كافكا.. ماذا لو كانت كتبه أُحرقت!!


* إعداد وترجمة: ابتسام عبد الله

كانت “الكافكائية” ستكون مختلفة ان كان ماكس برود قد رضخ لرغبة صديقه وقام بإحراق كافة مخطوطاته!

ان طبعة (البنغوين) و “قصص اخرى” تتضمن كافة كتابات كافكا التي كان قد وافق على طبعها خلال حياته متضمنة ايضاً “مستعمرة العقاب” ، “الاحمق” ، “حكم المحكمة”، القصص الاربع لمجموعة (الفنان التوّاق) ومجموعة صغيرة من القصص القصيرة، ومقالات قصيره عن والده، وبطبيعة الحال “المسخ” التي تشكل أساس رغبته في الخلود.
ونحن لانعرف بالتأكيد نوايا (كافكا) الحقيقية، اذ من المعروف على نطاق واسع، انه قد طلب من صديقه، ولاحقاً كاتب سيرته، ماكس برود، حرق كافة أوراقه غير المطبوعة، ولكن برود بدلاً من ذلك قام بنشرها كافة، فهل كان برود يخالف وصية صديقه الاخيرة؟ ام ان كافكا سلّم كافة مخطوطاته لصديقه برود لأنه كان يدرك ان صديقه سيهتم بها! (اعلن برود في النهاية انه قد اخبر كافكا عن نيته عدم حرقها) وما الذي سنقوله عن كافكا، عندما نعلم انه كان قد أعطى مخطوطات غيرها الى من يحبها، والتي قامت باحراقها؟ ويبدو ان امر قراءة تلك القصص بدون التفكير في تراث كافكا ومكانته في المستقبل.
وان فكرنا لو ان برود قد قام فعلاً بتنفيذ رغبات كافكا الاخيرة؟ بالتأكيد فان رأينا في كافكا سيكون مختلفاً، وان اعماله لن تجد طريقاً لها الى مطبوعات (دار بنغوين ومجموعاتها الخاصة، او لربما لم نكن نسمع عن كافكا، اذ ان الشهرة الواسعة، تحتاج الى اعمال ضخمة وعدد من الروايات، حتى ان كانت غير مكتملة).
ويقول الناقد هوفمان (بلا شك، اننا بدون “المحاكمة” لم نكن نسمع عن كافكا، وكذلك الأمر مع “القلعة” و “اميركا”، ولكن ما سيخلد من اعماله “المسخ” و “مستعمرة بينال” لانهما تتركان اثراً في النفوس).
ان اولى القصص التي توفرت لدى “بنغوين” تلك التي طبعت في عام 1913، تحت عنوان “تأملات” وكان من الممكن نسيانها بسهولة، ان كانت تشكل كافة نتاجاته الادبية، وعندما طبعت الروايات، اسهمت في تأكيد اسمه.
وفي الوقت الحاضر، قد تثير تلك القصص إعجاب القراء، اولئك الذين قرأوا رواياته، اذ كان من غير المتوقع من كاتب “المحاكمة” ان يكتب ايضاً عن امور صغيرة: رغبة للغناء في الجبال،/ أو اخذ الفرشاة من المرأة، أو الرغبة في القفز عالياً عن ظهر حصان، كما يفعل الهنود الحمر.
ويقول الناقد هوفمان مضيفاً: (من غير الممكن قراءة كافكا مع العزلة عن المستقبل، ولم يكن القارئ قادراً على قراءة أعماله ولنتصور لو اننا قرأنا كافكا في معزل عن المستقبل، تخيل ان قرأنا “المسخ” و “مستعمرة بينال” عندما كتبها كافكا في عامي (1913 – 1914) وقبل اندلاع الحرب العالمية الاولى).
ويضيف هوفمان، ان مجلة الاتلانتيك نشرت قبل عدة اعوام، انه امر مثير للضحك ان انكرنا عظمة كافكا، وقد وصل الى نتيجة تقول “وجد (كافكا) الحياة كئيبة ومعقدة ومثبطة للهمّة، وغير ممتعة في معظم الاحيان، وكذلك وصفها في أعماله الأدبية”.
وسمعة كافكا ارتفعت بشدة بما بدا للقارئ تنبؤاته “عن فظاعة حكم كل من هتلر وستالين واعمالهما الجنونية – وتنبئه بالاعمال الوحشية وحكمهما البيروقراطي.
وقد تبدو قراءات مثل تلك غريبة بطبيعة الحال، وقد كتبها في الوقت الذي لم يكن فيه هتلر قد وصل مرتبة (العريف في الجيش).
وهناك اعمال اخرى لكافكا تبين مدى تعمقه في فهم التيارات الشعبية، وكيف رأى الى اين يتجه المد ومدى عمق افكاره، قبل ان يشاهد بيروقراطية القرن العشرين، كان فرانز كافكا متنبئاً يرى المستقبل، وأين يتجه التيار.
ان مثل هذه القراءات تبدو غريبة، وهناك اعمال له تشير الى مدى تعمقه في الحياة العامة للناس.
ولو قرأنا رواية “المسخ” لادركنا انها تتحدث عن قصة سلالة أو كراهية النفس، او بوضوح اكثر ان يدرك المرء انه مكروه من قبل المحيطين به، وهي ايضاً عن ديناميكية العائلة، وعن شق الطريق في الحياة. ان الميزة الاساسية تبقى مرتبطة بقصص كافكا، دون فصلها عما سيحدث بعدئذ.
وكان كافكا قد وصف بيكاسو: (انه ببساطة يسجل التشوهات التي لم تصبح جلية في ضمائرنا، والفن مرآة توجه الى الطريق مثل الساعة – في بعض الأوقات).
_________
 عن: الديلي تيلغراف/المدى 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *