رولا حمزة: رسالتي الفنية موجهة أولا إلى المرأة


*شـادي زريـبي

تونس – رولا حمزة، هي فنانة تشكيلية، سورية الأصل، من مواليد سنة 1977. حاصلة على باكالوريوس في الجغرافيا الفيزيائية. مقيمة في السعودية منذ عام 2006. شاركت في عديد المعارض الفنية بالسعودية ومصر والإمارات. “العرب” حاورت حمزة حول نظرتها إلى الفن التشكيلي ومكانته اليوم ومواقف التشكيليين من المتغيرات وعدة مواضيع أخرى، فكان الحوار التالي.

المتأمل في لوحات رولا حمزة يلاحظ تركيزها على المرأة التي شكلت محور أغلب أعمالها، عن هذه المسألة تقول الفنانة التشكيلية حمزة: “أن تكون امرأة، يعني أن تكون مسؤولة عن تقديم أسمى معاني الجمال التي تقع داخل قلب المرأة إلى العالم”.
وتواصل: “أمنيتي هي أن نعيش في عالم حيث المرأة تتحصل على جميع حقوقها، وبالتالي تتحقق المساواة مع الرجل، وفي جميع جوانب الحياة، وخاصة في مجتمعاتنا، وأتمنى أيضا رؤية الأطفال يضحكون، وهذا أسمى ما في الوجود”.
اختارت رولا حمزة ميدان الفن التشكيلي، فهل هذا هو العالم الذي تجد فيه المرآة التي تعكس أحلامها ورؤاها ورؤيتها لهذا الكون؟ تجيب حمزة: “لا يمكن وصف الحالة أو تأطيرها بالكلمات. كان اللون أكثر سخاء معي وأكثر صدقا مما أرادت رسالتي لهذا العالم، التي تفيض مثل روحي عابقة بتضاعيف الأنثى في مجتمعنا، أحلامي لا حدود لها كما الفن تماما فكان اختياري الأجمل”.
المدرسة التجريدية
رولا حمزة استهوتها المدرسة التجريدية للتعبير عن رؤاها لهذا العالم، فهل هذا انعكاس لروحها أم هو الفضاء الذي تجد فيه تعبيراتها؟ في هذا السياق تقول حمزة: “أعمالي تحمل طابعا منفردا بين التجريد والتعبير، لروحي فضاؤها الرحب مع اللون، أرى التجريد هو الأقرب إليّ، حيث تبدو أناي حرّة في التعبير عمّا تعيشه، وسط هذا الزخم ممّا نحياه مع ظرف البلاد القاسي”.
رولا فنانة تشكيلية سورية الأصل تقيم في السعودية، فهل هذا اختيار منها أم هي الضرورة التي اقتضت ذلك؟ تقول: “هي الضرورة، كما كل سوري يبحث عن الفرص الأفضل للحياة، رغم غنى بلدنا، إلاّ أننا نتجه للغربة مرغمين لأسباب كثيرة، لو كان الأمر اختيارا لما خطوت خطوة بعيدا عن بلدي الذي لا يشبهه -في تناغم تفاصيله وفي ناسه الطيبين- أيّ بلد آخر. سوريا مقصد الجمال ومنبعه منذ الأزل”.
وعن مدى تفاعل رولا حمزة مع ما يجري في سوريا اليوم، تؤكد أن ما يحدث في وطنها اليوم فوق الاحتمال. تقول: “لكن قدّر لي أن أكون امرأة سورية وهذا يكفي لأخوض بميزتي هذه، وأن أعايش الواقع بكل ما أوتيت من إنسانية، ورغم بعدي عنها إلاّ أني لا أتوانى لحظة في تقديم واجبي تجاه بلدي وأهله كما ينبغي وبمسؤولية عالية، ترقى بنا إلى وطن حرّ نستحقه كسوريين”.
رسالة الفن
اليوم، يُتهم المبدعون والمثقفون، بالهروب من واجباتهم تجاه رسم مستقبل شعوبهم، كيف تعلق رولا حمزة عن هذه المسألة؟، تقول: “لا يمكننا التعميم، رغم تخاذل الكثيرين ذوي المصالح الخاصة مع أنظمتنا الدكتاتورية، إلاّ أني أنظر إلى النصف الملآن دائما، فهناك الكثيرون من مبدعينا ومثقفينا يحرصون على نشر إبداعاتهم وثقافتهم الحرة الواعية والمسؤولة تجاه مستقبل أفضل وتحقيق غد واعد يستحقه أبناء مجتمعنا”.
أمام هذه التحديات والمتغيرات والمشاكل والمشاغل، هل بإمكان الفن التشكيلي اليوم، مواصلة رحلة التحدّي لتغيير مفاهيم العالم، أو على الأقل جعله أكثر جمالا؟، عن هذه المسألة، تقول رولا حمزة: “رسالة الفن الأولى هي الجمال، لكن لا يمكننا أن نكون منعزلين عما يحدث على أرض الواقع، فنحن جزء منه أيضا، ولا يمكننا إلا أن نكون فاعلين”.
تسترسل في حديثها: “للفنان عين راصدة، وحسّ عال أشبه بانفعالات الطفولة العفوية في صدقها، رغم ذلك نجد أنفسنا في موقع المسؤولية. فلكل زمن ناسه، وقد قدر لنا أن نعايش ما يحدث الآن، فنجده ينعكس على أعمالنا بتلقائية رغم المصاعب التي تعترض مسيرة الفن، إلاّ أن الفنان بطبعه قادر على خلق الأجمل متحدّيا كل الظروف”.
كل لوحة جديدة هي بالضرورة مشروع جديد، فعلى ماذا تستند رولا حمزة عندما تمسك بأدوات الرسم؟ عن هذا الموضوع تجيب: “في الحقيقة أعتمد على أمور كثيرة، فمخزون الذاكرة نابض، وحاضر دائما. المرأة هي أولى رسائلي أجد فيها الحياة برمتها، بجمالها وحضورها الواثق الملفت والحرّ، وأنا أعتقد أن العفوية هي الأهم”.
باعتبارها مقيمة في السعودية، كيف تقيّم رولا حمزة تقبّل الجمهور السعودي بالخصوص والخليجي عموما للفن التشكيلي؟ في هذه النقطة تبيّن رولا موقفها: “أنا أقيم معارضي، ليس في السعودية وحدها، فقد شاركت في العديد من المعارض الفنية في دول عديدة”.
وتسترسل: “أما بالنسبة للأجواء الفنية والثقافية هنا، فهي تحظى بالاهتمام الكبير، والملفت فعلا النشاطات الفنية هنا، تحمل طابعا راقيا جدا من حيث الكمّ والنوع والفاعلية، بدءا من الفنانين إلى صالات العرض والمقتنين والجمهور الذواق”.
وتضيف في الختام قائلة: “حاليا أنا بصدد تحضير معرضي الشخصي الأول، برعاية القنصلية الفرنسية في جدة قريبا، لكن نشاطي مستمرّ لتقديم المزيد مما أطمح إليه، حيث لا حدود لذلك”.
________
*العرب

شاهد أيضاً

“أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني

(ثقافات) “أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني برعاية العين د. مصطفى حمارنة ينظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *