*محمد العامري
( ثقافات )
كلما تأملنا العلاقة العاطفية بين الاردنيين والعراقيين وجدنا وحدة النبض والمصير كما لو اننا نشرب من نبع واحد هو الحياة ، أن تقوم صالة اثر للفنون بإقامة معرضها المميز في عمان غاليري الاورفلي لثلة من الفنانين العراقيين الذين فتحوا مناخات التجريب في الفن العراقي عبر تنوع الافكار والتقنيات والمواضيع المطروحة وسبل تنفيذها.
لقد استطاع السيد زناد صاحب صالة اثر ان يناكف الفوضى التي حصلت بعد سقوط الحكم في بغداد من خلال احتفاظه بدرر من الفن العراقي والذهاب بها الى باريس حيث يقيم ، انها المسؤولية الثقافية التي تحتم على صالة اثر ان تقبض على تلك الذاكرة التي تشكل وثيقة بصرية مهمة في تاريخ الفن لعراقي والعربي بوجه عام .
فما سيتقدمه صالة اثر في عمان التي تجاور بغداد هو إشارة إلى حجم مسؤولية الأثر الثقافي الذي سيحدثه المعرض عبر توصيفات النقاد والدارسين الى جانب انه سيكون بمثابة تواصل بين الاجيال عامة في الاحتكاك المباشر مع اعمال لم يسبق لها ان عرضت ، واعتقد ان هذا المعرض المشترك لكل من الفنانين فائق حسن وشاكر حسن آل سعيد واسماعيل هو حدث ثقافي بمعنى الكلمة.
وحين نتورط في توصيف العاطفة التي تحيط بالأعمال من قبل مالكها ندرك تماما مسؤولية وامانة السيد زناد في اشاعة الثقافة والفعل الجمالي على جميع الصعد واتاحة الفرصة لنا في محاورة تلك الاعمال التي تشكل ندرة من نوع خاص حيث سنشاهد مثلا اعمالا دراسية للفنان فائق حسن واسماعيل الترك وكذلك ال سعيد ، اضافة الى ذلك ستقدم الاعمال صدمة معرفية لما عرف به الفنانين المشاركين كون الاعمال تقدم في مجملها انماطا تختلف عن ما عرف به الفنان .
فالفن العراقي لما يمتلكه من حضور قوي في الساحة العربية عبر الافكار المطروحة في الفكر الجمالي والسياسي الى جانب المهنية والتقنية والاداء العالي ، فهي الفرصة الاكثر اثارة وتشوقا في تحبير تلك الذاكرة عبر مسيرة هؤلاء الفنانين ، فهم يشكلون مقطعا مهما من مساحة التشكيل العربي عامة والعراقي خاصة .
فالفنان محمد زناد يشكلاحد النماذج العربية في اقتناء العمل الفني وتوثيقه وتعريضه للجمهور لإعطاء الفرصة الامثل لحياة العمل الفني على الجدار واعادة قراءته ومن باب اثارة الاسئلة الخاصة بمسار اللوحة العربية المعاصرة .
فمثل هذه الانشطة تشكل اذرعا حقيقية للمؤسسات الرسمية بل تتجاوزها في كثير من الاحيان عبر حرفية الخيار الثقافي البعيد عن الادلجة .
فهي تسهم في إشاعة الفعل الثقافي والجمالي على حد سواء، والذي ينعكس بالتالي على طبيعة السلوك الانساني بشكله الإيجابي الخلاق.
ان هذا المعرض يشكل تجربة مهمة في الحفاظ على الذاكرة الثقافية العراقية والتي هي جزء من تاريخ الثقافة العربية التي تعرضت في كثير من الاحيان للتزييف والتغييب .
ان التجاور الثقافي بل التقاطع بين الثقافة الاردنية والعراقية يعتبر وحدة حال حين انقطعت السبل كان الاردن البوابة الحقيقية للفعل الثقافي العراقي والذي لم يزل تأثيره بائنا في الثقافة الاردنية خاصة في مجالات التشكيل .
كان من الممكن ان تحتضن بغداد هذا الحدث المهم لكن ما يحدث الان لا يسمح بذلك فالجغرافيا التي خرجت منها اللوحات اصبحت اكثر غربة على المنجز نفسه وعمان استعدت لأن تحتضن رسامي بغداد وانشطتهم الكبيرة ولم تزل كذلك وها نحن امام تجربة متفردة سيكون لها أكبر الاثر في نفوس الاردنيين .
يستمر المعرض لغاية 27/11/2014