد 30 عاماً.

قدم مورافيا إليه كتابه «المحافظ» الذي أخذ منه المخرج ما سبق أن أعلنه جان لوي ترانتنيان أنه أجمل فيلم له «اخترت ترانتنيان لأنه كان يجسد الإنسان الطبيعي، لكن بوجه غامض. وأثناء التصوير فقد ترانتينيان ابنته بولين، ذات يوم، وجدته أرضاً، متكوماً خلف كتبه، عاجزاً عن الكلام. زوجته نادين طلبت مني هذا الطلب الغريب: أرادت أن تكون بين ممثلي الفيلم الذين ينتحرون فيه».

في 1981 حاول برتولوتشي مع ايان مكوان نقل رواية أخرى لمورافيا إلى الشاشة «1934»، عبثاً. كان على قاب قوسين من اقتباس «الشرط الإنساني» ثم يكتشف سيرة بوميي التي اعطته فكرة فيلمه «الإمبراطور الأخير»، الذي نال الأوسكار عام 1988.

 براندو الأب المُغتصب


بين رجل وامرأة علاقة جسدية من دون معرفة اسميهما، خارج كل اعتبار اجتماعي: يقترح برتولوتشي أولاً «التانغو الأخير في باريس» على ترانتينيان، الذي يرفض مشهد العري. ثم قابل بلموندو الذي أجابه «لا أمثل أفلاماً إباحية» المحاولة الثالثة مع ألن ديلون الذي وافق شرط إنتاج الفيلم. فرفض برتولوتشي.

في اجتماع منتجين، أحدهم اقترح اسم براندو، والذي كان عندها يعاني أزمات. «ذهبت للقائه في فندق رافاييل بباريس. رويت له القصة بإنكليزيتي الرديئة، أنا شديد التوتر، فهو يتجنّب نظرتي. فسألته فيما يحدق فأجابني «قدمك، أنتظر اللحظة التي تكف فيها عن هزها». تقابل الرجلان على امتداد شهري في لوس أنجلوس: «كنا نتكلم عن جروحنا، ضعفنا، عن البوذية. كان يتكلم فرنسية ساحرة من الجزر، آتية من تاهيتي». ولا مرة كشف نفسه بهذا القدر. «لم يكن عرف موعد التصوير الذي كان بعيداً جداً: لكنه كان أيضاً أباً للقتل».

* المستقبل اللبنانية

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *