.. كأنّي كنت ُ هناك !


*ماجد شاهين
( ثقافات )


( 1 ) صورة بلد !
الخطّان لم يكونا متوازيين ، وذلك أنفع لنا لكي نلتقي … لكنّ الكرة الأرضيّة فقدت صوابها ، و صار ممكناً للمتوازيين أن يلتقيا !
… هاتوا لي ممحاة تنفع لطيّ المسافة بين الأرض و وجهها الآخر ، سأمحو الخطوط جميعاً .
هاتوا لي قلماً 
ورقة بحجم الكون ، 
لكي أرسم شكلَ الروح في صورة بلد 
أو في صورة الذي أحببناه 
وهتفنا له في السرّ 
قبل البوح ِ ،
هاتوا لي قلماً لا ينمحي حبرُه 
لكي أرسم :
وردة هنا 
نقطة هناك
فاصلة هنا
حرف عطف ٍ هناك 
وأضفر الحرف والنقطة 
و الفاصلة ،
لكي تشدّ الرحال بنا القافلة 
فيصير شكلَ الروح قريباً 
أو على هيئة الولد !
هاتوا الأشياء بنبضها 
لكي يرفع الفتى قبضته 
و ينادي في الناس :
هذا أنا الولد 
هذا أنا الذي وهبتموه 
لكي يروح باتجاه الماء ،
هذا أنا الذي يحمى البلد!
( 2 ) بنفسجة و فاكهة !
كأنّي ، انتظرت ُ ريثما تطلع رائحة الحبر من بنفسجتي / من ذاك الناعم الشفيف ..
كأنّي ، قرأت ُ بلاد الفاكهة كلّها ، وانتظرت لكي يطلع الكرز المُشتهى ..
كأنّي ، مررت على ديار في الأمصار والأصقاع / عند بحر ٍ هنا و تلال مضاءة هناك ، وانتظرت لكي نغسل الشطآن معا ً و نلثم رائحة التراب ..
كأنّي ، أغمضت العينين قليلا ً فغفوت ُ، وانتظرت الحلم َ أن ينهمر ..
كأنّي ، قلت للشمس أن تتريّث قليلا ً ولا تشرق كعادتها ، وأنتظرت أن أراك ِ هناك ..
كأنّي ، 
كأنّها الأوقات ، 
كأنّها الآن : 
تكتب الحرف برائحة البنفسج ولون العين 
وتأكل الكرز كما ولدته أمّه
و تمسّد شعر التراب عند البحر فيرقّ ويتلوّن مثل فاكهة 
و تقرأ سطر الحلم بعد تفتّح الروح والشفتين 
….
كأنّها / كأنّنا :
نطلع / نشرق قبل الشمس 
و نفتح نوافذ المنازل 
و نرفع نشيد الحياة 
و نغمّس من الهواء رقّته
ومن رائحة الأرض ِ زعترها !
….
انتظرت ُ ،
لكي أراك ِ وأراني فيك ِ 
وحين فتحت ُ نافذتي 
رأيت الكون في وجهك 
في الصورة الأبهى له 
في لون الزيت والفاكهة !
….
كأنّني 
كنت أنتظر ،
وكنت أنتظر ُ
فكنت ِ أنت ِ والنهار 
وكان البنفسج وسطر الحلم ِ والشفتان .

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *